القوانين التمييزية ضد السوريات .. من الجنسية إلى الحرمان من الميراث
حرمان الأم من الحضانة بسبب دينها .. وباب تزويج القاصرات لا زال مفتوحاً
![القوانين التمييزية ضد السوريات](https://snacksyrian.com/wp-content/uploads/2025/02/473633048_603542159099210_7100567928875541675_n.jpg)
من البديهي أن يلجأ الإنسان عادةً للقانون حين يتعرّض للظلم باعتبار ذلك النص مصدراً للعدل الذي يبحث عنه لكن حالة النساء السوريات ستصطدم على مدار سنوات بنصوص قانونية “تمييزية” ضدهنّ أوقعت عليهنّ ظلماً طالما انتظروا رفعه عنهنّ.
سناك سوري _ محمد العمر
وشكّل سقوط النظام في البلاد فرصةً لمراجعة القوانين التي صدرت على مدار عقود ماضية، وحان الوقت لإعادة تقييمها وتطويرها بما يمنح النساء السوريات حقوق مواطنة متساوية طالما حلمن بها.
حرمان الأم السورية من منح الجنسية لأولادها
ويعدّ قانون الجنسية السورية في مقدمة القوانين التمييزية ضد المرأة السورية، حيث ينص القانون الصادر بالمرسوم رقم 276 لعام 1969 في مادته الثالثة
أن المواطن العربي السوري هو من ولد في “القطر” (سوريا) أو خارجه من والد عربي سوري، ليحصر بذلك حق منح الجنسية للأبناء بالأب فقط دون الأم.
فيما يمنح الجنسية لمن ولد في “القطر” (سوريا) من أم عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً، ولمن ولد في سوريا من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو لا جنسية لهما ويعتبر اللقيط في القطر مولوداً فيه وفي المكان الذي عثر عليه فيه ما لم يثبت العكس.
ويظهر هنا أن القانون يمنح الجنسية السورية للأطفال مجهولي النسب إذا ولدوا في “سوريا”، ويحرم أبناء السورية من جنسية أمهم، أي أن الموقع الجغرافي لولادة طفل مجهول النسب يكفي لمنحه الجنسية لكن الأم السورية لا تكفي لذلك.
حرمان الزوجة من الميراث
يشتمل قانون الأحوال الشخصية السوري على الكثير من المواد التمييزية ضد النساء، بما في ذلك قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالطوائف، حيث كان الدستور السابق ينص على أن “الأحوال الشخصية للطوائف مصونة ومرعية” ليمنح بذلك الطوائف الدينية إمكانية التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية بقوانين خاصة تبتّ بها المحاكم الروحية.
قانون الأحوال الشخصية رقم 59 لعام 1953 ينصّ مثلاً في المادة 264 على منع الإرث بداعي الاختلاف الديني بين المسلم وغيره، ما يعني أن الرجل المسلم لا يورّث زوجته المسيحية بحكم القانون، رغم أن زواجهما صحيح شرعاً وقانوناً.
كما أن قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية رقم 31 لعام 2006 ينص في المادة 178 منه على أن موانع الإرث تشمل اختلاف الدين.
حرمان الزوجة المسيحية من الحضانة
تنص المادة 305 من قانون الأحوال الشخصية السوري، على كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون يرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي.
وتوضح ورقة قانونية نشرتها منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن المحاكم الشرعية في “سوريا” اعتادت الاستناد في أحكام الحضانة بين الزوجة المسيحية والزوج المسلم على كتاب “الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية” لـ”محمد قدري باشا” والذي نصّ على منح الحضانة لمن يدين بالإسلام من الزوجين، ويشترط اتحاد الدين بين الولي على النفس والقاصر ما يعني سقوط الولاية عن الأم في حال كانت من غير دين طفلها.
الحضانة والولاية
يمنح القانون السوري حق الحضانة للأم بشكل عام، وقد عدّل القانون 18 لعام 2003 سنّ انتهاء الحضانة بحيث أصبح إكمال الغلام الثالثة عشرة من عمره والبنت الخامسة عشرة من عمرها.
فيما تقول المادة 138 أن زواج الحاضنة بغير قريب محرم من المحضون يسقط حضانتها، أي أن القانون هنا يمنع زواج المرأة الحاضنة لأطفالها إلا إذا كان الزواج من “محارم” أطفالها، علماً أن هذا الشرط لا يفرض على الزوج في حال انتقال الأطفال إلى حضانته.
أما المادة 170 فتنص على أن للأب ثم للجد العصبي ولاية على نفس القاصر وماله وهما ملتزمان القيام بها، ولا يمنح القانون الولاية المالية للأم إلا فيما ورد خلال المادة 173 التي تنص على أنه إذا أصبحت أموال القاصر في خطر بسبب سوء تصرف الولي أو لأي سبب آخر أو خيف عليها منه، فللمحكمة أن تنزع ولايته أو تحدّ منها ويجوز للقاضي أن يعهد إلى حاضنة القاصر ببعض أعمال الولي الشرعي المالية إذا تحقق له أن مصلحة القاصر تقضي بذلك وبعد سماع أقوال الولي.
سن الزواج
على الرغم من أن القانون رقم 4 لعام 2019 نصّ في المادة 16 على أن أهلية الزواج تكمل في الفتى والفتاة ببلوغ الثامنة عشرة من العمر.
إلا أن المادة 18 في القانون ذاته تنص على أنه إذا ادعى المراهق أو المراهقة البلوغ بعد إكمال الخامسة عشرة وطلبا الزواج يأذن به القاضي إذا تبيّن له صدق دعواهما واحتمال جسميهما ومعرفتهما بالحقوق الزوجية، كما أن إذا كان الولي هو الأب أو الجد اشترطت موافقته.
لكن مخالفة القانون هنا لا تبدو كارثية حيث عدّل القانون 24 لعام 2018 بعض نصوص قانون العقوبات، فأصبحت المادة 469 تنص على معاقبة كل من يعقد زواج قاصر خارج المحكمة المختصة بغرامة من 25 إلى 50 ألف ليرة إذا تم العقد بموافقة الولي، وتطبّق العقوبة ذاتها بحق المتعاقدين وممثلين وشاهدَي العقد.
هذه الصورة أوصلت نسبة زواج القاصرات في محاكم دمشق وريفها إلى 6% بحسب القاضي “يحيى الخجا” الذي قال عام 2022 لصحيفة “تشرين” حينها، أن الشهر الأول من عام 2022 شهد إبرام 76 عقد زواج لقاصرات وارتفع العدد إلى 78 في الشهر التالي.