الرئيسيةتقاريرشباب ومجتمع

القارب 22.. وجوه تبحث عن وطن تحت ضوء المسرح

على خشبة مسرح طرطوس، فرقة العراب تجسد وجع الهجرة وأمل النجاة عبر قصة شبابية تخاطب جراح الوطن

تحت أضواء خافتة وصوت أمواج تضرب الشاطئ، بدأ العرض المسرحي “القارب 22” الذي قدمته فرقة العراب للفنون المسرحية، على خشبة مسرح المركز الثقافي في طرطوس.

سناك سوري _ تيماء يوسف

العرض هو السابع للمسرحية، والـ37 ضمن مسيرة الفرقة، كما أوضح مؤلف ومخرج العمل “عصام علام”، لـ”سناك سوري”، مضيفاً أن العمل يروي قصة مجموعة من الشباب والشابات السوريين الذين لجؤوا إلى البحر أملاً بالنجاة من الحرب، ويطرح من خلالهم قضايا مجتمعية عميقة.

في لحظات انتظار القارب، تنشأ بين الشخصيات حوارات عبثية عن الأحلام والصراعات الداخلية لتكشف جانباً من الضياع والقلق الذي يعيشه جيل الشباب، فكل شخصية على الخشبة تمثل شريحة من المجتمع وتعكس واقعاً اجتماعياً مختلفاً، لكنهم يشتركون جميعاً بالبحث عن النجاة.

وفي النهاية حين يصل القارب وقبل أن يصعدوا به، تنقسم الشخصيات بين من يختار الرحيل وبين من يقرر البقاء، ليبقى الجواب مفتوحاً على تأويلات الحياة.

يقول “علام” لـ سناك سوري إنَّ القارب 22 لم يكن مجرد عمل مسرحي بل تجربة وجدانية، وشكل من أشكال التطهير الذاتي لإخراج الألم الداخلي، وإعادة التفكير بمعنى السفر ولمن يُترك الوطن.

وجوه من القارب

أبحر الممثلون في مشاعر متناقضة ليجسدوا على الخشبة صراع الإنسان بين البقاء والرحيل، فعاشوا تفاصيل شخصياتهم بكل ما تحمله من خوف وحنين وحلم.

تقول “ماريا شلدح” لـ “سناك سوري” إنها جسدت في المسرحية شخصية فتاة طموحة درست وتعبت لتكمل طريقها، لكن الظروف دفعتها للبحث عن أي وسيلة للنجاة وتحقيق أحلامها، فكان السفر خيارها الأخير.

وترى في المسرح شغفها منذ الصغر، إذ انضمت إلى فرقة العراب، وقدمت معهم تسعة عروض حتى الآن، وكان “القارب 22” أحدثها.

تتحدث “شلدح” عن بعض الصعوبات التي واجهتهم أثناء التحضير للعمل من مشقة الطريق وتكاليف التنقل إلى ضعف الدعم وقلة الوعي المسرحي، إلّا أنَّ الإصرار وحب المسرح كانا دافعهم للاستمرار.

حين يصل القارب وقبل أن يصعدوا به، تنقسم الشخصيات بين من يختار الرحيل وبين من يقرر البقاء، ليبقى الجواب مفتوحاً على تأويلات الحياة.

أما “نور أبو تلجة” وهي أيضاً عضو بفرقة العراب، فتقول إنَّ شخصيتها بلا اسم، وتمثل فئة النساء المقموعات في المجتمع، اللواتي يجدن في السفر ملاذاً للهروب من واقع ضاغط، حيث تواجه الشخصية صعوبات وتلتقي ببقية الشخصيات في مكان واحد تنفتح فيه الحوارات وتتكشف الهواجس، لتختار السفر في نهاية المسرحية.

تضيف “أبو تلجة” لـ”سناك سوري” أن المسرح بالنسبة لها هو واجهة الشعوب وله أثر كبير في بناء الشخصية، وأنَّ تجربتها مع الفرقة منحتها فرصة للتعرف على أشخاص جدد، والاستفادة من خبراتهم من خلال السفر بين المحافظات.

القارب 22 لم يكن مجرد عمل مسرحي بل تجربة وجدانية، وشكل من أشكال التطهير الذاتي لإخراج الألم الداخلي، وإعادة التفكير بمعنى السفر ولمن يُترك الوطن مؤلف ومخرج العمل عصام علام

ولم يخلُ العمل من الروح الموسيقية، حيث أضفى “محمود الجمعة الأحمد” وهو عضو في فرقة العراب، لمسة مختلفة مع آلته الموسيقية، مجسداً شخصية العازف الموهوب الحالم الذي يصطدم بواقع قاسٍ فيجد في السفر مخرجاً.

يقول “الأحمد” لـ “سناك سوري” إنَّه خلال إحدى لحظات العمل يعزف مقطوعة موسيقية للوطن والذكريات، لتكون نقطة تحول تجعله يتراجع عن فكرة الرحيل ويتمسك بالبقاء، مؤمناً بقدرته على إعادة زرع السلام والحب في أرجاء الوطن.

ويرى أنَّ المسرح منحه حياة جديدة وفضاء واسع لم يتخيله، وفتح أمامه أبواب المشاعر والأحاسيس ليشعر بعمق كل ما يحيط به.

يذكر أن مسرحية “القارب 22” انطلقت بعرضها الأول في 5 آذار 2024 على خشبة مسرح المركز الثقافي في المزة، ثم تنقلت بين دمشق واللاذقية وبانياس والقدموس والدريكيش وصولاً إلى طرطوس، حيث قدمت الفرقة عرضها السابع، لتواصل إبحارها الفني حاملة حكايات الناس وأحلامهم إلى كل مسرح تزوره.

زر الذهاب إلى الأعلى