باقات سيريتل وMTN .. منافسة نوعية مَن يقدّم خدمات أسوأ بسعر أعلى؟
لماذا لدينا شركتَي اتصالات؟ .. والباقة في فرنسا بثلث سعر الباقة السورية
أعلنت شركتا “سيريتل” و”إم تي إن” إطلاق 15 باقة جديدة وإلغاء كافة باقاتهما القديمة اعتباراً من أمس الجمعة، ما أثار موجة احتجاجات لدى المواطنين وتساؤلات عن سبب وجود شركتين متطابقتين بلا منافسة.
سناك سوري _ دمشق
الأسعار الجديدة للباقات تبدأ من 24 ألف ليرة وتصل إلى 300 ألف ليرة، وإلغاء الباقات القديمة أنهى الإمكانيات الضعيفة التي كان يستفيد منها المواطن في الحالات الضرورية مثل باقات الساعات للانترنت، أو الباقات الليلية التي تمنح أحجام استخدام واسعة بأسعار مخفضة.

فمثلاً الباقة الأعلى سعراً وتصل إلى 300 ألف ليرة، مدتها 3 أشهر وتضم 2500 دقيقة و2500 رسالة، و60 غيغا انترنت، وتعتبر الشركتان أن هذه الشريحة تناسب الاستهلاك العالي، وقد يكون ذلك مفهوماً بالنسبة لدقائق الاتصال والرسائل ولكن 60 غيغا لمستخدم الانترنت بشكل يومي لن تكفيه شهراً واحداً على الأكثر، ما يعني أنه سيضطر لإعادة تفعيل الباقة في الأشهر التالية وبالتالي فإن ثلث راتبه شهرياً مخصص فقط للانترنت.
ولمحبي المقارنة مع الدول الأخرى مثل المسؤولين الحكوميين الذي يحبون الأسعار العالمية، فإن باقة 300 ألف ليرة تعادل 25.4 دولار وتعادل 21.9 يورو، بسعر اليوم.
في المقابل فقد أرسل لنا مراسلنا من محيط برج “إيفل” فاتورة لباقة انترنت لمدة شهر في “فرنسا” تتضمن اتصالات بلا حدود و60 غيغا انترنت بسعر 8 يورو فقط يعني 109 آلاف ليرة، ما يقارب ثلث سعر الباقة السورية، وطبعاً لن نقارن جودة الشبكة بين البلدين.

دعوات المقاطعة
سرعان ما ظهرت دعوات لمقاطعة الشركتين، احتجاجاً على الأسعار الجديدة وإلغاء الباقات القديمة، علماً أن هذه الدعوات تحديداً ليست جديدة ولعلّ بداياتها تعود لعام 2011 للاحتجاجات على الأسعار حين كان سعر دقيقة الاتصال الخليوي 4 ليرات تقريباً للخطوط لاحقة الدفع و6 ليرات للمسبق الدفع.
سيرياتيل ملتزمة برفع كفاءة سوق العمل في سوريا.. برفع سعر الباقات؟
لكن هذه الدعوات غالباً ما تفشل بسبب اضطرار المستخدمين للاتصال عبر الشبكتين الوحيدتين في البلاد، واضطرار لفتح الانترنت باستخدام خدمات الشركتين، والرضوخ لأسعارهما مهما ارتفعت بسبب ارتباط الكثير من الأعمال والمهن بأعمال التواصل الهاتفي أو استخدام الانترنت للتواصل وتنفيذ الأعمال.
من جانب آخر، فإن أغلب المحتجين ركّزوا على مسألة المقارنة بين الأسعار المرتفعة لخدمات الشركتين، مقابل سوء هذه الخدمات، فمثلاً شبكة “فور جي” كما تحب الشركتين تسميتها غائبة كلياً عن كثير من المناطق وسيئة جداً في مناطق أكثر بعضها وسط العاصمة دمشق أو وسط المدن السورية الأخرى وليس في الأرياف البعيدة التي لم تصل إليها أصلاً متعة استخدام هذه الشبكة.
لماذا تملك سوريا شركتي اتصال؟
يظهر السؤال جدّياً عن سبب وجود شركتين وباسمين مختلفين ولونين أحمر وأصفر للتفريق بينهما، في وقتٍ تظهر فيه جميع خدمات الشركتين متطابقة 100% وبالأسعار نفسها 100% وينحصر التنافس في سوء الخدمة فقط.
وجود شركة واحدة في السوق يعني احتكار الخدمة، ووجود أكثر من شركة يعني تلقائياً فتح باب التنافس، لكن الوضع في سوريا استثنائي بوجود شركتين وعدم وجود منافسة.
الفاتورة تجاوزت 300 ألف ليرة.. إعلامي سوري يتهم “سيرياتيل” بتفعيل خدمة دون إذن
وأصبح الحديث عن مشغّل ثالث في سوريا مكرراً منذ عهد النظام الذي انهار ولم يحقق وعده بإدخال مشغّل ثالث، فيما أكّد وزير الاتصالات الحالي “عبد السلام هيكل” في شهر آب الماضي أن الحكومة السورية ستطلق المشغل الثالث للاتصالات قبل نهاية العام الحالي بهدف تعزيز المنافسة ورفع جودة الخدمة للمواطنين.
ولكن إذا كان المشغل الثالث هو النسخة الثالثة من سيريتل وإم تي إن بنفس الخدمات والأسعار فما الفائدة؟ وإذا كانت الحكومة حقاً تريد فتح باب المنافسة لماذا تلزِم الشركتين بتقديم نفس الخدمات والأسعار؟.
هذه الأسئلة تحتاج الكثير من الشفافية في الإجابة عنها، والجرأة في اتخاذ قرار فتح سوق الاتصالات جدّياً للمنافسة ودخول الشركات الجديدة وتحقيق منافسة تخدم المواطن حين تتنافس الشركات على تقديم خدمات أفضل بأسعار أقل وليس العكس كما يجري اليوم.

