أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

الإدارة المحلية في سوريا .. الإصلاح من الأعلى لا يكفي _ فراس سلمان

كيف تتغير عقلية المسؤولين نحو اللا مركزية؟

يوصف قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 بأنه أهم القوانين التي طالما وصفت بالنقلة النوعية في عمل الإدارة المحلية. وذلك نظراً للصلاحيات التي يعطيها للمجالس المحلية وأهمها تكريس مبدأ لا مركزية السلطات والمسؤوليات بإعطائه الشخصية الاعتبارية للوحدة الإدارية. لا بل حتى أنه وصف بأنه الوعاء الملائم لحل الأزمة السورية عن طريق تكريس اللامركزية الإدارية والمشاركة الشعبية.

سناك سوري _ فراس سلمان

لكن الحديث عن إمكانيات قوانين الإدارة المحلية يخفي خلفه الواقع الذي لم يتم به استغلال أيٍّ من هذه الإمكانيات وهو ما يتم تبريره بضعف الموارد والأزمة الاقتصادية. مع أن المأمول بحسب القانون 107 والقانون المالي 37 هو العكس، أي قيام الوحدات المحلية باستغلال مواردها المحلية بصورة أفضل لتحقيق تنمية محلية بالتعاون والشراكة مع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع المحلي. فلماذا لم تقم الوحدات الإدارية بتأمين مواردها من استثمار الإمكانيات المحلية؟.

الجزء الأهم من الإجابة يتضح إذا علمنا أن هنالك مشاريع محلية تنتظر إقراراها في الحكومة منذ ما قبل صدور القانون 107 نفسه. أي أننا أمام مرض المركزية الإدارية الشديدة المعيق للإنجاز حتى في مجال تطبيق اللامركزية. فراس سلمان

أعتقد أن الجزء الأهم من الإجابة يتضح إذا علمنا أن هنالك مشاريع محلية تنتظر إقراراها في الحكومة منذ ما قبل صدور القانون 107 نفسه. أي أننا أمام مرض المركزية الإدارية الشديدة المعيق للإنجاز حتى في مجال تطبيق اللامركزية.

المركزية واللامركزية في سوريا

المركزية ببساطة هي تركيز القرار بيد الحكومة المركزية في العاصمة, ونظراً لاستحالة العملية للقيام بالكم الهائل من الأعمال على مستوى البلاد من قبل الحكومة مباشرة. اتجهت الدول ومنها “سوريا” إلى اللامركزية وذلك بإعطاء جزء من هذه الصلاحيات إلى المرافق العامة وإلى المجالس المحلية. ولذلك أنشأت المديريات في المحافظات وصدر قانون للإدارة المحلية منذ الخمسينات.

والانتقال نحو اللامركزية يحتاج أولاً تغيير عقلية المركزية الشديدة المسيطرة ومن ثم إعطاء أولوية لموضوع الإدارة المحلية في برنامج عمل الحكومة. فراس سلمان

 

وفي عام 2011 صدر قانون الإدارة المحلية رقم 107 وتبعه إصدار الخطة الوطنية للامركزية الإدارية لنقل بعض اختصاصات الوزارات إلى مجالس المحافظات ومكاتبها التنفيذية, لكن كل ذلك أيضاً اصطدم بواقع مليء بالصعوبات الناتجة عن تعقيدات الأزمة السورية وعن مشاكل ضعف الموارد البشرية المؤهلة على مستوى المحليات, وهذه الأمور معروفة للجميع, إما أن يكون العائق الرئيسي هو التركيز الإداري الشديد للعمل الحكومي من قبل نفس الحكومات التي تطرح رعاية الانتقال إلى اللامركزية في بياناتها الحكومية, فهذا يعني أننا ندور في حلقة مفرغة, وبالتالي فلا بد من وضع الحكومة أمام مسؤولياتها لإيلاء ملف الإدارة المحلية الاهتمام المطلوب.

مقترحات لتفعيل القانون 107

هناك سؤال يطرح دائماً؟ لماذا لا نسعى لإنجاح العمل في ملف الإدارة المحلية بالأدوات الحالية من خلال البدء بإصلاح وتطوير البنية المؤسسية لنظام الإدارة المحلية على المستوى المركزي ليكون مشروع اللامركزية الإدارية مرحلة لاحقة تنقل صلاحية إدارة النتائج الإيجابية المحققة وليس نقل ملفات شائكة بدون صلاحيات إلى المحليات.

والانتقال نحو اللامركزية يحتاج أولاً تغيير عقلية المركزية الشديدة المسيطرة ومن ثم إعطاء أولوية لموضوع الإدارة المحلية في برنامج عمل الحكومة.

والإصلاح من الأعلى لا يكفي فهو يعبر عن تفكير مركزي فقط وبالتالي عليك العمل مع المجالس المحلية ومن هنا تأتي أولوية إنشاء مديرية خاصة بالتطوير المؤسساتي والتدريب هدفها بناء وتعزيز القدرات المؤسسية للمجالس المحلية فراس سلمان

 

وهذا يتطلب سلسلة إجراءات منها إعادة تشكيل المجلس الأعلى للإدارة المحلية وضم وزير الشؤون الاجتماعية إليه كون هذه الوزارة مسؤولة عن المؤسسات المجتمعية والفرق التطوعية التي من المفترض أن تكون أساساً في ترسيخ المشاركة المجتمعية، ومن ناحية أخرى تشكيل فريق عمل دائم يضم نواب الوزراء ورؤساء الهيئات متفرغون لأعمال هذا المجلس ويملكون صلاحيات التصديق والإقرار، كما يجب أن تكون من مهامهم البحث عن حلول للمشكلات والملفات المزمنة ليتبناها المجلس.

انتقال العقلية نحو اللا مركزية

من جانب آخر هناك تفصيل لا يمكن تجاهله، هل المسؤولين في وزارة الإدارة المحلية ممن اعتادوا الإدارة بعقلية مركزية يمكنهم بسهولة الانتقال نحو اللامركزية. بتقديري إن الجواب لا لذلك فإن الوزارة تحتاج إنشاء مجلس استشاري يتبع للوزير مباشرة ومكون من خبراء إدارة. ومهمة هذا المجلس هو العمل مع المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية وتزويدها بالخبرة المطلوبة.

اللامركزية في سوريا
انتخابات الإدارة المحلية – 2022

والإصلاح من الأعلى لا يكفي فهو يعبر عن تفكير مركزي فقط وبالتالي عليك العمل مع المجالس المحلية ومن هنا تأتي أولوية إنشاء مديرية خاصة بالتطوير المؤسساتي والتدريب هدفها بناء وتعزيز القدرات المؤسسية للمجالس المحلية بمختلف الطرق الممكنة كالكتيبات الإرشادية والتدريب عن بعد…..الخ.إضافة للحاجة الماسة لوجود حاضنة للمشاريع التنموية مركزية ومحلية.

لكن بالمجمل لا يمكن للوزارة ولا للمجالس أن يعملوا بمفردهم هم بحاجة للشراكات وهذه الشراكات متنوعة منها ما هو مرتبط بالتعاون الدولي وهذا يحتاج ضوء أخضر مركزي لبناء شراكات مع المنظمات الدولية والاستفادة من مواردها. وهناك أيضاً الأهم وهو تحقيق المشاركة المجتمعية ومشاريع التنمية التشاركية، وعلى سبيل المثال هنالك تجارب واعدة مثل الفزعات في درعا وريف دمشق والتي أثبتت نجاحها في حل أكثر من مشكلة للسكان المحليين، وذلك بالعمل على اعتماد هذه التجارب وتعميمها وتطوير إمكاناتها. والإضاءة على عمل المجالس المتميزة والعمل على تعميمها.

زر الذهاب إلى الأعلى