مسؤول حزبي على منصة مجلس محافظة السويداء…. مخالفة قانونية!
القدسية القانونية والإجرائية لمنصة مجلس المحافظة
اعتلى أمين فرع حزب البعث بالسويداء منصة إدارة اجتماع مجلس محافظة “السويداء” الأخير في مشهد يبدو مأولوفاً وروتينيا لدى الكثيرين فهل هو قانوني!؟.
سناك سوري _ رواد بلان
ذكر “النظام الداخلي لمجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية” الصادر بالقرار رقم 49 لعام 2012، من يجلس إلى جانب من يترأس المجلس. وذلك ضمن المادة 8 منه، التي جاء بها «يجلس أمين السر بجانب الرئيس ويقوم بطلب منه بتسجيل أسماء الحاضرين وتلاوة الأوراق والاقتراحات وقيد أسماء من يطلب الإذن بالكلام والمناداة بالأسماء في التصويت العلني وجمع الأصوات وفرزها وبيان التصويت وله حق المشاركة في المناقشات شريطة الجلوس إلى جانب الأعضاء».
اللافت أن هذه المادة هي الوحيدة التي جاءت على من يجلس بجانب الرئيس. ولفتت إلى أنه إذا أراد أمين السر أن يشارك بالمداخلات يشترط عليه الجلوس إلى جانب الأعضاء.
وهنا من المرجح أن المشرّع متنبه لخطر الحديث من على المنصة لما تحمله من سلطة قد تؤثر على الأعضاء. فمهمة المنصة أن تدير أعمال المجلس وتنظمه لا أن تسيطر عليه وتوجهه. حيث يتحول المشهد من مجلس يضم أعضاء ذوي مصدر واحد للسلطة هو المجتمع، إلى رئيس ومرؤوس.
وبالعودة إلى القانون فوجود أمين فرع الحزب يأتي ضمن تصنيف الضيوف على الجلسة. وذلك استناداً إلى أن الجلسة علنية أو إلى دعوة رئيس المجلس. وبالتالي من المنطق أن يكون هناك ركن من القاعة مخصص للضيوف ومنفصل عن الأعضاء، يمكن أن يتحدث في موضوع الجلسة بعد أخذ الإذن من الرئيس.
المحافظ ممثل السلطة المركزية على منابر مجلس المحافظة!
وإلى جانب هيمنة الحزب، تكتمل قبضة المركز على المحليات، بجلوس المحافظ على المنصة. وهو أولاً عضو قيادة فرع حزب البعث في المحافظة، وثانياً عضو السلطة التنفيذية، ويمثل السلطة المركزية في المحافظة. وعامل لجميع الوزارات، ويشرف على السلطات المحلية وجميع الأجهزة المحلية والمركزية في المحافظة، وعلى تطبيقها للقوانين والأنظمة، بحسب المرسوم الناظم للإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011.
ويأتي وجود المحافظ استناداً لكونه ممثل السلطة المركزية كمراقب وناقل لمخاطبة رئيس المجلس للسلطة المركزية. وباعتبار أنه رئيس المكتب التنفيذي يحدث أن يوجه له الأعضاء الأسئلة. والأعضاء يحق لهم أيضاً أن يستجوبوا أعضاء المكتب التنفيذي ومدراء المؤسسات المحلية. وبالتالي يفترض أن يكون للمحافظ وأعضاء المكتب التنفيذي ركن ما من القاعة يجلسون عليه خلال الجلسات وهذا الركن بالتأكيد ليس منصة إدارتها. وإذا عدنا لفلسفة القانون عبر لا مركزية السلطات لا يصح أن يرأس المسؤول المعين المنتخبين.
الحزب الحاكم… وممثلوه في مجلس المحافظة
نظرياً يمتلك الحزب الحاكم سلطة على ممثليه في مجلس المحافظة ومن حقه أن يمارسها عليهم بما هو متفق عليه بينهم. ولكن يأتي هذا الأمر في مقرات الحزب وليس في مجلس المحافظة ذاته. فالمجلس سلطة اعتبارية مستقلة ومنفصلة عن أي حزب.
وحصول حزب البعث على الغالبية الساحقة من مقاعد المجلس ومكتبه التنفيذي بمن فيهم رئيس المجلس ونائبه والمراقبين وأمين السر، والمحافظ وأمين عام المحافظة وغالبية الموظفين. إلا أن هذا لا يعطي القيادات الحزبية أي صلاحية لحضور جلسات المجلس كمسؤولين عنه أو قياديين له. فالمشاركة على المنصة الرئيسية تمنحهم دوراً وصائياً وتصادر إدارة الأعضاء وسلطة المجلس. وتقيد المبادرات وتفرض الوصاية بشكل غير رسمي أو مباشر عليه.
وقد جرت العادة أن يقوم كل من أمين فرع الحزب والمحافظين بإلقاء الخطابات والتوجيهات السياسية والإدارية. ويسترسلان في بعض الأحيان بالرد على مداخلات الأعضاء. ويوجهان حتى الرغبات والأفكار. ومن الدارج أن نسمع هنا وهناك جملة “هذا توجه القيادة” وذلك في الرد على بعض الأفكار والمقترحات التي تخالف السياسات السائدة. وهو ما يقطع طريق الأفكار والمبادرات الخلاقة والاختصاصية.
هذا الواقع غالباً ما يدفع شريحة واسعة من المجتمع إلى تحميل مسؤولية كل التقصير والمشاكل الناتجة عن العجز الحالي في المجلس من الموارد إلى الكوادر للسلطة المركزية. علماً أن السخط المحلي شكّل واحداً من أهم عوامل انفجار الأزمة السورية، وهو اليوم يكرّس أبرز عوائق المشاركة المجتمعية الفاعلة، وتعزيز ثقافة المبادرة والتشاركية مع المجالس. وحشد الإمكانات المجتمعية للتعاون مع المجالس، وإنتاج كوادر ممكنة لإدارة المجالس المحلية وبالتالي تفعيل اللامركزية. ما يعزز فرص حل الأزمة السورية والحد من التدخلات الخارجية، والبدء بمرحلة التعافي المبكر المعوَّل عليها الانتقال بالمجتمع إلى بيئة آمنة تسمح للسوريين بالمساهمة في إنقاذ وطنهم من هذا المستنقع.