الرئيسيةيوميات مواطن

السويداء: حفر الصرف الصحي تهدد حياة المواطنين وتُحدِث أزمة اجتماعية بين الأهالي

اعتاد الأهالي على رائحة الصرف الصحي حتى أصبحوا غير قادرين على تمييزها فهم يعيشون معها منذ 10 سنوات

سناك سوري – رهان حبيب

في قرية “مردك” بريف السويداء لابد من التذكير أننا في القرن الواحد والعشرين لأنك بكل بساطة بحاجة لمهارة القفز فوق سيول مياه الصرف الصحي التي تفيض لتلوث الأرض والجو.

هنا أصبح الناس غير قادرين على تمييز رائحة الصرف الصحي من الهواء الذي يستنشقونه، فقد مضى عليهم قرابة 10 سنوات وهم يشمون هذه الرائحة في الأحياء والأزقة والأراضي الزراعية للقرية كل يوم وكل ساعة حتى اعتادت عليها حواسهم ولم تعد تميزها، وحدها العين مازالت قادرة على التمييز وعكس حالة القرف التي يتسبب بها وجود سيول الصرف الصحي في القرية.

تصف “روضة الشحف” مديرة المدرسة الاعدادية المشهد لـ سناك سوري وتقول:«يضطر طلابي للوصول إلى المدرسة للعبور فوق سيول المياه المالحة التي يضطر الأهالي لتصريفها في معظم أيام الأسبوع على الطرقات أو الأراضي الزراعية، كون الحفر الفنية باتت قديمة ومشروع الصرف الصحي لم يرى النور بعد، أحذيتهم تلوث المكان هذا إذا لم تنزلق رجل طفل ويسقط في هذه المياه».

المديرة اشتكت من مسببات التلوث التي أرهقت المدرسة والأهالي وانعكست على أراضي القرية وعلى طرقاتها والأخطر على ينابيعها التي تنتشر في القرية، وكانت مصدر إروائها في عصور قديمة، فقد اشتهرت القرية بينابيعها وآبارها الحجرية المؤهلة للاستخدام من عصور حضارات مرت على المنطقة .

وتضيف: «بنتيجة التحليل فإن نسبة التلوث لمياه النبع المتوضع في باحة منزلي تجاوزت التسعين بالمئة، وباتت مصدر تلوث إضافي، فقد امتزجت مياهه بمياه الصرف الصحي بفعل تسربها إلى المياه الجوفية وأحواض الينابيع الحجرية القديمة بسبب الميول ونفوذية التربة، لنخسر أحد موارد المياه العذبة التي روتنا لعقود طويلة فهذا النبع واحد من عشرة آبار تنتشر على مساحة القرية، خدمت أهاليها على مر العصور ولم تجف رغم سنوات  القحط».

تلوث عمره أكثر من عشر سنوات

الينابيع التي تحدثت عنها المديرة سبق لنا أن زرناها في العام 2009 وتم إقفالها من قبل الأهالي للتخفيف قدر الممكن من آثار التلوث كونها لم تعد صالحة، وكانت الوعود الحكومية بعد مطالبة الأهالي بالحل في حينها أن مشروع الصرف سينطلق بعد إنجاز الدراسات لمحاصرة التلوث، وبقيت الوعود سليمة معافاة في مكانها وأهالي القرية أوضاعهم من سيء لأسوء إضافة لخلافات كبيرة بين الأهالي بفعل قرب الحفر الفنية من المنازل الذي بات مصدر خلافات لا يمكن حلها إلا بتأمين بديل للصرف الصحي.(تخيل أنك مختلف مع جارك وربما متخاصمين، ويأتي أحد ليسألك ماهو السبب، هل تستطيع أن تقول له أن حفرة الصرف الصحي الخاصة بمنزلي تفيض على منزل جاري، وليس لدي أي بديل عنها ولا حل في ظل عدم وجود شبكة صرف صحي في القرية؟).

رئيس مجلس بلدة “مردك” “نمير الشحف” الذي استلم مهامه مؤخراً يعيد التذكير بالكتب والمطالبات التي تمت من قبل الأهالي والعجز الواضح بالمعالجة ليبقى المشروع الموعود في الأدراج ولا خطوات حقيقة تنذر باقتراب الحل، مؤكدا أن المشكلة أحد أهم دوافعه للعمل والمتابعة، كون التلوث تجاوز حدود التحمل والسؤال لماذا التأخير بإطلاق المشروع في الوقت الذي باتت معظم قرى المحافظة مخدمة بمشاريع الصرف نافياً حجة العجر المادي والظروف التي تمر بها “سوريا” .

وقال: آخر ما توصلنا إليه من معلومات تفيد أن مشروع الصرف في قريتنا يتبع لشبكة الصرف لمشروع السكن الشبابي شرق قرية “سليم” القريبة منا ووفق المصادر سيكون التطبيق على مراحل تبعاً للطبيعة الجغرافية للمنطقة، لكننا كهيئة محلية نضع هذه المعلومات ضمن التبريرات غير الموثقة وأن المشروع لم يخرج من الأدراج، وحالة الإهمال واضحة ولنا أمل مع بداية الدورة للمجالس المحلية أن يكون التفاعل أكثر جدوى ونتمكن من تحقيق خطوة في إطار تنفيذ المشروع الذي يصح تسميته بالمشروع الحلم.

يبدو أن نسب التلوث التي أظهرتها عينات من التربة والمياه عدا عن تلوث الأجواء وانتشار الحشرات صيف شتاء لم تقدم المبرر الحقيقي والداعم لانطلاق المشروع ويبدو أن شهية المطالبة عند الأهالي انخفضت بفعل الملل من كثرة تكرارها على مسامع المختصين ليبقى الحال على ما هو عليه، ويبقى على الأهالي فعل بسيط يجدر بهم القيام به والتعود على الواقع والقبول به فما الضير بتعليم الأطفال طرق القفز عن السيول؟ وما المانع من ارتداء الكمامات؟ وما المشكلة بتلويث آبار أثرية حجرية وخروجها من الخدمة؟ وبطريقهم عزل جدران المنازل من الداخل والخارج كلها مهام على المواطن الصالح القيام بها لعشرة أو عشرين سنة قادمة حسب التساهيل “معليش يعني إلي شرب البحر ما بغص بالساقية”.

اقرأ أيضاً: نفايات صناعيي “السويداء” تؤرق سكانها… والبلدية تشكو نقص العمال والآليات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى