الرئيسيةسناك ساخر

محاضرة عن الإتيكيت في دمشق.. خطوة جديدة نحو سنغافورة الموعودة

في دمشق يدرسون فنون التحية والإنصات كخط دفاع أخير عن الحضارة، فيما يتعلم المواطن كيف يقول "عفوا" قبل أن يعتذر عن وجوده

نظراً للأهمية المصيرية للإتيكيت في حياة المواطن، خصت وكالة سانا جمهورها بخبر عن “محاضرة توعوية” بعنوان “دور الإتيكيت وأدب الحوار في بناء مجتمع متحضّر”، حيث أقيمت الفعالية في العاصمة دمشق لتذكير الناس بأن المشكلة ليست في الفقر أو العنف أو الاختطاف، بل في طريقة الحديث عنها، فالأدب كما يبدو صار العلاج الرسمي لكل ما لا يعالج، واللباقة هي آخر ما تبقّى من أدوات التجميل بعد أن شحت أدوات الإصلاح.

سناك سوري-إتيكت بالكيلو

ولمن يعتقد بأن المحاضرة عن دور الإتيكيت، تتضمن الحديث عن طرق تناول الزبادي بالشوكة والسكين، فإنه للأسف قد خاب واستبق الحدث قبل أن يقرأ عن أهمية الإتيكيت في ضمان الاحترام المتبادل والعيش المشترك، والالتزام بقواعد مثل احترام كبار السن، التحية، النظافة الشخصية، وبالتأكيد عدم مقاطعة الحديث، (يعني مثلاً بالهتافات الطائفية أمام مخفر الشرطة مبارح لو حضرانين المحاضرة كانت المسبات أتت بطريقة إتيكيت ومحترمة!).

وتأتي هذه المحاضرة في وقت يتهم الإعلام الرسمي بالانفصال عن الواقع، بينما يغوص في أدق التفاصيل التي تساهم في تحويل سوريا إلى سنغافورة ثانية، وماذا قد ينقصها اليوم سوى تعلم الإتيكيت، والذي يؤدي غيابه بحسب ماورد في سانا إلى إضعاف “الأداء المهني ويؤثر سلباً على العلاقات العامة”، (كلو إلا العلاقات العامة بين السوريين والتي لا ينقصها سوى جرعة إتيكيت سريعة).

كما ورد في الخبر أن الحوار هو أرقى أشكال التواصل، (الحوار الوطني الأخير مثال)، وأن الإنصات فن يجب تعلمه وتدريب النفس عليه (سمعانة الحكومة بهالفن؟).

في النهاية، يبدو أن الإتيكيت صار آخر ما يمكن التمسك به في بلد فقد كل شيء إلا شكله الرسمي، فبينما تقام المحاضرات لتعليم فنون التحية والإنصات، ما يزال الناس ينتظرون من يتقن فن الإصغاء الحقيقي، لا فن إغلاق المايكروفون.

زر الذهاب إلى الأعلى