بعد إعلان نتائجها .. مواطنون يتساءلون هل حصلت انتخابات لمجلس الشعب؟
ضعف تواصل الهيئات الناخبة مع الشارع السوري ظهر في نتائج ضعف التمثيل

تعرّضت عملية تشكيل مجلس الشعب السوري” الحالية لكثير من الانتقادات حول آلياتها الأقرب إلى التعيين منها إلى “الانتخاب”، وما أفرزته نتائجها الأولية من ضعفٍ في التمثيل وبعدٍ عن إرادة الشارع عموماً.
سناك سوري _ دمشق
وبعد أشهر من التحضيرات، انطلقت أمس عملية التصويت عبر إدلاء أعضاء “الهيئة الناخبة” بأصواتهم لاختيار مرشحين من الهيئة ذاتها، اختارتهم لجان فرعية تم تعيينها من اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب والتي عيّنها الرئيس السوري “أحمد الشرع”، على أن تنتج هذه العملية اختيار 140 عضواً للمجلس مقابل 70 آخرين يعيّنهم “الشرع” مباشرةً.
هذه العملية “الاستثنائية” في الاختيار والتي بدت أقرب للتعيين أثارت الكثير من الانتقادات، بينما كانت الذريعة الحكومية أن الوضع الراهن لا يسمح بطبيعة الحال بإجراء انتخابات عامة في ظل ظروف أمنية معقدة ووجود مناطق واسعة خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية في “دمشق”، فضلاً عن أن المراحل الانتقالية في الدول الخارجة من الصراعات لا يفضّل فيها إجراء انتخابات نظراً لعدم اتضاح الصورة وعدم تشكّل قوى سياسية حقيقية تعكس الواقع الجديد.
رغم ذلك، أجريت عملية الاقتراع أمس الأحد، حيث تقدّم أكثر من 6 آلاف شخص من الهيئات الناخبة للتصويت، وبينما كان المسؤولون الرسميون ووسائل الإعلام منشغلين بـ”الانتخابات”، كانت نسبة واسعة من المواطنين لا تعرف أصلاً بحصول عملية تشكيل المجلس الجديد الذي يفترض أنه يمثّلهم، فيما لم يفهم آخرون آلية التشكيل وظنّ البعض أن باب الانتخاب مفتوح لجميع المواطنين.
ويكشف غياب معرفة المواطنين بأن مجلس “الشعب” يتشكّل، ضعفاً في أداء “الهيئات الناخبة” التي اختزلت أصوات الناس، ومن المفترض أن كل صوت من أعضائها يمثّل عشرات آلاف أصوات المواطنين، ما يحمّلها مسؤولية أكبر في خياراتها، لكن الواقع أظهر أن هذه الهيئات لم تسعَ لإجراء تواصل واسع مع الشارع لاستطلاع رأي المواطنين بالمرشحين وبناءً قراراتها على أساس ذلك.
مهلة زمنية ضيقة لمعرفة المرشحين
يظهر خلل آخر عند هذه النقطة، فبعد إعلان القوائم الأولية للهيئات الناخبة وفتح باب الطعون بنتائجها، تم إعلان القوائم النهائية لتلك الهيئات يوم 27 أيلول، ثم تم إعلان قوائم المرشحين في 29 أيلول أي قبل 5 أيام فقط من إجراء الانتخابات.
ضيق الوقت هذا لم يكن كافياً حتى ليتعرّف أعضاء الهيئة الناخبة على المرشحين ما دفع اللجان الفرعية لتنظيم جلسات تعارف بين الناخبين والمرشحين.
في المقابل، وضع النظام الانتخابي المؤقت “شروطاً” لاختيار أعضاء الهيئة الناخبة، لكنه لم يضع معايير لضمان التمثيل الشامل قدر الإمكان لشرائح المجتمع في هذه الهيئات، وبالتالي أصبح أعضاؤها يمثّلون أصواتهم وآراءهم الفردية وليس رأي شريحة أو فئة من المواطنين، ما زاد في الفجوة بين صوت الهيئات وصوت الناس في اختيار أعضاء المجلس، الأمر الذي ظهر جليّاً في نتائج الانتخابات، فمثلاً من أصل 119 ناجحاً لم تنتخب الهيئات أكثر من 6 نساء فقط بنسبة 5%، رغم دعوة النظام الانتخابي لمراعاة تمثيل المرأة بنسبة 20%، إضافة إلى غياب تمثيل المكونات الدينية والطائفية في عدة دوائر مثل “دمشق” و”حلب” وبعض دوائر ريف حماة.
يصحّ القول أن المرحلة الحالية في سوريا استثنائية وأن عملية تشكيل مجلس الشعب الجديد استثنائية كذلك وغير تقليدية، لكن ذلك يتطلّب جهداً أكبر في السعي للسماع لصوت الناس وطلب رأيهم للوصول إلى نواب يمثّلون أكبر شريحة ممكنة من الشارع السوري.