بينما يرفع العالم شعارات “الأيام اللاعنفية” وتُلقى الخطب عن حماية النساء، كانت أم وابنتها تُحملان إلى القبر في السويداء، وكانت معلمة تقتل بدم بارد في درعا لأنها قالت “لا”، ففي أقل من أسبوع، خطف الرصاص ثلاث نساء من بيوتهنّ ومدارسهنّ، من تفاصيلهنّ الصغيرة وحياتهنّ العادية.
سناك سوري-دمشق
ففي السويداء فارقت “شروق خالد نعيم” 18 عاماً، ووالدتها “عايدة كمال جودية” 50 عاماً الحياة، بعد تعرضهما لإطلاق نار داخل منزلهما في ظروف غامضة وفق ما ذكرت شبكة السويداء 24، مضيفة أن عائلة الضحيتان ذكرت في ضبط المشفى أن الحادثة ناتجة عن “خطأ باستخدام السلاح”.
وذكرت العائلة في إفادتها أن الشقيقة الصغرى لشروق كانت تعبث ببندقية داخل المنزل، وحين حاولت والدتها انتزاعها منها انطلقت 3 رصاصات، ما أدى لإصابة شروق بالرأس والوالدة في الصدر.
رغم ما قيل عن “خطأ في استخدام السلاح”، تبقى تفاصيل الحادثة غامضة، وتطرح تساؤلات مؤلمة عن حجم العنف الكامن خلف الجدران، وعن الأسباب التي تجعل السلاح متاحاً وسهل الاستخدام داخل البيوت.
سماح.. عشرينية قتلها لأنها قالت لا
كانت سماح الزعبي، معلمة في السابعة والعشرين من عمرها، تستعد صباحاً للذهاب إلى مدرستها في ريف درعا يوم الأحد الفائت، كما تفعل كل يوم، تحمل حقيبتها، تراجع في ذهنها دروس طلابها، وربما تفكر في المستقبل الذي تبنيه بصبر داخل الصف، لكنها لم تصل.
في الطريق، باغتها شاب يحمل سلاحاً، وأنهى حياتها بثلاث رصاصات، والسبب وفق ماذكر تلفزيون سوريا، لأنها قالت “لا” لطلب الزواج المتكرر منه.
سماح لم تكن في خلاف مع أحد، ولم تكن على هامش الحياة، بل في قلبها، معلمة تؤدي دورها في مجتمع يحتاج للعلم والوعي، لا للدم، ومع ذلك، لم يكن حقها في الرفض كافياً لحمايتها.
وزارة الداخلية أعلنت أن الجاني أُلقي القبض عليه خلال أقل من 24 ساعة، لكن القبض على القاتل، وإن كان ضرورياً، لا يعيد المعلمة الشابة إلى طلابها، ولا يمحو مشهد غيابها الصامت عن صفٍّ كانت تحلم أن تملأه بالمعرفة، لا بالحداد.
لكن وجود قوانين رادعة تجر العنف ضد النساء وتحميهنّ، قد يمنح فرصة الحياة لشابة أخرى تقرر أن تقول لا لشخص تقدم لخطبتها ولا ترغب به.
تُحيي الأمم المتحدة، من 25 تشرين الثاني حتى 10 كانون الأول من كل عام، حملة “16 يوما من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي”، وهي حملة دولية تهدف إلى رفع الوعي، والمطالبة بسياسات أكثر فاعلية لحماية النساء.
لكن في واقع كواقعنا، حيث لا تزال النساء يُقتلن لقول “لا”، أو يُواجهن الموت في بيوتهن تحت بند “الخطأ”، تبدو هذه الأيام فرصة للتذكير لا بالضحايا فقط، بل بالمسؤولية، مسؤولية مؤسسات، ومجتمع، وقوانين، تبدأ من الاعتراف بأن العنف ضد النساء ليس استثناء بل نظام يجب تغييره.








