بين بيانين وزاريين .. من وعود عرنوس الكبرى إلى واقعية الجلالي الحذرة
عشرات البرامج في بيان عرنوس .. ونقد القطاع العام وامتداح الخاص في بيان الجلالي
يختلف البيان الوزاري لحكومة “محمد الجلالي” الذي تم الإعلان عنه أمس عن بيان حكومة “حسين عرنوس” عام 2021 بالكثير من الشكل وبعض من المضمون.
سناك سوري _ دمشق
فمن حيث الشكل افتتح “الجلالي” بيانه بمقدمة مطوّلة مهّد فيها لتبرير تواضع الوعود بعض الشيء. في وقتٍ كانت هناك حصة وازنة في البيان تذكر التحديات في كل ملف تليها توجهات الحكومة للتعامل مع كل تحدٍّ منها.
وبينما تحدّث “الجلالي” عن أن حكومته تسعى لأن تكون حكومة الواقع. فقد اتّسم خطابه عموماً بالصراحة في تقييم القدرات وتقديم الوعود بناءً عليها. فقد تحدّث عن محدودية القدرات المالية للدولة فضلاً عن تعقيد الأزمة القائمة ليعلن بكل وضوح أن الحكومة لن تكون قادرة على مضاعفة الرواتب أو زيادتها لمستوى يلبّي رغبات المواطنين. كما أنها لن تستطيع توفير التغذية الكهربائية لكافة القطاعات لكنها ستكون مسؤولة عن أي هدر أو فساد قائم أو محتمل في توزيع كميات الكهرباء المتوفرة.
نقد السياسات الماضية
البيان الجديد حمل أيضاً نقداً للسياسات الماضية. حيث أشار إلى الآثار السلبية لبعض السياسات الاقتصادية الموروثة منذ عقود والتي عمّمت المشكلات الاقتصادية بشكل كبير في ضوء المستجدات الطارئة التي تعرّض لها الاقتصاد السوري.
ورأى البيان أن هناك بنى هيكلية وتنظيمية وطنية مشفوعة بسياسات عامة تقليدية صاغها العرف. أو جاءت استجابة لمتطلبات ظروف قامت قبل عقود ثم تحوّلت إلى ثوابت ثقيلة ومرهقة للاقتصاد. داعياً إلى الاستثمار في إعادة هيكلة هذه البنى والسياسات.
وكان من اللافت أيضاً أن البيان تحدّث عمّا وصفه بالانتشار “العشوائي” للاستثمار العام الناجح في بعض الأماكن والفاشل في أماكن أخرى. مبيناً أن الانسحاب من الجبهات الفاشلة هو قرار استثماري رابح لن تتردد الحكومة في اتخاذه عند توفّر متطلبات صنعه.
كما أن البيان أكّد أن الحكومة عازمة على مواصلة إعادة هيكلة سياسات الدعم الحكومي. والنظر إلى القطاع الخاص على أنه شريك في التنمية الاقتصادية وأنه ثروة وطنية لم يتم استثمارها بالشكل المطلوب. حتى أنه يجب أن يكون في دائرة الضوء قبل القطاع العام في كثير من الجبهات.
بيان حكومة عرنوس
حين وقف رئيس الحكومة السابق “حسين عرنوس” أمام مجلس الشعب في 6 أيلول 2021 ليعرض بيان حكومته الوزاري. كان يحمل معه كمّاً كبيراً من الوعود التي عبّر عنها البيان حينها بعناوين واسعة وكلمات برّاقة.
وعلى عكس بيان حكومة “الجلالي” فقد اكتفى “عرنوس” بمقدمة صغيرة تحدّث فيها عن المرحلة التاريخية التي تمرّ بها البلاد. ثم بدأ يعرض وعود حكومته في كل مجالٍ على حدة إلا أن اللافت في البيان احتوائه على عشرات البرامج التي تكاد تكون غطّت كل مجالات الحياة.
لكن البرامج الكثيرة والوعود البرّاقة في بيان حكومة “عرنوس” لم تنتهِ إلى نتائج هائلة تغيّر حياة المواطن. بل انتهت ولاية الحكومة في ظل ظروف قاسية ومعدلات فقر وغلاء وتضخم غير مسبوقة.
من جانب آخر فإن البيانين لم يختلفا إلى حد بعيد في إعلان أهداف الحكومة في مجالي “الدفاع والأمن” و”السياسات الخارجية”. كما اتفقا على ملف إعادة هيكلة سياسة الدعم الحكومي بذريعة إيصاله لمستحقيه.
وبينما نفى “الجلالي” قدرة حكومته على توفير الكهرباء لكافة القطاعات. إلا أن بيانه نفسه وعد بالعمل على تحقيق ما سمّاه الأمن الطاقي والمائي والبيئي المستدام. أما بيان حكومة “عرنوس” فقد وعد باستكمال خطط توسيع وتطوير قدرات المنظومة الكهربائية عن طريق إعادة تأهيل وصيانة محطات التوليد القائمة واستكمال تنفيذ المحطات المباشر بها.
إضافة إلى تشابه البيانين في الحديث عن نقاط أخرى مثل مكافحة الفساد وتعزيز الحوار والتشاركية وغيرها من العناوين.