الرئيسيةسناك ساخن

سوريا… حكم بسجن رئيس جامعة وأمين فرع حزب بسبب سوء استخدام السلطة

شبهات فساد في جامعة البعث.. القضاء يتدخل فهل تُعالج المشكلات؟

شبهات فساد في جامعة البعث. شهدت أروقة القضاء في سوريا حكماً بسجن رئيس جامعة البعث في حمص وأمين فرع الحزب في الجامعة بتهمة “سوء استخدام السلطة”.

سناك سوري – بلال سليطين

أصدر قاضي محكمة بداية الجزاء الثانية في حمص حكماً  بسجن رئيس جامعة البعث في حمص “عبد الباسط الخطيب”. وأمين فرع حزب البعث في الجامعة “فائق شدود” وذلك بتهمة “إساءة استعمال سلطة” والمعاقب عليه بموجب المادة 361 من قانون العقوبات العامة.

الحكم عائد للشهر العاشر من العام 2023 /قرار426- أساس 480/ أي أنّه مضى عليه قرابة ثلاثة أشهر حتى اليوم. وهو ناتج عن دعوى تقدم بها دكتور في كلية العلوم الصحية “ابراهيم صافيتا”.  وقد تم تشميله بالعفو العام الصادر مؤخراً وبالتالي تم وقف عقوبة السجن لكن الحكم يبقى قراراً قضائيا ويؤخذ به بالمسار الوظيفي لو تم تشميله بالعفو.

ملف الدعوى طويل وفيه قرابة 10 صفحات كاملة حصل “سناك سوري” على نسخ منها عبر مصدر في وزارة العدل. وقد راجع معد التقرير هذه الملفات مع عدة مصادر في وزارة العدل فضلت عدم ذكر اسمها وتحدثت هذه المصادر باعتزاز شديد بهذا الحكم الصادر عن القضاء في حمص. واعتبرته دليلاً من وجهة نظرها على “استقلال القضاء” ومحاسبة حتى قيادات الحزب الحاكم ورؤساء الجامعات عندما تصل القضايا إلى قصر العدل.

شبهات فساد في جامعة البعث .. دعوى إساءة استعمال سلطة.. أبطالها “رئيس جامعة، أمين فرع حزب” و”عميد كلية”

في التفاصيل فإن “صافيتا” تقدم بشكوى أمام محكمة الجزاء الثانية في حمص يشير إلى أن “شخصاً” عرض عليه رشوة لكي تنجح خطيبته في المقرر الذي يدرّسه. فأبلغ “صافيتا” إدارة الجامعة والجهات المعنية بالحادثة بتعرضه لمحاولة رشوة.

وبحسب ماجاء في ضبط شرطة مرفق بالقضية فإن الشاب الذي عرض الرشوة قال أمام التحقيق:« إنه كان بمهمة حزبية».

استعان القضاء بالعديد من الشهود في القضية وقد شهد العديد منهم ضد أمين فرع حزب البعث بالجامعة. ووجهت له اتهامات بالتدخل في عمل الجامعة ومخالفة الدستور والنظام الداخلي للجامعة وذلك في أول شهادة ضمن نص القرار.

بينما جاء في شهادة أخرى أن أمين فرع الحزب تدخل بغير اختصاصه وألغى قراراً صادراً عن مجلس البحث العلمي في الجامعة.

وأشار الشاهد وهو دكتور جامعي أن هذه الحادثة لو وقعت في أية جامعة عالمية لكانت حديث العالم. نظراً لتدخل أمين فرع الحزب بالقضايا العلمية والشؤون الإدارية.

القضية مثيرة بالتفاصيل، وحملت شهادات الشهود اتهامات كبيرة حول أداء فرع الحزب ورئاسة الجامعة أبزرها اتهامات وجهت لهم ضمن شهادات مذكورة في محضر القضية وجلسة الحكم. ومنها جملة شهادات كلها تتحدث عن أنها تشوية سمعة أساتذة جامعيين لمنعهم من تولي مناصب في كلياتهم. بينما كان بين الشهادات من تناول التقصير بالأداء الوظيفي من قبل إدارة الجامعة وتعريض الطلاب للخطر إضافة لذكر مخالفات مالية.

رئيس الجامعة “عبد الباسط الخطيب” كان قد كشف في نهاية عام 2020 عن إحالة 3 أساتذة إلى مجلس تأديب، الأول من كلية الهندسة المعمارية والآخر من كلية العلوم الصحية والثالث من كلية الهندسة الكيميائية والبترولية.

وعن سبب إحالة الأساتذة، قال “الخطيب” أنه يعود لمخالفات وتلاعب بالدفاتر الامتحانية لقاء منافع شخصية مادية أو عينية.

والقضية المشار لها أعلاه هي إحدى القضايا التي ذكرها “الخطيب” في حديثه أعلاه. علماً أن المحكمة الإدارية العليا أقرت في النهاية الاستمرار في فصل “صافيتا” من الجامعة. رغم حصوله على حكم ضد رئيسها وأمين فرعها.

وفاة طالبة في الجامعة .. اشتباه بالقتل

القضية بدأت بادعاء قدمه دكتور في كلية العلوم الصحية حول إساءة استعمال السلطة. لكن على مايبدو أن الشهود الذين تمت دعوتهم للمشاركة في هذه الدعوى فتحوا الباب واسعاً أمام الاتهامات. وصل بعضها حدّ إدخال حادثة وفاة طالبة في السكن الجامعي ضمن القضية. حيث شهد شقيقها في المحكمة وتحدث عن احتمالية قتلها لأنها امتلكت معلومة ما قبل وفاتها. وقام بتشبيه الأحداث في الجامعة بأحداث مسلسل كسر عظم.

الملف وشهادات الشهود تثير الكثير من الشبهات حول ما يجري في جامعة البعث وتستدعي فتح تحقيق موسع من قبل لجنة تحقيق مختصة ومستقلة. حيث تشير إحدى الشهادات المذكورة في نص الحكم الصادر عن القضاء السوري في حمص أن القرارات في الجامعة تؤخذ لغايات شخصية وكيدية ويتم إبعاد الكوادر العلمية عن الجامعة وتخريبها.

وتذهب الاتهامات مباشرة إلى رئيس الجامعة وأمين فرع الحزب فيها عن هذه المشكلات. علماً أن هذه شهادة لدكتور في الجامعة وكل الشهادات جاءت بعد حلف اليمين كما يقول نص القرار القضائي الذي حصلنا عليه.

اللافت في هذه الدعوى التي تم النظر بها على مدى عدة أشهر أن أمين فرع الحزب المدعى عليه ورئيس الجامعة المدعى عليه أيضاً لم يحضرا أياً من جلساتها. بينما حضرها عميد كلية العلوم الصحية “حازم دهمان” فقط والذي حصل على الأسباب المخففة التقديرية أثناء النطق بالحكم وذلك لحضوره الجلسات. بينما منعت الأسباب المخففة التقديرية عن رئيس الجامعة وأمين فرع الحزب فيها.

القضاء مرة أخرى يتدخل في جامعة البعث.. إلغاء قرار مجلس تأديبي

حكم آخر مثير للاهتمام في جامعة البعث صدر أيضاً شهر 10 من عام 2023 يتمثل بإلغاء القرار رقم 6 الصادر عن مجلس التأديب في جامعة البعث بحق دكتور في الجامعة بالقضية رقم “11”.

حيث حكمت المحكمة الإدارية العليا في سوريا بالدعوة التي رفعها الدكتور “علي” ضد رئيس الجامعة بصفته الوظيفية (709/1/ع). وأقرّت المحكمة بعدم مسؤولية الدكتور عما نسب إليه من أفعال. وإنهاء مفعول قرار الاستمرار بإيقاف المذكور عن العمل احتياطياً.

وقد جاء في الشواهد بالقضية التي تمت تبرئة الدكتور “علي” منها أن المجلس التأديبي الذي شكلته الجامعة وحكم بإيقافه عن العمل:«اجتزأ اعترافات طرف مهم بالقضية». وهي موظفة متهمة بتزوير الأوراق الامتحانية كانت قد اعترفت أنها عملت على مساعدة الطلاب في هذه المادة عن طريق إضافة اجابات على الأوراق الامتحانية.

القضاء يرفض تهم المجلس التأديبي للدكتور  “بسام” في جامعة البعث

الحكم الثالث الذي تدخل فيه القضاء ضد الجامعة. هو إبطال قرار المجلس التأديبي بالقضية /أساس 1520- قرار 495/ لعام 2023 في جامعة البعث بمحافظة حمص. والذي اتُهِم فيه عضو هيئة تدريسية بتلقي رشوى مقابل النجاح بمادة التصميم المعماري 2 سنة رابعة.
حيث أحيلت القضية من قبل الجامعة للقضاء لإدانة الدكتور المتهم بجرم جنائي متثمل “بإنجاح طلاب مقابل منفعة”. لكن المحكمة الإدارية العليا التي تخاصم المتهمون أمامها بداية حولت القضية إلى النيابة العامة في حمص والتي حولتها إلى قاضي التحقيق في عدلية حمص والذي بدوره أصدر القرار 495 لعام 2023.

ويتضمن قرار قاضي التحقيق أن حكم المحكمة الإدارية العليا استند إلى شهادة شاهدتين إحداهما قالت بشكل مباشر أن المدعى عليه لم يقبل منها أي هدية. بينما شهادة الشاهدة الثانية قائمة على أنها سمعت بأن المدعى عليه يساعد الطلاب مقابل مبلغ مادي أو هدية.

وجاء في القرار الصادر عن قاضي التحقيق “منع محاكمة الدكتور “بسام” عن جرم الرشوة. وأُبلِغ القرار لجامعة البعث أصولاً.

وضع الجامعة يثير التساؤلات.. هل مجالس التأديب مستقلة؟

تعيش جامعة البعث حالياً حالة من التساؤلات والشكوك الداخلية حول قرارات مجالس التأديب واستقلاليتها وأحاديث متكررة عن شبهات فساد في جامعة البعث. وتأتي الشكوك بعد عدة أحكام صادرة عن القضاء السوري تشير إلى وجود خلل في هذه القرارات. أو وجود اختلاف بالإدانة بين قرارات المجالس التأديبية وقرارات القضاء السوري.

ويقول أستاذ جامعي فضل عدم الكشف اسمه لـ “سناك سوري” إنه:« يجب مراجعة المصادر التي تستند إليها المجالس التأديبية في القرارات المتعلقة بتعليق عمل الأساتذة أو فصلهم». إضافة لمراجعة آلية تشكيل هذه المجالس وعضويتها بحيث لا يكون هناك أية علاقة بين فرع الحزب ورئاسة الجامعة وتشكيل هذه المجالس.

ويشير أستاذ جامعي آخر تحدثنا معه إلى أنه في حال مخالفة الأستاذ الجامعي أو الاشتباه بوجود خطأ في سلوكه. يتم تعليق عمله أو معاقبته. بينما الأمر لا يستوي مع رئيس الجامعة وأمين فرع الحزب فيها واللذين صدرت بحقهما أحكام قضائية وما زالا على رأس عملهما دون أن يتم تعليق عملهما أو إقالتهما.

على الجانب الآخر وبالرغم من الإدانة القضائية وجدل قرارات مجالس التأديب فإن رئاسة الجامعة وفرع الحزب يقولان إنهما يصححان مسار الجامعة. ويعالجان أخطاء سلوكية ارتكبها أساتذة جامعيون. ويقول مصدر في رئاسة الجامعة طلب عدم ذكر اسمه إنه لا يوجد أي تحامل على الأساتذة الذين تم فصلهم أو معاقبتهم. وإنما هناك شكاوى جاءت بحقهم وشبهات أثيرت حولهم تم التحقق منها بطريقة الجامعة وعوقبوا على هذا الأساس. وأنه لا يوجد أي شبهات فساد في جامعة البعث ولا في القرارات الصادرة عن رئاسة الجامعة وفرع الحزب.

مطالب بمحاكمة عادلة.. وإعادة النظر

بالعودة إلى السياق الرئيسي للقضية فإن جامعة البعث أصدرت قرارات بمعاقبة وفصل عدد من الأساتذة الجامعيين. بسبب ما تقول المصادر الرسمية التي تحدثنا معها قيامهم بأفعال تستحق العقوبة.

بينما في المقابل ذهب الأساتذة المعاقبون والمفصولون للقضاء وحصلوا على أحكام بمعظمها تشير إلى وجود خلل في تعاطي مجالس التأديب مع قضاياهم. واستنادها أحياناً إلى شهادات مرتبكة وغير قاطعة أو حاسمة بالقضية.

وبعض هؤلاء ذهب أبعد من ذلك للادعاء على رئاسة الجامعة وفرع الحزب وقد نجحوا عبر القضاء في إدانتهما. وبالتالي تحول الخصم هنا إلى حكم كما يقول هؤلاء الأساتذة.

القضية تزداد تفاعلاً كل يوم وتخلق خوفاً وقلقاً على المسار التعليمي في جامعة البعث. وسط إصرار الجامعة على صحة قراراتها والتي أيد بعضها مجلس الدولة. وإصرار الأساتذة المدانين على أنهم لم يحظوا بمحاكمة عادلة ومطالبتهم بأن يتم النظر في قضايا فصلهم أمام جهات محايدة. وأن تعلق مهام رئيس الجامعة وأمين فرع الحزب لحين انتهاء إعادة التحقيق في قضاياهم حتى يكون هناك مساواة بين المتهمين حسب تعبيره.

عديدة هي قضايا الفساد أمام القضاء السوري

تأتي هذه القضية في ظل فتح عشرات ملفات الفساد في سوريا ربما أبرزها قضية “محافظ اللاذقية” الذي قرر القضاء إيقافه ومحاكته بتهم فساد. وغيرها العديد من القضايا ذات المستوى العالي التي يتنظر لها القضاء السوري ضمن إطار محاربة الفساد في المؤسسات العامة. ويرى كثيرون أن هذه القضايا في جامعة البعث تحتاج أن تفتح في إطار تحقيق مخصص بالجامعة يكشف ما يخفى. ويصحح الأمور بحيث تتم تبرئة من هو بريء ومحاكمة من هو مذنب. حيث أن سياق القضايا الحالية المنفصل عن بعضه البعض يجعل من الصعب الإحاطة بملف الجامعة ككل.

وهو ما يدعو لفتح ملف خاص بالجامعة وإنهاء القضايا كلها ضمنه. خصوصاً أنه بالوضع الحالي لايمكن معرفة المتهم من البريء لكن يمكن إدارك الطريق نحو المعرفة وهو “فتح ملف الجامعة وقضاياها في إطار تحقيق خاص”. إما يزيل شبهات الفساد في جامعة البعث أو يثبتها ويحول مرتكبيها إلى القضاء المختص للمحاسبة.

وأنتم ما رأيكم بهذه القضية وهل ستؤثر على العملية التعليمية في جامعة البعث؟

 

الحكم بسجن رئيس جامعة وأمين فرع حزب

زر الذهاب إلى الأعلى