إلى الشيف عمر: في حرية غصباً عنك!
كيف تم اختصار كل الأفرع الأمنية السابقة بفرع القمع على السوشيل ميديا؟

حرّك الشيف وصانع المحتوى “عمر أبو لبدة”، أفكاري الراكدة أسفل الأحداث الجارية طيلة 9 أشهر، فانتقاد “الشيف عمر” لسقف الحرية في عهد الحكومة الجديدة وتشبيهه لذات السقف بحكومة النظام السابق، فتح عليه جبهة من السباب وكعادة الشاتمين بدأوا من الأعراض والعائلة ثم إلى المحتوى الذي يقدمه وليس فحوى الموضوع الذي تحدث عنه، مكررين سجال الـ9 أشهر الماضية و“وين كنت من ١٤ سنة”.
سناك سوري_ صحفية حرة
“الشيف عمر” قال إنه نشر قبل أيام فيديو لطفل سوري عمره 5 سنوات ملقى في أحد الشوارع السورية، وقد تعرض للتعنيف، وطالب المؤثرين بحملة للمساعدة في إعادة إعمار المدارس وتبني مشروع يساعد الأطفال المشردين.
لاحقاً تعرض لحملة كراهية كبيرة في السوشل ميديا، تناولت حياته الخاصة وطالته مع عائلته شتائم وتشهير، وقال في منشور له: «هل مصير كل شخص سوري اعتقد أننا أصبحنا في حقبة جديدة وانتهى زمن التشبيح والقمع ويحاول أن ينتقد أو يعبر عن رأيه أو يضوي على مشكلة ما في المجتمع هل مصيره هذا الهجوم الكبير والسب والشتم والقذف له ولعائلته؟».
وأضاف: «في السابق لم يكن السوري قادر على قول كلمة حق لأنهم يخفوه هو وعائلته والآن أيضاً يقيمون عليّ حملة تشويه سمعة ممنهجة وسب وشتم وقذف لايتصورها عقل».
ربما أخطأ الشيف عمر مقارنة الحكومة الحالية بالهاربة، وكان يجب أن يقارن “فرع القمع” بالحكومة الهاربة فهذه مقارنة تصح أكثر.
فرع القمع الذي يتألف من مجموعة ضيقة صوتها عالي هويتها أحياناً معروفة وأحياناً مجهولة، اختصاصها أن تلاحق أي شخص يقول كلام لا يعجبها، إما تضعه في قائمة عار، أو في قائمة تخوين، أو تنال من شرفه وشرفها، أو تشتمه وتشتمها أو تحوله لحالة فردية “اللهم لا تجعلنا حالة فردية”.
فرع القمع ابتلع الأمن العسكري والسياسي وأمن الدولة وكل أنواع الرعب والترهيب وتجشأها على أخيه بالمواطنة والعيش المشترك.
هذا الفرع لا يدعنا نتنعم بالحرية نهائياً، مثلا أنا شابة من ريف دمشق خلقت بشفاه مطبقة وصوت يهمس كلما دقت حروف اللغة ناقوس السجانين البعيدين عن منزلنا، وعندما فك القيد قيل لنا تنفسوا وحركوا شفاهكم وفكوكم وتكلموا، حاولوا أن تصرخوا لتنفضوا الغبار عن حبالكم الصوتية.
أنا كشابة متحمسة حالمة وقبل كل ذلك فرحة ومحتفلة بالانتصار العظيم ومعي الآلاف من أبناء جيلي، سمعنا وصدقنا ثم شهقنا لكن عاصفة سحبت الهواء وغصصنا بالشهيق وأغلقنا أفواهنا وربطنا حبالنا الصوتية، وها نحن نختنق لم نزفر بعد.
فسجانيّ الأمس تغيروا، تجدهم على صفحتك في فيسبوك على واتسابك على انستغرامك، وتخشى في كل لحظة أن تجدهم أمام باب بيتك، يهددوك ويهددون أهلك، يشتمونك ويشتمون أهلهم وان لم تصبح حالة فردية عندهم أقلها سيقولون لي مكانك بالمطبخ انت.
“فرع القمع” بمبادرة فردية يؤسس للخوف والتسلط، أنا مقتنعة أنه لا أحد دعاه ولا أحد كلفه، وإنما هذا مرض بالجينات ربما يمكن تسميته مرض التملق، أو التسلط، أو احتكار الوطنية، أو أي اسم آخر يخطر في بالكم.
هذا الفرع يظن نفسه حراً بكل تأكيد لكنه يريد للناس أن تكون بلا عينين ولا أذنين وبقلب مفطور، أن يعيش بلا حواس على غرائزه فيكون مرة فريسة ومرة مفترس حين يحين دوره.
هذا الفرع عندما تقول له أن هناك مشكلة حرية سيقفز أمامك غاضباً بعبارة “في حرية غصباً عنك وعن أهلك” بعضهم قد يتابع إذا مو عاجبك الوضع “هاجر” وبعضهم سيتابع بالقول لك وين كنت من 14 سنة وبعضهم ستكون اللاحقة تبعه “قص لسانك أحسن ما نقصلك إياه”.
هذا الفرع الذي يظن نفسه حراً ويظن أنه يمارس فعلاً وطنياً ويحمي “دولته” إنما يعتقل الحرية ويشوه الوطنية كلما بنت الدولة عاموداً من أساساتها حفر تحته فأضعفه إن لم يدمره.