ازداد عدد السوريين في الإمارات مؤخراً، خصوصاً فئة الشباب منهم. الذين يجدون في فرص العمل هناك منقذاً لهم ولمستقبلهم، بالمقابل هناك وجه آخر للحكاية ربما لا يدركه الغالبية إلا بعد الوصول إليها.
سناك سوري_ ميس الريم شحرور
حالها كحال معظم الشابات اللواتي وصلن البلاد بحثاً عن فرصة عمل بعد التخرج. توضح “هديل 26 عاماً لموقع ” سناك سوري” أنّ أحلامها الوردية في إيجاد عمل في مجال التعليم براتب يلبي طموحها. ما لبث أن تبخّر لتجد نفسها في إحدى “المولات” تعمل مع وكالة عالمية للأحذية.
وبالرغم من أنّها أكثر حظاً من الشباب الذين يحلمون بفرصة عمل في أي مجال قبل أن تنتهي فترة الزيارة. إلّا أنّ الشابة غير راضية عن عملها الذي تصفه بـ “المتعب والذي يتطلب منها أن تكون كالآلة”. تقول: «الراتب مغري جدّاً ويصل مع الكوميشن إلى 6500 درهم. وبيكفي وبيزيد أبعت منه لأهلي على سوريا. بس عم يستنزف طاقتي بشكل لا يوصف».
فالعمل مع الشركات الكبرى منظم بشكل لافت ويحظر على الموظفين الجلوس خلال ساعات العمل التي تمتدّ لـ”10 ساعات يوميّاً”. تلفت الشابة وتؤكّد أنّ يوم الإجازة الوحيد تقضيه بالنوم لتعويض تعب الأسبوع.
هديل خريجة جامعية تعمل براتب جيد في الإمارات، لكن المشكلة في الإرهاق والتعب والعمل الذي يستنزف طاقتها
رعب الموظفين عبارة “كنسلوله”
لا تخشى “عبير 25 عاماً” شيئاً كما تخشى من عبارة “cancel” (الطرد) التي قد تأتي “على غفلة”.
الشابة التي تحمل إجازة في الحقوق من جامعة دمشق، تعمل حالياً في مجال المبيعات في وكالة لـِ “بيع العطور” وتتقاضى أجراً شهرياً قدره “4000 درهم”. العمل الذي انتقلت إليه حديثاً بعد شهرين من الجلوس في المنزل إثر تعرّضها للطرد من عملها السابق مع شركة أخرى. حيث كانت تعمل في المبيعات ضمن شركة ملابس براتب شهري قدره “3500” درهم.
الشركة التي وجدت فيها فرصتها لعام ونصف أول وصولها البلاد اتخذت قراراً بطردها دون “إنذار”. لأسباب تجهلها، لتجد نفسها دون عمل وبلا إقامة.
تقول عبير: «ما ادّخرته خلال عام من عملي الأول صرفته خلال الشهرين اللذين جلست فيهما بدون عمل. وهذه واحدة من التفاصيل المرهقة. إذ كان عليّ دفع الإيجار والتفكير بالأكل والشرب عدا عن البحث عن عمل الذي يستوجب التنقل ودفع أجرة المواصلات».
الخوف من الطرد بدون سابق إنذار هاجس لدى سوريون كثر في الإمارات
“أرض الفرص” برغم كلّ شيء
ربّما لا يرضي الراتب الأوّل الذي يبلغ “1500 درهم” الشاب “جعفر 34 عاماً” لكنّه لم يفكّر بالعودة إلى سوريا للحظة. حسبما يلفت الشاب في حديثه لـِ “سناك سوري” مشيراً إلى أنّه ابتدأ قبل عامين العمل في متجر لبيع الورود. وتدرج في العمل والرواتب حيث صار اليوم يتقاضى “3800 درهم” يصرف منها 1800 بين إيجار المنزل والأكل والشراب. ويدّخر “2000”.
يرى الشاب أن الإمارات، هي أرض الفرص برغم كلّ الصعوبات التي يواجهها القادمون في البدايات. إلا أنه لا يخفي شوقه لطفله الصغير الذي لم يره منذ سنتين. حيث أن راتبه لا يكفي عائلته بحال أحضرها وبالوقت ذاته مصاريف السفر مرهقة لذا يختصرها.
أكثر ما يؤلم جعفر أنه لم يستطع رؤية ابنه منذ عامين كاملين
أمّا “فاطمة 30 عاماً” فكان لديها من المخاوف ما يكفي قبل أن تصل البلاد قبل شهر تماماً. حتّى أنّها كانت تتصور أن فرص العمل في الإمارات معدومة لشدّة ما سمعت نصائح بعدم المغامرة.
لكنّ الشابة التي تركت أختها وأمها الحزينة خلفها وضعت نصب عينيها البحث عن العمل. ووجدته براتب مقبول قدره “2700 درهم” بحيث يكفيها لتعيش بحال أفضل بكثير مما كانت تعيشه في سوريا. حسبما تشرح الفتاة التي تضيف: «حسيت حالي كنت عايشة بعالم تاني ما أخدت من الشغل فيه غير المفاهيم الغلط. ولما وصلت لهون اكتشفت إنو برغم المشقات وصعوبة نظام العمل. بس عم بقدر طالع مواهبي وفجّر طاقاتي».
يذكر أن عمل فاطمة هو موظفة استقبال في مركز طبي، العمل الذي يختلف عن عملها في سوريا. حيث عملت ببيع الإكسسوارات في “قاسيون مول”.
ما يلفت النظر حول السوريين في الإمارات، هو تجمعاتهم ضمن أحياء كاملة باتت تكتظ بهم. إضافة إلى مساعدة بعضهم البعض في تأمين وظائف داخل شركات يمتلكها سوريون أو يشاركون في ملكيتها.