لجنة التحقيق الأممية: مجازر الساحل السوري في آذار الماضي ممنهجة
تقرير اللجنة يتهم أفراداً من الأمن العام والعمشات والحمزة بارتكاب جرائم حرب

كشفت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة نتائج تحقيقاتها في “أحداث الساحل السوري” وقالت إن أفراداً من القوات الحكومية ومسلحين موالين لنظام بشار الأسد ربما ارتكبوا جرائم حرب أثناء اندلاع العنف الطائفي في الساحل خلال آذار الماضي.
سناك سوري _ دمشق
وأفادت اللجنة أن سلسلة المجازر التي بلغت ذروتها في آذار استهدفت في المقام الأول المجتمعات العلوية، وقد أودت أعمال العنف بحياة 1400 مواطن بينهم 100 امرأة و معظمهم من المدنيين، فيما لا تزال التقارير عن وقوع الانتهاكات مستمرة.
اندلاع أعمال العنف
وقالت اللجنة أن أعمال العنف اندلعت بسبب هجوم مسلحين موالين للنظام السابق على عناصر قوات الأمن ووزارة الدفاع في “بيت عانا” يوم 6 آذار، ما أودى بحياة عناصر من الأمن العام وإصابة 15 آخرين بجروح، أثناء محاولتهم اعتقال شخص مرتبط بالنظام السابق في قرية “الدالية”.
بعد سلسلة الأحداث التي ارتكبها “الفلول” في اليوم الأول، بدأت نداءات التعبئة بحسب التقرير الذي تحدث عن تدفق القوات التابعة لوزارة الدفاع أو التابعة لها أو المرتبطة بها اسمياً بما في ذلك المقاتلون الأجانب، إضافة لمجموعات غير تابعة للوزارة حملت السلاح بشكل “عفوي”.
وأشار التقرير إلى أن قنوات على تلغرام بدأت استخدام لغة تحريض طائفي في نداءاتها، وانتشرت دعوات للحشد الديني والنفير العام عبر وسائل التواصل وحتى مكبرات الصوت في المساجد في عدة مدن مثل حمص وحلب وبانياس واللاذقية وجبلة وحماة، في دعوات بدت وكأنها موجهة ضد السكان العلويين عموماً.
مرتكبو الانتهاكات
يقول التقرير أن المرتكبين المزعومين للانتهاكات كانوا مسلحين لم تحدد هويتهم يتحدثون بلهجات سورية مختلفة، بينما يبدو بعضهم أجانب، وبينهم عناصر معروفون من فرقة “السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزة” و”فرقة السلطان مراد” و”أحرار الشام” وكتائب منتمية سابقاً لـ”هيئة تحرير الشام”، وقام مسلحون بتصوير أنفسهم أثناء ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأشارت إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بارتكاب أفعال ترقى لجرائم حرب على يد أفراد من “الأمن العام” و”العمشات” و”الفرقة 400″ وأفراد عاديون شاركوا في الأعمال العدائية.
وأكّد التقرير أن المسلحين كانوا يداهمون البيوت ويسألون السكان إن كانوا علويين أم لا، ويقتادون الرجال والفتيان العلويين لإعدامهم، وأشارت الشهادات بأن الضحايا تعرضوا لإهانات لفظية بسبب انتمائهم الطائفي قبل إعدامهم، فضلاً عن قتل عدد من النساء والأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم عاماً واحداً.
وقام المسلحون في معظم الأحيان بنهب المنازل والسيارات، فيما منعت أعمال العنف الأهالي من دفن ضحاياهم بطريقة لائقة، وباستثناء حالتين موثّقتين لم تحصل العائلات على تقرير طبي لإثبات سبب الوفاة لضحاياها، أو حتى شهادة وفاة.
أعمال العنف أدت إلى موجة نزوح جماعي وفرّ الآلاف نحو الجبال، بينما توجّه أكثر من 40 ألف مواطن نحو لبنان، ولاذ آخرون بقاعدة “حميميم” الروسية حيث تتراوح أعدادهم بين 8 و9 آلاف سوري من الطائفة العلوية.
في حين، وثّق التقرير تفاصيل لعمليات القتل الجماعي خارج إطار القانون على يد ملثمين كانوا يقتحمون المنازل ويسألون عن طائفة السكان، ويطلقون عبارات مهينة بحق العلويين، وغالباً ما كان يتم إعدام عدة أقارب من عائلة واحدة بالتزامن مع عمليات النهب الممنهجة، فيما شوهدت جثامين الضحايا في الشوارع “18 جثماناً” في شارع “الفروة” في “جبلة” وحده على سبيل المثال.
كما ارتكبت المجازر الجماعية مثل التي حصلت في قرية “الصنوبر” وأودت بحياة 13 شخصاً من أبناء القرية، بينما قتلت مجموعة أخرى ضمّت قاصرين في القرية ذاتها، إضافة إلى 65 مدنياً في قرية “الشير”، و44 رجلاً وامرأة في قرية “قبو العوامية” و128 شخصاً في “المختارية”، فضلاً عن مجازر أخرى يشرحها التقرير بالتفصيل وتشترك جميعها بأنها ارتكبت على أساس طائفي يستهدف “العلويين”.
اللجنة تقر بالتزام الحكومة كشف المتورطين
وقال رئيس اللجنة “باولو بينيرو” أن حجم ووحشية العنف الموثّق في التقرير أمر مثير للقلق.
ولفت التقرير إلى الخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية لكشف المتورطين في الانتهاكات، بما في ذلك تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على حقيقة ما حدث في الساحل، لكنها أشارت إلى أن حجم العنف يستدعي خطوات أخرى.
بدورها رحّبت وزارة الخارجية السورية بتقرير اللجنة الأممية وقالت أن الحكومة السورية منحت فريق اللجنة وصولاً غير مسبوق ودون قيود إلى المناطق الساحلية، وهو وصول لم يمنح لأي جهة دولية في التاريخ السوري المعاصر بحسب الخارجية.
وتابع بيان الوزارة أن نتائج التقرير الأممي تبدو متسقة مع النتائج التي خرجت بها “اللجنة الوطنية المستقلة”، مشيرة إلى أنه تم توقيف عدد من الأشخاص في هذا الإطار، كما رحّبت الوزارة بإشارة اللجنة إلى الإجراءات التي اتخذتها “دمشق” في سبيل المساءلة.