أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري .. وما الخطوات المتوقعة للمرحلة المقبلة؟

حازم نهار لـ سناك سوري : إعادة إنتاج الديكتاتورية غير ممكنة .. والعواد يدعو لتشكيل لجنة دستورية مؤقتة

تنوعت ردود الفعل على قرار الرئاسة السورية تشكيل لجنة خبراء لوضع مسودة الإعلان الدستوري بناءً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، لا سيما بعد الكشف عن أن مهمة اللجنة تقتصر على صياغة المحدّدات التي وضعتها الرئاسة.

سناك سوري_ هبة الكل

وقال الباحث السياسي في المركز العربي للأبحاث الدكتور “حازم نهار” أن الدستور هو القانون الأعلى في الدولة، ويضع الإطار العام لنظام الحكم، ويحدد حقوق المواطنين وواجباتهم، وينظم السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وتضعه عادة جمعية تأسيسية منتخبة، ويخضع لاستفتاء شعبي، وتكون له صفة الديمومة والاستقرار، أي لا يمكن تعديله بسهولة، وغالبًا ما يتطلب إجراءات معقدة مثل استفتاء عام أو موافقة أغلبية البرلمان.

الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري

الباحث السياسي الدكتور”عبد الكريم العوض” يرى أن الإعلان الدستوري عبارة عن مجموعة من المواد التي تحدد شكل الدولة، أما الدستور فهو كامل المواد الدستورية بكل تفاصيلها وجزئياتها.

ويوضح “العوض” لـ سناك سوري، نقاط الاشتراك بين الدستور والإعلان الدستوري بالقول:  «كلاهما يحدّد وعلى سبيل المثال شكل الحكم، هل نحن دولة جمهورية أم مملكة، هل سوريا جمهورية عربية أم جمهورية فقط، بالإضافة إلى تحديد ديانة الرئيس، موقف السلطة من حرية الأديان والتعبير والنشر، كما يحدد نظام الحكم هل هو ديمقراطي الخ..”. على أن الإعلان الدستوري يأتي على شكل رؤوس وعناوين عريضة أما الدستور فهو يغوص في التفاصيل وأدقها».

وأضاف: «الإعلان الدستوري يأتي لسد الفراغ الدستوري ولفترة زمنية معينة بخلاف الدستور الذي يكون دائماً، ويتكون الإعلان من مواد مختصرة حوالي 20 مادة دستورية تلبي حاجة المرحلة الانتقالية». لافتاً إلى أن الإعلان الدستوري يصادق عليه مجلس تشريعي مؤقت بينما يحتاج الدستور لتصويت شعبي.

أحمد الشرع رئيساً مؤقتاً
أحمد الشرع خلال خطاب النصر – فيسبوك

الإعلان الدستوري يأتي من سلطة أمر واقع

ويلفت “نهار” إلى أن الإعلان الدستوري يأتي من سلطة أمر واقع كمجلس عسكري أو رئيس انتقالي أو هيئة سياسية عقب تغيير نظام الحكم، مبيناً أنه يوضع لمواجهة ظروف وأحوال استثنائية في البلد، ويسمح للسلطة الحاكمة بحكم البلاد بصورة قانونية، وإصدار قوانين تسهل أوجه الحياة في البلد إلى أن يُوضع دستور جديد.

الفرق بين الإعلان الدستوري والدستور المؤقت

وبيّن الدكتور “حازم نهار” أن الدستور المؤقت يختلف عن الإعلان الدستوري الذي يتصف بالاختصار الشديد ومهمته تسيير البلاد لفترة وجيزة ومؤقتة إلى حين عودة مؤسسات الدولة. أما الدستور المؤقت فهو دستور كامل لكنه ينص في مواده على أنه مؤقت، ويُعمل به إلى حين إصدار دستور دائم، حيث يعمل بهذا الدستور المؤقت إلى حين إعلان موافقة الشعب على الدستور النهائي.

وعن وظيفة الدستور المؤقت، يرى “نهار” أنه يؤدي في مرحلة ما بعد الصراع وظيفة مشابهة لاتفاقات السلام عقب النزاعات، لكن يجب أن يركز أكثر على المبادئ والقيم، وعلى تنظيم مؤسسات الدولة وسلطاتها أثناء الفترة الانتقالية. ونظرًا إلى الظروف التي تصاغ فيها الدساتير المؤقتة، فإن هذه الصياغة تجري غالبًا من دون مشاركة كاملة من عموم المجتمع. ومع ذلك، ينبغي أن يشارك في العملية أكبر عدد ممكن من الجماعات السياسية البارزة، بغية تجنب العواقب السلبية المحتملة، مثل بروز أطراف معطلة جديدة وفق حديثه.

إعادة إنتاج الدكتاتورية غير ممكنة في سوريا تحت أي ظرف ومن أي لون، حتى لو ظهرت بعض السلوكيات التي توحي حاليًا بأنها محاولة لإعادة إنتاجها حازم نهار لـ سناك سوري

 

لم الإعلان الدستوري؟

ويهدف الإعلان الدستوري بحسب “نهار” إلى الحفاظ على وحدة البلاد واستقلالها وأمنها في الداخل والخارج، بحكم أن الأحوال الاستثنائية يمكن أن تهدِّد أمن البلد داخليًا أو خارجيًا. يمكن تعديل الإعلان الدستوري أو إلغاؤه بسهولة مقارنة بالدستور، لأنه لا يخضع لنفس الإجراءات الدستورية المعقدة.

يعيّن رئيس الجمهورية لجنة دستورية مؤقتة نظراً لعدم وجود برلمان أو محكمة دستورية عليا، لتقوم اللجنة بصياغة المواد وتحديد صلاحيات الحكومة المقبلة ورئيس الجمهورية عبد الكريم العواد لـ سناك سوري

 

أمام مهام الإعلان الدستوري فتقتصر وفقاً لـ”نهار” على تحديد سلطات وصلاحيات واختصاصات وواجبات السلطات والمؤسسات والهيئات العامة في الدولة وتنظيمها، ويُحدَّد في الإعلان الدستوري مدة المرحلة الانتقالية التي سيجري خلالها إعادة بناء مستويات السلطة المختلفة ومؤسساتها وهيئاتها، حيث يُلغى الإعلان الدستوري ليحل مكانه دستور دائم جديد يصدر عن هيئة تأسيسية منتخبة.

مهام اللجنة الدستورية

يشدّد “العوض” على ضرورة أن يعيّن رئيس الجمهورية لجنة دستورية مؤقتة نظراً لعدم وجود برلمان أو محكمة دستورية عليا، لتقوم اللجنة بصياغة المواد وتحديد صلاحيات الحكومة المقبلة ورئيس الجمهورية، وتحدّد مسار الدولة في ملف العدالة، والمدى الزمني للمرحلة الانتقالية، مع تشكيل مجلس تشريعي مؤقت للرقابة على الحكومة والمصادقة على القوانين ومحاسبة ما يصدر عن الرئيس الموقت من قرارات استراتيجية.

لجنة دستورية أم مجلس تأسيسي

بين الحاجة إلى مجلس تأسيسي لوضع دستور سوريا الدائم وتعيين اللجنة الدستورية، يجد “العوض” أن اللجنة الدستورية كافية في المرحلة الحالية، ويجب أن تهيئ الأرضية المناسبة لتشكيل المجلس التشريعي المؤقت.

أمّا “نهار” فيشير إلى حاجة سوريا لبناء عقد اجتماعي جديد، إما عبر انتخاب برلمان جديد وفق قانون عصري وحديث تضعه هيئة وطنية للانتخابات تضمّ قضاة وأكاديميين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، ثم يشكّل البرلمان لجنة دستورية لوضع الدستور وطرحه للتصويت في البرلمان أولاً وللاستفتاء الشعبي ثانياً.

في حين يتمثّل الخيار الآخر بانتخاب جمعية تأسيسية خاصة بكتابة الدستور، ثم يُعرض على الاستفتاء العام، وفي ضوئه تُجرى الانتخابات النيابية على حد قوله.

ويرى أن الأهم يكمن في الانتباه إلى أن هناك بعض القضايا الأساسية يُفترض أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها على مستوى الحقل السياسي السوري، مثل قضية اسم الدولة وطبيعة نظامها السياسي، ليكون ممكنًا كتابة الدستور من قبل الجمعية التأسيسية أو من قبل اللجنة الدستورية المنبثقة عن البرلمان المنتخب.

الخوف من إعادة تكرار تجربة الأسد الديكتاتورية

تسريبات الإعلان الدستوري التي تحدثت عن مواد تقول بأن الرئيس هو قائد الجيش وهو من يعيّن المجلس التشريعي أثارت مخاوف من إعادة إنتاج التجربة الديكتاتورية لنظام الأسد عبر منح شخص الرئيس صلاحيات مطلقة تختلط فيها السلطات التنفيذية والتشريعية ويجتمع فيها القرار السياسي والعسكري بيد الرئيس وحده.

وردّ “العوض” على ذلك بالقول أن البعض ينتقد بدون معرفة، وآخرون ينتقدون عن معرفة سطحية ولا يريدون إعطاء وقت للحصول على الاستقرار، وآخرون ينتقدون من منطلق وطني من أجل تصحيح مسار البناء.

بينما رأى “نهار” أن إعادة إنتاج الدكتاتورية غير ممكنة في سوريا تحت أي ظرف ومن أي لون، حتى لو ظهرت بعض السلوكيات التي توحي حاليًا بأنها محاولة لإعادة إنتاجها.

ويضيف:  «المرحلة الانتقالية في سوريا مرحلة صعبة، وعلى الرغم من أن هناك خيارات أفضل كثيرًا كان بإمكان السلطة الحالية اتخاذها، كخيار عقد مؤتمر وطني سوري حقيقي يشرف على المرحلة الانتقالية بجميع قضاياها ومستوياتها، إلا أننا لا نعرف حاليًا مدى تماسك السلطة القائمة وتوافق أركانها، فقد تكون قراراتها هي حصيلة ميزان القوى في داخلها».

كما أشار إلى أن النقد الموضوعي والعقلاني للسلطة الحالية أمر حيوي ومهم لتخفيف المخاطر، والحدّ من الآثار السلبية لقراراتها وتعميق الإيجابي منها بما يفيد المجتمع والسلطة معاً.

مجلس تشريعي يشكّله الرئيس

يقول “نهار” أن تشكيل مجلس تشريعي مصغر من قبل رئيس الجمهورية يمكن أن تكون له دلالة على التفرد في الحكم، لكنه قد يكون أفضل ما تسمح به طبيعة السلطة القائمة والظروف الراهنة. ولذلك يصبح التركيز الأهم على طبيعة الشخصيات التي سيتم تعيينها، فيما إذا كانت من لون واحد أم تنتمي إلى ألوان مختلفة، وعلى مدى تمتعها بالكفاءة اللازمة، والأهم على الدور المنوط بهذا المجلس، من حيث كونه صوريًا أو فاعلًا ومالكًا للقدرة على اتخاذ القرار ومعارضة قرارات السلطة في بعض المحطات.

يذكر أن قرار تشكيل لجنة وضع مسودة الإعلان الدستوري لم ينص على سقف زمني لعمل اللجنة، بينما لم تتضح معالم طريقة تشكيل لجنة دستورية لوضع دستور دائم وكيفية عملها والمدى الزمني الذي قد تستغرقه.

زر الذهاب إلى الأعلى