الموليا.. نغمة الحزن التي حولها أبناء الفرات إلى حب وغزل
الموليا الفراتية صراع بين الرقة ودير الزور على الجمال الفني والموسيقي
تعتبر “الموليا” واحدة من أبرز أنواع الأغنية الفراتية، والتي انتشرت بوادي الفرات ضمن محافظتي “الرقة” و”دير الزور”. مع الاحتفاظ بخصوصية كل منطقة بينهما.
سناك سوري _ ناديا المير محمود
و”الموليا” واحدة من أشهر فنون الغناء الشعبي في وادي الفرات وبلاد الشام على العموم، وتشترك محافظتي دير الزور والرقة بأدائها على البحر البسيط. وتتألف من ثلاثة أشطر والرابع ينتهي بمفردة نهايتها الهاء أو التاء المربوطة.
ويقول عضو لجنة التحكيم بالفنون الشعبة على مستوى سوريا، ومدير المسرح المدرسي في دير الزور. “صادق فياض”، لـ”سناك سوري”، إن الاختلاف مابين الموليا الديرية و الرقاوية، يكمن بالمقام الموسيقي. فقد غنوها أهل الرقة على مقام “النهاوند” بصيغته الحزينة واستمروا به، أما بدير الزور اعتمدوا على مقامي “البيات” و”الحجاز” كمقامات أساسية ما أضفى عليها مزيد من البهجة.
وحول منشأ “الموليا” ذكر “فياض” أن الروايات عديدة حول زمن ظهورها، فقد نسبها البعض لمدينة “واسط” العراقية. بالعهد الأموي، حين كانت النساء تصيح خلال وقوع الأحداث بمفردات كمولاي أو موليا للتعبير عن الحزن. ومنهم من أعادها إلى أيام “البرامكة”.
وبينما انطلقت “الموليا” للتعبير عن الحزن والرثاء، تطورت وباتت تُغنى بكافة المناسبات وللتعبير عن الغزل، المديح، الهجاء. إضافة للسهرات الجماعية المقامة على ضفة نهر الفرات، حسب ماذكر “فياض”.
وكحال بعض أنواع الأغنية الفراتية، رافق المزمار، الشاخولة، الناي والربابة والدفوف عزف “الموليا” بكلتا المحافظتين. ودخل العود والقانون لاحقاً عند أدائها.
يعقوب حزنه انقضى حزني عليهم دوم
قـلبي شبه العنس أهفت ولدها روم
بكيت بحرقة قلب لمن الجفن ورّم
وأنت طبيب تعرف ما كان بي شيّهالشاعر محمود الذخيرة
الموليا.. معاني عديدة أنتجت تراث كامل
وكشف “فياض” خلال حديثه لسناك سوري، أن معنى “موليا” غير متفق عليه، وحملت العديد من المعاني. وأرجعها البعض إلى العُصابة، التي تشد بهن النساء رؤوسهن والمعروفة باسم “الهبرية” بدير الزور، كونها أكثرها ذكراً بالأغاني المتداولة.
اجتاحت “الموليا” وادي الفرات، وانتشرت إلى سائر البلاد، وأبرز الأسماء التي قدمتها بـ”الرقة” هو الشاعر الراحل “محمد الذخيرة” وابنه “محمود”، إضافة إلى “محمد الحسن” و”ابراهيم الأخرس” وغيرهم.
كما برع العديد من فناني “دير الزور” بتقديم هذا النوع الغنائي أمثال “ابراهيم الجراد“، “محمد الهزاع”، و”دويد القنبر”. وتابعها جيل الشباب من بعدهم منهم “حمدان العيسى”، “اسكندر عبيد”، “جمال دوير”.
واستحوذت “الموليا” على اهتمام العديد من الباحثين والمهتمين بالتراث الفراتي، لما لها من شعبية عند الناس. وتضاف لقائمة أنواع الأغاني الفراتية الأخرى مثل “العايل”، “الميمر”، “اللالا”، و”السيه”.