سوريا الجميلةشباب ومجتمع

سوق الضيعة في اللاذقية.. منتجات غير مألوفة من رحم الطبيعة

قهوة الحياة والفلافل غير المقلية.. تجارب مشاريع صغيرة أحياها سوق الضيعة

على الكورنيش الغربي لمدينة اللاذقية المطلّ على المرفأ يطالع زوار المكان لافتة كتب عليها “سوق الضيعة“. اللون الأخضر الطاغي مع كلمة “الضيعة” كفيلان بأن يدفعا الفضوليين والناس العاديين للتوقف قليلاً. صوت فيروز يصدح في السوق وجواره. نساء ورجال تجمعهم ملامح “الضيعة” ومنتجاتها. ومستهلكون جاؤوا ليشتروا حاجاتهم من البضائع المعروضة.

سناك سوري_ ميس الريم شحرور

في مساحة لا تتجاوز الألف متر مربع تصطفّ الطاولات لتعرض ما لذّ وطاب من صناعات منزلية بأيادٍ تختار من الطبيعة كلّ ما ينفع.

استطاع سوق الضيعة الذي تأسس عام 2006 كمشروع يهدف لنشر الوعي بضرورة اللجوء للمنتجات الطبيعية بدلاً من تلك التي تحتوي على مواد حافظة أو كيميائية. أن يحافظ على منتجاته الطبيعية الفريدة برغم الآثار المدمرة والصعبة التي خلّفتها الحرب.

مقالات ذات صلة
بالمنتجات الطبيعية يحيا الإنسان

منذ اللحظة الأولى التي تأسس فيها السوق. أطلق مؤسسوه شعار “لا للمواد الكيميائية والأسمدة”. وبقي السوق مقصداً لكلّ الباحثين عن المنتجات الصحية الخالية من المواد الحافظة والسكرية. ومكاناً تتواجد فيه كلّ المنتجات الزراعية الخضراء التي تصحّ تسميتها “بنت الطبيعة”.

تعرض السيدة “أم غيث” منتوجاتها المصنعة منزلياً من الخل بأنواعه إلى الزعتر البلدي والفلافل الصحي غير المقلي مروراً بالخبز “شوفان وشعير ونخالة”.

سوق الضيعة بقي مقصداً لكلّ الباحثين عن المنتجات الصحية الخالية من المواد الحافظة والسكرية

وفي حديثها لـ سناك سوري تقول “أم غيث”: «لست من مؤسسي السوق القدامى. إلّا أنني أتابع مسيرة زوجي الذي رحل وترك لي مسؤولية إكمال ما بدأه». تضيف السيدة «الحمد لله برغم الظروف الصعبة الناس بتحب منتجاتنا وبتحب تشتري من عنا باعتبار كل ما نبيعه صحي ونظيف مئة بالمئة».

بدورها اختارت السيدة “سمر يوسف” صناعة “دبس الخرنوب” لتبدأ مشروعاً خاصّاً يهدف إلى استبدال السكر بالدبس. تروي السيدة لسناك سوري كيف تعمل على مدار الشهر المخصص لصناعة الدبس بهدف صناعة كميات كافية على مدار العام.

صناعة دبس الخرنوب_ سمر يوسف

تقول “سمر”: «كنت أعمل معلمة مدرسة. قدمت استقالتي للتفرغ لهذا المشروع. في عام 2020 أصبح تركيزي منصبّاً على معرفة كيفية الاستفادة من هذه الشجرة الرائعة التي تملك فوائد خارقة في صناعة الشوكولا والاستفادة من فوائدها في المجال الطبي.وكان للسوق دور كبير في تعريف الناس بالمنتجات، وأعتبره بمثابة بيت يجمع أصدقاء الطبيعة لإيصال خير الأرض لهم».

سمر يوسف قدمت استقالتها من العمل كمدرسة لتتفرغ لمشروع صناعة دبس الخرنوب

من التطريز والتصدير إلى صناعة الأجبان والألبان

أمام إحدى الطاولات وبابتسامة هادئة تستقبل السيدة “سناء رجب” زوّارها الذين جاؤوا للتعرف إلى الأقمشة الدمشقية المطرزة بالأحرف الأوغاريتية.

تقول “سناء” لـ سناك سوري: «أعمل بصناعة المفروشات المنزلية المصنوعة من القماش الدمشقي التقليدي. أصنع الستائر والأغطية والحقائب وأبيعها في سوق الضيعة منذ العام 2007».

وأضافت «أدخل الأحرف الأوغاريتية إلى كلّ قطعة أصنعها. وكلّ قطعة لها تصميم مميز عن غيرها». وتذكر أنّ بدايات العمل كانت مع جمعية تنمية المرأة الريفية. ومن خلالها استطاعت أن توصل منتوجاتها التي عملت عليها مع عدد من النساء إلى عدد من الدول الأوروبية. منها “إيطاليا”. موضحةً أنها اضطرت في الفترة الأخيرة ونظراً لتراجع الطلب على المنتجات التراثية إلى التحول نحو تربية الماعز وصناعة مشتقات الألبان.

 اكتفاء ذاتي يتبعه تسويق

تبيع السيدة “نجلا” قهوة الحياة المكونة بشكل أساسي من الشعير والبطم ولبان الدكر. بالإضافة إلى مأكولات صحية من الطبيعة مباشرة.

تبتسم السيدة نجلا وهي تروي حكايتها مع السوق: «في البداية كنت أشتغل بصناعة الإكسسوارات النسائية. لكنّ سوقها لم يعد كالسابق. فقررت التوجه نحو بيع المنتجات الصحية مثل القبار والأعشاب البرية التي تهديها الحياة البرية للإنسان”. تردف السيدة: “اللي بعمله لبيتي بيكفي واللي بيزيد منه، بكون من نصيب الناس بالسوق».

مجسم الرحى التراثي

نجلا وهي إحدى السيدات المشاركات في سوق الضيعة: اللي بعمله لبيتي بيكفي واللي بيزيد منه، بكون من نصيب الناس بالسوق

استطاع سوق الضيعة وبرغم سنوات الحرب الطويلة أن يبقى صامداً في وجه التغيرات التي طالت الأسواق العامة في البلاد. وبقيت اللقمة نظيفة وسعرها مقبول يناسب مختلف الفئات.

زر الذهاب إلى الأعلى