سناك سوري-رامي أبو اسماعيل
يستدعي “أبو هشام” وهو أحد أهالي السويداء بناته صباح كل يوم قبل خروجهن للعمل البعيد عن المدينة “10 كم”, للتأكد من جاهزية أسلحتهن الفردية المتمثلة بعصا كهربائية يمكنها شل الخاطف الافتراضي لأكثر من نصف ساعة.
يقول الرجل الستيني: «أحزن على هذا الوضع الذي أصبحنا فيه, ولكن لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي, آمل أن تكون العصا الكهربائية فاعلة هذه الأيام في ظل فقدان أولئك المجرمين احساسهم وشرفهم»، يضيف مازحاً: «أتفقد كل يوم بطارية العصا وأضعها على الشحن، عمل بناتي بعيد عن مركز المدينة وأخشى عليهن من ما قد يحدث».
اجراء “أبو هشام” ضروري جداً أمام تصاعد عمليات الخطف والسرقة في محافظة السويداء خلال السنوات الماضية, والتي وصلت ذروتها العام الجاري ما شكل تهديداً حقيقياً على السلم الأهلي في محافظة من المفترض أن تكون من المناطق الأكثر أماناً في البلاد، فقد تم رصد 64 حالة خطف خلال شهر آب
الماضي بزيادة 17 حالة خطف عن شهر تموز السابق بحسب ما أعلن عن عدد المختطفين، بالإضافة لسرقة أكثر من 30 سيارة بمعدل سيارة كل يوم بحسب ناشطين مدنيين، لعل غياب دور مؤسسات الدولة وانشغال “المسائيل” بحفلات ومهرجانات المناسبات الحزبية والوطنية, جعل الأهالي يأخذون على عاتقهم مهمة حماية أنفسهم وممتلكاتهم بطرق بسيطة تماشي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.
“نادر” هو أحد المواطنين الذين لجئوا للكلاب البوليسية لحماية سيارته وبيته الواقع على أطراف المدينة من السرقة, فبحسب رأيه أجهزة الإنذار يمكن تعطيلها، ويضيف لـ “سناك سوري”: «كلفتني الكلاب مبلغاً مادياً بسيط, ولكن ليست خسارة فانا أنام قرير العين ليلاً، فالكلاب ستنبهني ليلاً عند حدوث أي خطر، وإذا تم إطلاق النار عليها بكاتم صوت فلا حول ولا قوة إلا بالله».
ورغم كل الخطط الوقائية السابق ذكرها والتي اتخذها الأهالي، بالإضافة لانتشار السلاح الفردي بين الشباب بهدف الحماية الشخصية، إلا أنها حلول لم تفلح في الحد من ظاهرة الخطف، فبعض العائلات الكبيرة في “الجبل” والتي تعرض أفرادها للخطف مراراً وتكراراً، أنشأت صندوقاً لجمع التبرعات عُرف فيما بعد “صندوق الفدية”، ورغم أن الفكرة أقرب ما تكون للوحة في مسلسل “بقعة ضوء” إلا أنها وللأسف باتت أمراً واقعاً أمام كل هذا الانفلات الأمني في المدينة.
تخريمة الفوقا
تعيش قرى الريف الغربي في محافظة السويداء المحاذية لريف درعا الشرقي فلتاناً أمنياً كبيراً، استغله البعض من ضعاف النفوس داخل المحافظة وخارجها رغم محاربة الأهالي لهم، لتصبح منطقة يباع فيها كل ماهو مسروق ومستولى عليه، فيمكنك شراء سيارتك أو دراجتك المسروقة بنصف ثمنها بعد عدة أيام من سرقتها كحال “حازم” الذي استعاد سيارته من ريف درعا الشرقي بمبلغ 3 مليون بواسطة “فاعل خير”.
يقول “حازم”: «بعد يومين من تعرضي للسرقة غامرت بالذهاب لإحدى القرى في الريف الغربي للسؤال عن سيارتي، فقادتني المعلومات إلى شخص يعرف كل شيء بحسب أهالي المنطقة، وبالفعل عندما ذكرت له يوم السرقة ونوع السيارة، وعدني أن تعود السيارة ولكن بدفع مبلغ مادي مشيراً إلى أنها في درعا»، يضيف “حازم”: «بعد عدة أيام زرته ووجدت السيارة أمام المنزل استقبلني وقال “دفعت من جيبتي لجبتلك إياها”».
البحث عن الحسم
أبرز حالات الخطف كانت لممرضة تعمل في المشفى الوطني بالسويداء منتصف العام الجاري خطفت بعد عملها وانتهت القصة بعودة الفتاة وإلقاء القبض على الخاطفين وتسليمهم للقضاء، في حين أثارت حادثة اختطاف الفتاة “كاترين مزهر” التي فقدت منتصف شهر آب/2017 استياء الأهالي في المحافظة بما سببته من تداعيات خطيرة راح ضحيتها 3 أشخاص متهمين أعدموا على يد ذوي الفتاة، فيما لا تزال التحقيقات جارية في ظل الحديث عن أسماء مقربة من الحكومة قد تكون متورطة، هذا ما دعى مشيخة عقل طائفة الموحدون الدروز لزيارة وزير الدفاع والطلب منه الضرب بيد من حديد لإعادة الأمن للمحافظة.
في حين تختلف ردات الفعل بعد كل حالة خطف بين من يعتبرها تراخي أمني مقصود هدفه الضغط على أبناء المحافظة لإعادة هيبة الأمن والدولة بعد فترة من التمرد عاشتها المحافظة، وبين من يؤيد فكرة المؤامرة الخارجية التي تهدف لتفكيك النسيج السوري ودخول السويداء بدائرة الحرب السورية ومواجهة الدولة.
ستحمل الأيام القادمة تطورات كبيرة في ملف الخطف، قد يكون الحسم من قبل الدولة أحد الخيارات المطروحة ومما لا شك فيه يبقى وعي الأهالي وضبط النفوس الخيار الأفضل الذي يعول عليه.