الرئيسيةشباب ومجتمع

صحفيو سوريا يخلعون أسماءهم المستعارة: كان الضو بيعمي

صحفيون وصحفيات سوريون/ات: بعد اليوم.. لا لكاتم صوتنا الصحفي

خلع عشرات الصحفيين/ات السوريين/ات أسماءهم المستعارة بعد سقوط النظام بعدما حاصرهم بالخوف والرعب والاعتقال. وبدؤوا مرحلة جديدة يأملون فيها استعادة تقديرهم المعنوي ويسقطون خوفهم من الجلاد ومن “الضوء الذي يعمي في البلاد”.

سناك سوري-هبة الكل

طارد “كابوس الاعتقال” الصحفية “جلنار خطار”، طيلة الفترة السابقة على الرغم من أنها استخدمت أسماء مستعارة في الصحافة. وعاشت سنوات لا تعرف فيما إن كانت مطلوبة للنظام وسط رعب لحظة الاعتقال الذي انتهى فجر الثامن من كانون الأول الجاري مع الإعلان عن سقوط النظام.

ومثل “جلّنار” كثير من الصحفيات والصحفيين السوريين الذين اتخذوا من الأسماء المستعارة وسيلة للعمل بعيداً عن أعين الأمن والرقيب.

تقول الصحفية الشابة لـ”سناك سوري”، إنها طيلة سنوات عملها لم تكتب باسم رجل، والسبب «كان بدي الناس تعرف أن السوريات عم يشتغلوا ويقدموا شي للبلد»، بالنسبة لـ”جلنار” لم تكن الشهرة هاجساً بقدر ما كان الهدف نقل معاناة الناس وتوثيق الواقع، كما أن الكتابة باسمها الصريح ربما يؤدي إلى ملاحقة أفراد عائلتها على حد تعبيرها.

وبالنسبة لـ “خطار”، فأن تكون من بنات محافظة السويداء، لم يكن كافياً في أن يخفف من روعها أن النظام السوري لا يقدر على سجنهن. ولكن كانت تعيش حالة عدم اليقين الدائمة والسؤال الذي يراود كل سوري “هل أنا مطلوب للنظام أم لا”.

الصحفية جلنار خطار – سناك سوري

ملاذ آمن

لم يكن حال الصحفي “محمد سليمان” بأحسن من جلنار في الخوف على نفسه من أية ملاحقة أو مضايقة أو حتى من زيارات لأفرع الأمن السابقة.

تنكر الصحفي الشاب باسم “تامر محمود” منذ عام 2018، وهو الاسم الذي يصفه “سليمان” بأنه باب الفرج عندما بدأ بالتعامل مع جهات غير مرضي عنها من قبل النظام السابق. بالإضافة إلى أن اسمه المستعار كان يحميه من قطع الرقاب حيال كتابته لمواد تعتبر ممنوعة لدى نظام الأسد، كالتحقيق حول تهجير الأطباء وعن الكبتاغون، كما يقول لسناك سوري.

الصحفي محمد سليمان – سناك سوري

خوف على أمان المصادر.. أسماء مستعارة في الصحافة السورية

استخدمت الناشطة النسوية والكاتبة السورية “رهادة عبدوش” اسماً مستعاراً لتكتب موادها ومقالات الرأي لمدة 3 سنوات.

وقالت لـ”سناك سوري” إن شعورها كان دائماً بأن المواد التي تكتبها باسم مستعار لا تنتمي إليها. مضيفة أنها اضطرت لاستخدامه خوفاً على مصادرها في الأبحاث والمواد التي كتبتها حول السلم والحرب ومع ذلك لم تسلم من التشبيح والتهديد من أنها مع الثورة على حد تعبيرها.

أما الزميلة “داليا عبد الكريم”، فلم تكد تسمع السؤال حتى بادرت بالقول: «أنا رحاب تامر سناك سوري». مضيفة أنها لم تكن تتخيل يوماً أنها ستتخلى عن 5 أسماء مستعارة كتبت بها.

تقول “داليا”: «أذكر تماما مشاعر الألم والقهر حين لا أستطيع وضع اسمي على آرائي وموادي الساخرة، الألم الذي كان يزداد حين أسمع عبارات المديح ببعض المواد ولا أستطيع التباهي بأنها لي. أتذكر أيضاً أن صديقي كان يحاول التخفيف عني ويقول لي: “داليا الضو بهالبلد بيعمي”، وفعلاً كان ينجح، أجل الضوء كان يعمي ويمكن أن يأخذنا بعيداً وراء الشمس، آمل حقاً أن الضوء في سوريا المستقبل لن يؤدي بنا إلى العمى».

فالخوف من تابوهات السياسة والنقد الصريح والسخرية يدفع الكثير من صحفيات سوريا إلى التنكر خلف هويات أخرى، حيث ” طاقية الأخفى”.

أسماء مستعارة في الصحافة السورية

تعتبر ” نور سليمان” تجربتها في الكتابة بأسماء مستعارة بأنها كانت:«كان السبيل الوحيد لحمايتي وحماية أهلي أن أكتب بأسماء مستعارة، كي لا أعرف».

«بعدي عن السياسة»، قد تكون هذه أكثر عبارة سمعتها نور في حياتها الصحفية خوفاً على سلامتها: «قالوا لي اكتبي في الفن والثقافة، وكنت أرفض، لأن ما بعرف أكتب فيهم، وتربيت على الأخبار والسياسة».

الهاجس الأكبر الذي سقط بالنسبة لـ نور مع سقوط النظام هو الخوف من تفتيش حاسبها المحمول أو هاتفها الشخصي:«كان عليه بلاوي بتوديني على سجن صيدنايا».

الصحفية نور سليمان – سناك سوري

الثقة بالآخر

بالرغم من أن وسواس الكشف عن الهوية الحقيقية كان يطارد العديد من الصحفيات في سوريا، إلا أن وسواساً آخراً كان ينتابهن من بناء ثقة في المواقع التي يتعاملن معها من أن يشكل عامل تهديد من كشف هوياتهن.

تقول نور لسناك سوري: «طبعا كان يشكل عندي مصدر خوف ولكن، حتماً لم أكن أثق بالداخل السوري، حتى اكتشفت أيضا أن بعض المسؤولين في الخارج ممن كنت أتعامل معهم كانوا يتواصلون معي بأسماء وهمية أيضا».

وتعتبر الكتابة بالأسماء المستعارة ملجأ الكثير من الصحفيين/ات، للتخفي ربما عن مصقلة الرقيب أو مقص الهجمات والتهديد، إلّا أنّها لا تفقد المهنية حتماً.

واليوم وبعد سقوط النظام ، تودّع الكثير من الصحفيات أسماءهن الوهمية، بعيداً عن الشعور بالعجز والألم والخوف من الاعتقال أو الاغتصاب.

وأملاً بصحافة حرّة والدولة الجديدة، وأن لا يضّطرن بعد الآن من مصادرة حريتهنّ ونفي ذواتهنّ والعودة إلى الكتابة بالاستعارة ولا أن يخفين آراءهن خوفاً على حياتهن وأهليهن بعد أن نال الشعب السوري الحرية.

زر الذهاب إلى الأعلى