سوريون لن يراهم أحد .. يعيشون يوميات الحزن العادي
لن أقول رأيي في الانتخابات الأمريكية بينما أحاول الحصول على البطاقة الذكية
لن أبدي رأيي بالانتخابات الأمريكية بينما يحرقني الحر أثناء محاولة الحصول على البطاقة الذكية ودفتر العائلة لأكون مواطناً صالحاً يستحق الدعم الحكومي.
سناك سوري _ محمد العمر
لا أدري لماذا يعتبر السوريون بمحيطي (حتى لا أعمم) أنفسهم عالميين لهذه الدرجة. أو أن آذار 2011 جعل منهم كذلك. يهتمون لشؤون الحكومة الألمانية مثلاً أو لتغيير وزير في “اليونان” بينما لا يهتزّ لهم جفن لحضور 250 ممثلاً عنهم في مجلس “الشعب” السوري الذي يقع في “الصالحية” بالقرب من “بار فريدي” سابقاً وللمصادفة. حيث كان من الممكن للشاعر “عزمي موره لي” اللقاء مصادفة بـ”أكرم الحوراني” أو “ناظم القدسي”.
لن يرانا أحد في هذه البقعة من العالم حيث نشتري طابع “إعادة إعمار سوريا” و”المجهود الحربي” وسواها من لزوم ما لا يلزم. بينما نفلسف آراءنا في سياسة “واشنطن” و”موسكو” و”بكين” ونجود بما منَّ الله علينا في الفقه والحديث والسنن ونقسم أننا رواد في العلوم والفلك والفضاء.
نحن أبناء حرب. تعرّفنا إلى الموت جيداً حتى خبرناه وبتنا نعرف جيداً من أي جهة سيأتي. ولهذا صارت حياتنا مستعجَلة كأنها محاولة لتعويض ما فات من عمرنا أثناء انتظار الموت على وقع القذائف والصواريخ بل وحتى الزلازل.
لن أبدي رأيي بشغور منصب الرئاسة في “لبنان” ولا في التحولات السياسية السعودية نحو الليبرالية ولا بتقديرات الحكومة اليابانية لاقتصادها. في وقتٍ تمنحني فيه “السورية للتجارة” كيلو بطاطا بـ 9000 ليرة.
لن أمنح نفسي تلك الأهمية الواهمة ولن يقنعني فايسبوك بأن إفصاحي عمّا أفكر فيه مع جمع 8 لايكات أمراً ذا قيمة كبرى. سأكتفي بإحضار مخصصاتي من الخبز عبر البطاقة الذكية وأصمت في بلاد تفضّل الصمت مليّاً. إنها بلاد صامتة لا تحب الثرثرة حول شؤون أهلها. وتكتفي بنقاش عابر حول غلاء المحروقات لا يؤدي إلى شيء.