
عاد الهدوء الحذر إلى حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، بعد ليلة رعب عاشها المدنيون على إثر الاشتباكات، وسط أنباء تفيد باتفاق بين قوات الحكومة السورية وبين قوات الأسايش التابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
سناك سوري-حلب
ووثق ناشطون بالفيديو رعب المدنيين خلال الاشتباكات بين القوات الحكومية وبين قوات قسد مساء أمس الإثنين، في توتر أمني جديد ينعكس سلباً على المدنيين الذين ينشدون وأسرهم السلام وطي صفحة الحرب والاشتباكات.
ودعا محافظ “حلب”، “عزام الغريب”، في منشور له بالفيسبوك الأهالي إلى التزام المنازل هذه الليلة (يقصد أمس)، والابتعاد قدر المستطاع عن أماكن الاشتباكات، وقال: «نسعى مع الأطراف المعنية إلى التهدئة ووقف الاشتباكات».
في غضون ذلك قالت الإخبارية السورية، إن الاشتباكات توقفت بشكل نهائي في حيّي الأشرفية والشيخ مقصود بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، دون إضافة المزيد من التفاصيل.
ضحايا وإصابات
وذكر ناشطون أن الاشتباكات أسفرت عن ضحية واحدة على الأقل بين المدنيين، إضافة إلى إصابات بين المدنيين، تم إسعافهم إلى المشفى بينما قال مصدر أمني بتصريحات نقلتها سانا: «استشهد عنصر وأصيب أربعة من قوى الأمن الداخلي، جراء استهداف قوات “قسد” لحواجز الأمن في محيط حي الشيخ مقصود بمدينة حلب».
وأضاف المصدر، أن قوات “قسد” استهدفت بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة الأحياء السكنية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب.
ونقلت سانا عن مصدر عسكري قوله إن «قوات الجيش اكتشفت نفقاً لقوات قسد يربط مواقعهم بمكان خلف مواقع الجيش والأمن بمحيط حي الأشرفية، وتم تفجيره»، مشيراً إلى أن «قوات قسد أعدت النفق من أجل القيام بأعمال تخريبية واستخدمته للتسلل والقيام بعمليات ضد قوات الجيش والأمن».
وتابع المصدر: «بعد اكتشاف قوات الجيش النفق وتفجيره قامت قسد بإرسال عناصرها بلباس مدني واشتبكت مع حواجز الأمن الداخلي بالعصي والحجارة لإشغالهم قبل أن تتسلل عناصر مسلحة من قبلها وتستهدف الحواجز»، مشيراً أنه على إثر الاعتداء بدأ الجيش وفق المصدر بنشر الحواجز لإغلاق الطرق المؤدية للأحياء بشكل كامل وأعاد الانتشار حول الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.
وشددت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع على التزامها باتفاق العاشر من آذار الماضي، مؤكدة أنه ليست هناك خطط لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة.
قسد تنفي
في المقابل، نفت قسد أن تكون قواتها استهدفت أي حواجز تابعة للقوات الحكومية في محيط حيّي الأشرفية والشيخ مقصود بمدينة حلب، وأضافت في بيان لها نشرته أمس: «نؤكد بشكل قاطع أن هذه الادعاءات غير صحيحة إطلاقاً، فقواتنا لا وجود لها في المنطقة منذ انسحابها بموجب تفاهم 1 نيسان».
وبحسب بيان قسد: «ما يحدث في حيي الأشرفية والشيخ مقصود هو نتيجة سلسلة من الهجمات المتكررة التي تقوم بها فصائل حكومة دمشق ضد السكان المدنيين، حيث فرضت حصاراً أمنياً وإنسانياً خانقاً، وقطعت الإغاثة والمواد الطبية، واختطفت العديد من الأهالي، وواصلت الاستفزاز اليومي للسكان على الحواجز وفي محيط الحيين، ومؤخراً قامت برفع السواتر الترابية في محيط الحيين وفرض الحصار».
ووصف البيان ما جرى بالتصعيد الخطير، وقال: «تحاول تلك الفصائل التوغل بالدبابات والمدرعات وتستهدف الأحياء السكنية بقذائف الهاون والطيران المسيّر، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين وأضرار جسيمة بالممتلكات، تلك الممارسات أدت إلى استفزاز الأهالي ودفعهم للدفاع عن أنفسهم، إلى جانب قوى الأمن الداخلي في الحيين، التي تقوم بواجبها في حماية المدنيين وحفظ الأمن والاستقرار».
وحمّلت قسد الحكومة السورية المسؤولية الكاملة والمباشرة عما وصفته بـ”استمرار الحصار الخانق والانتهاكات الممنهجة بحق المدنيين”، كذلك «عن التصعيد الخطير الأخير الذي يفاقم معاناة السكان ويهدد الاستقرار في المنطقة، وتكشف استخفافها المتعمد بحياة الناس وكرامتهم»، داعية المنظمات الدولية والإنسانية إلى «التحرك العاجل والفعّال لإنهاء هذا الحصار الجائر، ووقف الهجمات والاستفزازات الممنهجة ضد المدنيين».
المدنيون يدفعون الثمن
الصحفية “ماربيل حداد” ابنة مدينة حلب، قالت في منشور لها: «دبابات ومدفعيات وراجمات من مختلف مناطق حلب تقصف حيي الأشرفية والشيخ مقصود (من قبل قوات النظام السوري)، هاونات وقذائف تسقط على أحياء حلب السكنية (من قبل قوات قسد)، اشتباكات ومضادات وقنص وهستيريا، رصاص الاشتباكات ينهار على شوارع حلب جميعها».
وأضافت أنها تواصلت مع أهالي داخل الحيين، وأخبروها بأن «الأخبار الواردة على إعلام النظام التي تقول إنو قسد تمنع الناس في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية عن الخروج وتاخدهم دروع بشرية، هي أخبار كاذبة»، ووصفت ما يجري بأنه «حرب بكل معنى الكلمة تحدث في قلب مدينة حلب وجميع الأحياء المتضررة ويلي صايرة خط اشتباكات هي أحياء مدنية سكنية، وين تروح العالم؟ اش تعمل بحالها؟».
رغم الهدوء الحذر الذي خيّم على حيي الشيخ مقصود والأشرفية صباح الثلاثاء، إلا أن آثار الرعب والدمار ما تزال حاضرة في ذاكرة السكان، وبينما يستمر تبادل الاتهامات، يبقى المدنيون وحدهم من يدفعون الثمن، في مدينة أنهكتها سنوات الحرب، ولا تزال تنتظر سلاماً مؤجلاً.
يذكر أن الاشتباكات المتقطعة تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية، وتبادلت دمشق وقوات قسد الاتهام بممارسة استفزازات، بعد أشهر على توقيع اتفاق العاشر من آذار الذي تم برعاية الولايات المتحدة لدمج قسد في الجيش السوري بحلول نهاية العام، والذي يواجه العديد من العراقيل.