أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

جردة حساب حكومة عرنوس في 4 سنوات .. ماذا نفّذت من البيان الوزاري؟

في عهد حكومة عرنوس ... ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار وزلزال ومحاولة حجب ثقة

تحوّلت حكومة “حسين عرنوس” الثانية رسمياً إلى حكومة تصريف أعمال مع إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب بموجب المادة 125 من الدستور السوري. وبالتالي بات من المتوقع أن يتم الإعلان عن رئيس حكومة جديد في أي لحظة.

سناك سوري-هبة الكل

تسلّم رئيس الحكومة “حسين عرنوس” منصبه عقب الانتخابات البرلمانية عام 2020، ثم أُعيد تكليفه بعد الانتخابات الرئاسية عام 2021 محتفظاً حينها بـ25 وزيراً من الحكومة السابقة مع إضافة 5 وزراء جدد.

وعلى الرغم من صدور تعديلات وزارية خلال الـ4 سنوات. إلا أن هناك شبه اتفاق بين الجميع على أنّ المشكلة تكمن في طريقة التعاطي مع الملفات وليس بتغيير القائمين عليها.

كيف عملت الحكومة على أولوياتها؟

حدد البيان الوزاري لحكومة “عرنوس” عام 2021، ستّ أولويات أساسية، كان من المفترض أن تعمل الحكومة عليها.

في الأولوية الأولى، تعهدت الحكومة بتوفير الأمن والأمان للمواطنين، لكنها لم تنجح في مهتمها بمحافظة درعا مثلاً والتي تشهد عمليات اغتيال باستمرار.

أما على صعيد المصالحة الوطنية فإن رقعة المصالحات الوطنية لم تتسع في عهد الحكومة السورية التي أعلنت بيانها الوزاري عام 2021 ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم لم تنضم أي منطقة جديدة للمصالحات وأصلاً لم يعد هناك وزارة ولا هيئة للمصالحات الوطنية.

وفي أولويتها الثانية، تعهدت الحكومة باستمرار العمل على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية. وفي الثالثة أكدت السعي لتحسين المستوى المعيشي للمواطن، وتخفيف الفقر، معربة عن إصرارها على تحقيق النصر في المعركة الاقتصادية كما جاء في البيان. ومرّة أخرى لا يبدو أن جهودها قد أثمرت، فالمواطن يدفع ما يعادل نصف راتبه في يوم واحد لتغطية نفقات أسرته ولو كانت مؤلفة من شخصين.

وبحسب الخبير الاقتصادي “عمار يوسف” فإن 92% من الأسر السورية تعيش تحت خط الفقر المدقع. ووفقاً لمقياس الأمم المتحدة فإن أي شخص دخله اليومي أقل من دولار و20 سنت يعتبر تحت خط الفقر. واليوم لا يوجد في سوريا أي موظف حكومي يصل مدخوله اليوم إلى دولار و20 سنت. بينما ارتفعت تكاليف المعيشة وانخفضت القدرة الشرائية ووصل التضخم إلى 400% عام 2023.

السعي لتحسين المستوى المعيشي للمواطن، وتخفيف الفقر، والإصرار على تحقيق النصر في المعركة الاقتصادية. البيان الوزاري لحكومة عرنوس 2021

مكافحة الفساد جاء ضمن الأولوية الرابعة للحكومة، وبالفعل سمع المواطنون عن ملفات فساد كبيرة تم الإيقاع بها وانتشرت أحاديث تفيد بالتحقيق مع مسؤولين على مستوى عالٍ. لكن حادثة مثل تورط عضو في مجلس الشعب بإهدار 300 ألف ليتر مازوت مرّت دون محاسبة وتمت حماية النائب بحصانته البرلمانية.

وفي أولويتها الخامسة، ذكرت الحكومة أنها تسعى لإزالة المعوقات التي تعترض عملية إعادة الأعمار. لكن لا يبدو أن مساعيها تكللت بالنجاح، إلى إن اعتُبر “نفق المواساة” أحد أركان عملية إعادة الإعمار.

أما الأولوية الأخيرة، فيبدو أن المناخ السياسي الحالي والتطورات العالمية، قد ساعدت على تحقيقها. متمثلة بتعزيز السياسة الخارجية وفرص التعاون الدولي. فكان هناك العديد من المشاركات العالمية كما أعيد افتتاح السفارة السعودية في سوريا لأول مرة منذ عام 2011. بالإضافة لإعادة افتتاح السفارة الإيطالية في “دمشق”.

ماذا نفذت حكومة عرنوس من سياساتها؟

بعد سرد الأولويات، ذكرت حكومة “عرنوس” في بيانها عام 2021، سياساتها التي ستنتهجها في كل قطاع من قطاعات الدولة.

السياسات الاجتماعية والتنمية البشرية والإدارة

في هذا الخصوص ذكرت الحكومة أنها ستتابع العملية التربوية والتعليمية في سوريا. والعمل على توفير متطلبات ذلك من البنى التحتية، وتطوير المناهج التربوية. في وقتٍ كانت محنة زلزال 6 شباط أصعب من طموحات الحكومة فالأضرار التي لحقت ببعض المدارس أدت لانتقال طلابها إلى خيامٍ لتلقي دروسهم كما هو الحال في قريتي كلماخو وعين غنام بريف جبلة.

ارتفاع سعر الدولار

ومن جهة أخرى كان التخبط في قرارات وزارة التربية حول أتمتة امتحانات البكالوريا نقطة سلبية في الأداء الحكومي ضمن السياسة التربوية.

كذلك فإن الحكومة تعهدت بتطوير الخطاب الإعلامي وتحديثه، بهدف محاكاة القضايا التي تهم المواطنين. ومع ذلك فإن الإعلام الرسمي مايزال بعيداً عن التطور المطلوب والجرأة في طرح قضايا المواطنين ما أبعده إلى حد كبير عن دائرة المتابعة من الناس.

ورغم وعود الحكومة بالعمل على تقليل عبء المرض على المجتمع وتحسين جودة حياة أفراده. بتقديم الخدمات الصحية الأساسية، فإن الواقع مختلف، ولعلّ أبلغ مثال على ذلك عدم استقبال مشفى حكومي حالة قلبية إسعافية لأنه كان “يوم عطلة“. كذلك تكبيد مرضى القلب مبالغ طائلة لقاء تركيب الشبكات التي تغيب عن المشافي الحكومية.

كذلك من الصعوبة البحث وإحصاء عدد المرات التي ارتفعت فيها أسعار الأدوية واختفائها من الأسواق خلال هذه السنوات الأربع. ففي عام 2022 ارتفع سعر الأدوية بنسبة 50%، وفي عام 2023 رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية ما يجاوز الثلاث مرات بنسب تتراوح ما بين 70- 100%.

السياسات الاقتصادية

تعهدت الحكومة بتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار الداخلي بمختلف السبل، بهدف زيادة الإنتاج المحلي. ولأجل هذه الغاية قالت إنها ستعمل على تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتوفير سائر متطلباتها. وعلى الأرض الواقع عانى أصحاب المشاريع الصغيرة من واقع الكهرباء التي تعيق أعمالهم. بينما طالب مستثمرون بتخفيض سعر الفيول الذي يضطرهم لزيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي زيادة الأسعار.

ولم يخلُ البيان من وعود كثيرة بخصوص دعم الزراعة، والعمل على تحفيز زيادة الإنتاج الزراعي، سواء النباتي أو الحيواني. وتوفير المستلزمات، ومرّة أخرى يبدو الواقع مختلفاً، فرفع أسعار الأسمدة عدة أضعاف خلال 4 سنوات أعاق العملية الزراعية، التي تواجه تراجعاً كبيراً رغم أهميتها.

وعلى مستوى السياسة النقدية وعدت الحكومة ﺑ “الاستمرار في تخفيف حدة تقلبات سعر الصرف للحفاظ على القوة الشرائية لليرة السورية”. إلا أن من يقارن سعر الصرف بين عامي 2021 و2024 يدرك أنها مجرد وعود مكتوبة غير قابلة للصرف على أرض الواقع. حيث وصل سعر الصرف الرسمي اليوم إلى 13668 ليرة سورية بعد أن كان 2512 ليرة سورية عام 2021، وفقاً للمصرف المركزي.

وفي مجال التجارة الداخلية، جددت التزامها بتوفير المواد الغذائية والاستهلاكية بأسعار ومواصفات مناسبة. كذلك مراقبة الأسواق باستمرار وتعزيز دور مؤسسات التدخل الإيجابي. وكانت النتيجة غياب الأرز والسكر المدعومَين من البطاقة الذكية، وارتفاع كبير في الأسعار، إلا أن الحكومة حققت وعدها بتوفير المواد الغذائية في الأسواق فهي لم تنقطع.

أما في مجال الإدارة المحلية، فقد تعهدت بتوفير الحماية للناس والممتلكات والارتقاء بمستوى الكوارث. لكن زلزال السادس من شباط الذي أودى بحياة آلاف السوريين ودمر منازلهم، جاء مخالفاً لتوقعات الحكومة كما يبدو.

ارتفاع أسعار المحروقات

وفي مجال الطاقة، وعدت ﺑ”زيادة إنتاج النفط والغاز ومواد الثروة المعدنية” لكن وصول أسعار المحروقات إلى مستويات غير مسبوقة ورفع الدعم عن البنزين. وما عاشه السوريون خلال السنوات الأربع الفائتة من أزمات محروقات خانقة. يظهر عدم النجاح في تحقيق هذا الوعد، فقد ارتفع البنزين أوكتان 90 من 850 ليرة سورية لعام 2021. إلى 12360 ليرة لهذا العام، أما اوكتان 95 ارتفع من 1050 ليرة لعام 2021م، إلى 13975 ليرة من هذا العام. وحتى مادة المازوت عانت من ارتفاع جوهري من 450 ليرة لعام 2021م إلى 12540 ليرة هذا العام.

كذلك بالنسبة للغاز المنزلي الذي ازداد سعره عبر البطاقة الذكية من 9700 ليرة عام 2021م إلى 20 ألف ليرة لحد اللحظة. والحر داخل وخارج البطاقة من 30 ألف ليرة إلى 131 ألف ليرة. ناهيك عن الارتفاع المستمر للكهرباء والتقنين المتفاوت بين المناطق والمحافظات. فعلى سبيل المثال ارتفع سعر الشريحة المنزلية الأولى من 1-600 كيلو واط ساعي من ليرتين عام 2021 إلى 10 ليرات عام 2024 أي 5 أضعاف السعر.

وعلى صعيد النقل الجماعي، وعدت حكومة “عرنوس” ببرنامج “تعزيز منظومة النقل الجماعي وتشجيعها. وتقليل الازدحام”. إلا أن أزمة النقل خلال أربع سنوات وفي أغلب المحافظات السورية مع إضراب السائقين، ومعاناة الركاب والموظفين والطلاب الوصول إلى أعمالهم بسبب الازدحام أثبتت فشل تلك المساعي الحكومية في تحقيق ذلك.

تعهدت الحكومة في بيانها الوزاري بتوفير الحماية للناس والممتلكات والارتقاء بمستوى الكوارث. لكن زلزال السادس من شباط الذي أودى بحياة آلاف السوريين ودمر منازلهم، جاء مخالفاً لتوفعات الحكومة كما يبدو.

وإلى مجال الموارد المائية، الذي وعدت الحكومة ضمنه بتوفير مياه الشرب والمياه الكافية للمواطنين. الذين يعيشون خلال هذا الصيف أسوأ أزمة مياه منذ أكثر من 6 سنوات، خصوصاً في اللاذقية والقنيطرة.

ولا يختلف الحال فيما يخص النقل، الذي لم تتوفر خدماته بشكل مناسب كما وعدت الحكومة. وبخلاف ذلك مايزال السوريون يعانون من أزمة نقل تتفاوت حدتها بين منطقة وأخرى.

سياسة التنمية الإدارية

وهي السياسة المتعلقة بإصلاح القطاع العام، وتطوير الوظيفة، كمثال على ذلك نظام الحوافز الذي تم إقراره بعد 3 سنوات من دراسته بموجب المرسومين 252 و18 لعام 2022. ثم تم إلغاء العمل به بعد أقل من شهرين على تطبيقه وإعادته للدراسة مجدداً!.

وفي مجال تعزيز اللامركزية الإدارية، فقد واصلت حكومة “عرنوس” عدم تطبيق مواد قانون “الإدارة المحلية” الذي صدر في آب 2011 وينص على وضع الخطة الوطنية للامركزية الإدارية بهدف نقل الاختصاصات من السلطة المحلية إلى السلطة المركزية خلال 6 أشهر من صدوره. على أن تتضمن الخطة برنامجاً زمنياً ضمن فترة أقصاها 5 سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة لاستكمال نقل الصلاحيات إلى المجالس المحلية.

قوانين عالقة في الهواء

وعن القوانين العالقة التي تعهدت الحكومة بإصدارها وبيانها  لم تبصر النور كقانون “الذمة المالية” الموعود رغم وعود إنجازه منذ نهاية 2019. والذي ينص على إفصاح الموظفين عن أملاكهم منذ بداية عملهم الحكومي وحتى انتهاء خدمتهم. فيما سبق وأن قالت وزيرة التنمية الإدارية “سلام سفاف” في  شباط 2022 أن «قانون الذمة المالية سيقر قريباً وسيعلن عنه بالوقت المناسب»، وبمثله نظام الحوافز الصادر بمرسوم 2022 والذي بقي عالقا قيد الدراسة لمدة نحو ثلاث سنوات وتريث “عرنوس” بمنح الحوافز حتى إشعار آخر، بعد أشهر قليلة من تطبيقه ثمّ ألغي العمل به.

اعتراضات على الحكومة وحجب ثقة

تعرضت الحكومة الحالية لاستجواب من مجلس الشعب في أواخر تموز 2023. في جلسة استثنائية عوّل كثيرون في الشارع السوري على أن تكون بوابة لإقالة الحكومة وإلغاء قراراتها برفع الدعم عن شرائح واسعة من السوريين.

لكن رئيس مجلس الوزراء قدّم مبررات التقشف الحكومي إلى البرلمان وقال أن “الاستمرار بنهج الدعم وإدارة السياستين المالية والنقدية وفق النهج السائد منذ عقودٍ خلت لم يعد مقبولاً”. لتمرّ الجلسة دون تصويت على حجب الثقة.

وبخلاف ذلك صدر بعد فترة على الاستجواب، قرار برفع أسعار المحروقات إلى عدة أضعاف وصف حينها بأنه تأكيد على رفع الدعم.

رفع أسعار الكهرباء

الحكومة تحافظ على البعث وتنفق على مقراته

احتفظ حزب “البعث” الحاكم في “سوريا” بأغلبية الحقائب الوزارية بما فيها الوزارات السيادية بطبيعة الحال وترك لأحزاب الجبهة المتحالفة معه. 3 وزارات لكنها بلا حقيبة كما جرت العادة، فكان “عبد الله سلوم عبد الله”  خلفاً لـ”محمد فايز البرشة” “وزير الدولة لشؤون الاستثمار والمشاريع الحيوية” من حزب الوحدويين الاشتراكيين. والذي سبق وأن ترشح لمنصب رئاسة الجمهورية.

وأحمد بوسته جي ” وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب” وهو عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد، خلفاً لـ”ملول الحسين” من الحزب نفسه، إضافة إلى “ديالا بركات ” وزيرة الدولة لشؤون مشاريع المنطقة الجنوبية “، وهي من الحزب السوري القومي الاجتماعي.

في حين لم تخفِ الحكومة انحيازها لـ”البعث” رغم إلغاء المادة الثامنة من الدستور. حيث واصلت وزاراتها استئجار عقارات لصالح فروع الحزب ودفع نفقاتها من خزينة الوزارة لتكون بامتياز حكومة “البعث”.

غياب الشباب وتمثيل نسائي خجول

يغيب الشباب كلياً عن مقاعد الحكومة السورية، حيث وصل معدل متوسط أعمار الوزراء إلى 58.96 عاماً.  بينما لم تتجاوز حصة النساء 13.7% حتى بعد تعيين “لمياء شكور” وزيرة للإدارة المحلية كأول امرأة تتولى هذا المنصب، لتكون رابع وزيرة في الحكومة.

حكومة لا تخرج عن السياق

لم تخرج حكومة “عرنوس” الثانية عن سياق الحكومات التي سبقتها في قيادة البلاد، سواءً لناحية النهج الاقتصادي. الذي أدى لمزيد من الضغط على الطبقات الأفقر من خلال التخلي عن دعمها ورفع أسعار السلع الأساسية.

أو لناحية النهج الإداري والإصلاحي في ظل استمرار الفساد والوقوف في وجه الصحفيين والناشطين الذين يتحدثون عنه أو ينتقدون أداءً سلبياً في جهة عامة هنا أو هناك. كحالات الاستدعاء والتوقيف التي طالت عدداً من الصحفيين/ات لمنشوراتهم وتحقيقاتهم عن الحياة اليومية، كاستدعاء مراسل صحيفة الوطن “محمد خبازة” والمذيعة “هنادي كحيلة”. ما يناقض تعهدها عبر بيانها الوزاري بإحداث تغيير إيجابي ونوعي في قطاع الإعلام.

تحتاج “سوريا” في المرحلة المقبلة إلى حكومة جريئة لا حكومة “تضخم ورفع أسعار” قادرة على اتخاذ قرارات صعبة وكبرى لا سيما على الصعيد الاقتصادي لإنقاذ البلاد من حالة التدهور التي تعيشها. في خضم الحرب التي لم تتوقف تبعاتها منذ 13 عاماً.

يذكر أنه من المتوقع في أي لحظة صدور مرسوم رئاسي بتسمية رئيس حكومة جديدة، وفقاً لأحكام الدستور بعد الانتخابات البرلمانية.

زمالة سناك سوري 2024

زر الذهاب إلى الأعلى