تقاريرالرئيسيةحصاد سناك

سوريا 2025: خدمات متوفرة لكن على حساب جيب المواطن

انتقال العبء من الطوابير والانتظار إلى الفاتورة والدفع النقدي

لم يبدأ عام 2025 بالنسبة للسوريين في الأول من كانون الثاني، بل في الثامن من كانون الأول 2024، ليلة سقوط النظام، التي غيّرت إيقاع الحياة اليومية وطريقة التعامل مع القرارات. ومنذ تلك اللحظة، بدا العام امتداداً لأزمة خدمات مستمرة، شملت المياه والكهرباء والإنترنت والمحروقات والرواتب، بين وعود التحسين وواقع لم يغادر خانة العجز.

سناك سوري-داليا عبد الكريم

يمكن القول إن رفع سعر الخبز أحد أقسى القرارات التي اتخذتها الحكومة الجديدة، إذ فجأة وجد المواطن نفسه مضطراً لدفع 4000 ليرة ثمن ربطة خبز عوضاً عن 400 ليرة، ومن دون أي زيادة رواتب، إذ كانت الأخيرة حينها ماتزال على حالها عند نحو 300 ألف ليرة تقريباً.

ازدادت الأعباء مع تحرير سعر المحروقات، إذ ارتفع سعر المازوت من 2000 إلى 17 ألف ليرة، ومعه ارتفعت أجور المواصلات من 2000 إلى 15 ألف ليرة على سبيل المثال، قبل أن يتم تخفيضه لاحقاً إلى نحو 12 ألف ثم 9000 ليرة مؤخراً، ومعه تنخفض أجور النقل إلى 6000 ليرة تقريباً للباصات التي كانت أجرتها 2000 ليرة.

 

أما أسطوانة الغاز فقد ارتفعت من نحو 20 ألف ليرة إلى 200 ألف ليرة بعد التحرير، ولاحقاً انخفضت إلى 145 ألف ومؤخراً إلى 126 ألف ليرة، في حين لم يرتفع سعر البنزين كثيراً، إذ كان 11500 ليرة وبات 12 ألف ليرة تقريباً.

في الأثناء، ودع السوريون إلى الأبد (أو هكذا يأملون) البطاقة الذكية التي أرهقتهم وأثقلت عليهم، وبات كل شيئاً متوفراً بأي كمية دون انتظار رسالة، (بحال توافرت الأموال اللازمة للشراء!).

الرواتب.. تحقق نصف الوعد!

أطلقت حكومة “محمد البشير” وهي الأولى بعد سقوط النظام، وعوداً بزيادة رواتب بنسبة 400% كان من المفترض أن يحصل عليها الموظفون مع بداية 2025، لكن الوعد تأجل بذريعة إعادة الهيكلة، ولم يتم الإعلان عن الزيادة إلا شهر آب الفائت، وبنسبة 200% فقط على أن يتبعها زيادة جديدة مع بداية 2026 القادم (بعد عدة أيام).

وارتفعت الرواتب من نحو 350 ألف إلى نحو مليون ليرة، (وليس كما قال هداك المسؤول 450 و1600 دولار، على أمل الموظف يشوف هالأرقام العام القادم ويلي موعود مش محروم بالمناسبة).

الأدوية تنجو بس الإنترنت والكهربا لا

شكل العام 2025 الأول من نوعه منذ سنوات، الذي لم يتم فيه الإعلان عن أي رفع في سعر الأدوية التي حافظت على أسعارها “المرتفعة”، كذلك الحال بالنسبة لمعاينات الأطباء التي بقي أيضاً عند حدودها “المرتفعة” بين 50 إلى 150 ألف للمعاينة على الرغم من انخفاض الدولار من 15 ألف إلى 7000 ليرة قبل أن يرتفع مجدداً إلى نحو 11500 ليرة.

لكن الاتصالات “مالها علاقة بالدولار انخفاضاً بل طلوعاً فقط”، إذ على الرغم من وعود وزارة الاتصالات (أشي تحسين وأشي تخفيض)، أعلنت شركات الاتصالات الخلوية رفع سعر باقاتها (كم ضعف من طرف جيبة الأخ المواطن)، وبررت أنه لتحسين الخدمة التي (إنتوا قدروا وخبرونا إذا تحسنت) والباقة يلي كان سعرها 50 ألف صارت 135 ألف، ويلي كانت 150 ألف صارت أكتر من 300 ألف. وكلو لراحة الأخ المواطن طبعاً.

ومضت الأيام رتيبة “إلا من كم انتهاك من كل الأطراف”، حتى شهر تشرين الأول الذي صدم السوريين برفع سعر الكهرباء بس 600%، وكيلو الكهربا يلي كان بـ10 ليرات بات بـ600 ليرة، وكل ما يتجاوز استهلاك 300 كيلو، يصبح 1400 ليرة لكل كيلو “ينطح كيلو”.

كهرباء القنيطرة
صورة تعبيرية

بداية عام 2026 سيكون صادماً لكل مسؤول أو مسؤولة عن دفع فواتير الكهرباء المنزلية، ولا يخلو الأمر من كم شائعة من نمط (الحكومة رح ترأف بحال المواطن وتعطيه سنة كهربائية مدعومة).

رفع سعر الكهرباء تزامن مع تحسينها، إذ باتت تأتي بمعدل ساعتين كل 4 ساعات، وبات المواطن يصرخ “كرمال الله اقطعوها حاج”.

بالنسبة للمياه شهدت سوريا عموماً واحدة من أكثر السنوات جفافاً، ما أدى لتراجع ضخ المياه وتقنينها واضطرار كثير من المواطنين لشراء الصهاريج المكلفة، كما غابت مياه الري بشكل كبير ما أدى لتضرر المواسم الزراعية خصوصاً القمح المروي والشعير والخضروات في درعا والحمضيات في الساحل.

بين رفع الأسعار، وتحرير المواد، وتحسين جزئي لبعض الخدمات، يمكن القول إن عام 2025 لم يكن عام حلول خدمية بقدر ما كان عام إعادة تحميل المواطن كلفة الخدمات بشكل مباشر، لم تختفِ الأزمات، لكنها تغيّرت في شكلها، وانتقل العبء من الانتظار والطوابير إلى الفاتورة والدفع النقدي. لكن كل ذلك لم يؤثر على الأفراح والاحتفالات والأعراس التي شهدتها البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى