إقرأ أيضاالرئيسيةسناك ساخرقد يهمكيوميات مواطن

المصرف التجاري السوري في اللاذقية وتقاذف المراجعين

دخل شاب أنيق إلى المصرف التجاري السوري في اللاذقية فرع 1 يريد أن يضع في بطاقة الصرافة خاصته مبلغاً من المال حتى يتسنى له تحويله إلى الجامعة الافتراضية السورية التي يدرس الماجستير فيها، فالجامعة السورية الحديثة الطراز لا تقبل الدفع مباشرة أو الوضع في حسابها بالمصرف وإنما تشترط على الطالب أن يحول المبلغ تحويلاً من بطاقة الصراف.

على باب المصرف المجاور لمستشفى الأسد الجامعي وجد الشاب الأنيق موظف الاستقبال يجلس خلف مكتبٍ فبادره للسؤال عن الموظف الذي يلبي حاجته، فأشر له بيده على قرابة عشرة موظفين جميعهم مكلفين بهذه المهمة.

دخل الشاب ومازال محافظاً على الابتسامة الراقية التي اعتاد أن يستقبل بمثلها في مختلف المصارف الخاصة التي تعمل في البلاد، وصل “الأنيق” إلى أول موظف طلب منه أن يضع له النقود في البطاقة فقذفه إلى الموظف الذي يليه كذلك الذي يليه قذفه إلى موظفة في الجهة المقابلة، وعندما وصل إليها آزاحت نظاراتها عن وجهها وقالت له غاضبةً (روح رجاع لعند يلي بعتك).

الجامعي المهذب ظن الموظفة تمزح معه، فرد عليها قائلاً (هلا هذا مزح ولا جد)، فامتعض منه الامتعاض الشديد وقالت له بعد أن فتحت عينيها ورفعت أنفها للأعلى (يالله روح لعند الموظف هداك).

عاد الشاب بعد أن سلبت منه الموظفة الحكومية ابتسامته واتجه إلى الموظف الذي كان قد لجأ له أولاً، فزوره زورةً تشبه حرنة الحصان في المضمار، وانقض عليه قائلا (انا ماقلتلك روح لهنيك شو بدو شرح هالحكي يعني ماعم تفهمه).

خجل الدكتور المستقبلي من نفسه وهو يقذف تارةً إلى هنا وتارةً أخرى إلى هناك بينما كل موظف يجلس على كرسيه وأمامه مراجع واحد فقط وبعضهم بلا مراجعين وأغلب الظن أنهم يجلسون على شاشات الحاسوب يتابعون صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ويكتبون بوستات عن الوطن والوطنية والفساد والفاسدين وضرورة القضاء على الإرهابيين، في وقت هم فيه يقضون على ابتسامات المراجعين.

أحد المراجعين المقذوفين في المصرف التجاري السوري قبل دقائق نصح صديقنا بأن يدخل إلى المدير “إياد” لكي يشرح له ماحدث معه وهو من موقعه سيحل المشكلة، فماكان منه إلا أن دخل إلى المدير الذي يجلس خلف موظفيه ويرى بعينه مايحدث، تفاجأ بدايةً بأن هذا الشخص هو المسؤول عن جميع الموظفين الذين أمامه، لكنه تحاوز المفاجأة وشرح له حاجته لكن الأخير لم يعلق على موضوع القذف ولا على المشكلة وأرسله إلى كوة محددة.

اقرأ أيضاً: غرامات تأخير: أول طلب لمؤسسة الكهرباء من المواطنين العائدين من التهجير

ذهب المواطن المقذوف إلى الموظفة التي وجهه باتجاهها المدير، ألقى عليها التحية وطلب منها قضاء حاجته، فردت عليه بأن يذهب إلى الموظفين في الجهة المقابلة وأكدت له أنها رأته قبل قليل عندما طلب من الموظفة المجاورة لها تلبية حاجته وأرسلته هي أيضاً إلى الجهة المقابلة، فأعلمها أن المدير هو من أرسلها له، فردت عليه بأنه ليس لديها آلة عد النقود، فقال المراجع المغلوب على أمره أنه مستعد لعد المبلغ أمامها مشيراً إلى أنه أقل من 100 ألف ليرة سورية وليس صعباً عده.

لبت الموظفة كارهةً رغبة المراجع الذي حاول التودد لها كثيراً حتى لا تعطل عليه فهذا هو اليوم الأخير للدفع وإن تأخر في التحويل سيخسر جامعته.

خلال وقوفه بانتظار قضاء حاجته كان مقذوفنا يتابع حديثاً بين موظفتين يبدو عليهن أنهن في منصب جيد بالمصرف، وهن يتبادلن الحديث عن البحر و”البرونزاج” وكان بوده أن يدخل معهن بالحديثة ليعلمهن أن واحدةً منهن قد علّمت عليها آثار البحر أكثر من الأخرى لكنه خاف أن تقذفه الثانية خارج المصرف الذي يرتبط وجوده بوجود المواطن المراجع.

أنهى الشاب عمله وعاد إلى المدير المسؤول “إياد” وتشكره لأنه أرسله إلى موظفة محددة لكي تيسر له أموره، ومن ثم قال لها بلطف شديد:”يا أستاذ إياد من المعيب أن يتقاذفني الموظفون بهذه الطريق وكأنني كرة”، تغيرت معالم وجه المدير الذي لم يعلق بأي كلمة وإنما نظر للمراجع وهز برأسه والتفت لحاسوبه دون أن يكلف نفسه أي عناء قاذفاً المراجع خارج المصرف بنظرةٍ واحدة.

في طريق الخروج كان الفتى يقذف الكلام الرذيل من فمه على هؤلاء الموظفين الذين تقاذفوه كالكرة لأنهم لايريدون أن يعملوا أو لأن هناك خلافات بينهم، وبعد أن وصل إلى خارج المصرف راح يتذكر مصطلحات الأمبريالية والصهيونية والإرهاب والاشتراكية ومكافحة الفساد والكرامة …. وبدأ يفكر ماذا كان معناها.!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى