أخبرونا بأنها أول انتخابات حرة نزيهة في سوريا، ووعدونا بأنه سيكون أول مجلس شعب حقيقي (غير منتخب) في بلادنا، وأمطرونا أحلام وتصريحات (خلا منها مصطلح العرس الوطني)، لدرجة أن بلادنا الجريحة بعد انتخابات البرلمان لن تكون هي ذاتها قبله!
سناك سوري-رحاب تامر
سيصبح لدينا مجلس الشعب، وهناك نائب ونائبة لا أعرفهما، لم أمنحهما صوتي، سيمثلانني في البرلمان القادم، سأستطيع تحميلهما همومي اليومية (التي قد لا يعرفونها)، سأخبرهم بأني أريد زيادة على الراتب (الأمنية المكملة معي منذ أن تعينت في الوظيفة الحكومية عام 2005)، لأني طماعة غير قنوعة وأحب البطر “بكيلو مشاوي آخر الأسبوع مع عائلتي”.
سأخبرهما عن حال موظفي وموظفات معمل الغزل، الذين يداومون يومياً بدون راتب أو باص مبيت، وأعتقد أن نواب ونائبات “أول مجلس شعب حقيقي” سيتصرفون على الفور وسيمارسون دورهم كسلطة ويفرضون حقوق “الشعب”.
كذلك سأوصل صوت طلاب المدارس في دير الزور وحلب ودرعا، الذين يمضون دوامهم المدرسي جالسين على أرض صلبة قاسية باردة، لينهلوا العلم الذي نطلبه ولو كان في الصين، مع أنه هنا على بعد أمتار عن منازلنا لكننا نبحث لأطفالنا عن منح حتى لو في “هونولولو” فما بالكم بالصين!
سأسألهم إن كانوا يستطيعون إلزام الحكومة تحقيق وعودها بتحسن الكهرباء التي أتت اليوم لمدة نصف ساعة فقط، من أصل ساعتي تغذية بالفترة الواحدة التي وعدونا بها، حسناً لن أثقل عليهم وأطلب بتحسينها فوراً، يكفي أن يصمتوا عن إطلاق الوعود.
سأخبرهم أن يسألوا الحكومة ماذا حل بالمشاريع الاستثمارية التي وعدنا أنفسنا بوظائف محترمة فيها، بينما مضى الوقت ونحن نقاتل بعضنا البعض، فيسبوكياً وواقعياً.
والأهم سنطلب إليهم أن يضعوا حداً للسلاح العشوائي والإنفلات الأمني، أن نتوقف عن الخوف من أن يطرق بابنا أحد ثم يطلق رصاصه تجاهنا كما حدث في عناز وميعار شاكر وأمس في اللاذقية، وأن يساهموا بتفعيل قوانين تجرم خطاب الكراهية والفتنة الطائفية.
أريد أن يسمعوا النساء والنازحات والعمالة الموسمية كما يسمعون خطابات التكليف، وأن يضعوا حدّاً لسياسة التهاون التي تترك المواطن وحيداً أمام مشاكله.
كمواطنة سورية، لا أريد رؤية نواب ونائبات يتلقون المباركات في آخر النهار، على اعتبار أنه “أول مجلس شعب حقيقي”، حينها فقط قد أتأكد أنه سيكون حقيقي فعلاً.
