قسطنطين زريق … شيخ مؤرخي العرب وعرّاب فكرهم القومي
استقال من منصبه بسبب دخول رجال الأمن إلى الجامعة
انتهى الرجل الذي يعيش عامه الـ 91 من كتابة مذكرات شبابه، ووعد نفسه بأنه .سيتابع غداً توثيق ما مرّ به خلال سنوات عمره، لكنه عجز عن الوفاء بالوعد فقد باغته الموت يوم 12 آب 2000.
سناك سوري _ دمشق
وبعد 17 عاماً صدر كتاب جمع ما كتبه الراحل من مذكراته بعنوان “ذكريات … سيرة لم تكتمل” موثّقاً لحياة “قسطنطين زريق”.
ولد “زريق” في حي “القيمرية” بـ”دمشق” القديمة سنة 1909، ودرس في المدرسة “الآسية” . بـ”باب شرقي” حيث لا يزال جدارها يحمل عبارة «وفي هذه المدرسة درس قسطنطين زريق».
اتجه لاحقاً إلى الجامعة الأمريكية في “بيروت” ونال شهادة البكالوريوس .في الآداب، ثم شهادة الماجستير والدكتوراه من “الولايات المتحدة”.
تشكّل وعي “زريق” في جوّ من النقاشات التي احتضنتها الجامعة الأمريكية حول قضايا .العرب وهمومهم، ومن هنا بدأ يسطع نجم عرّاب الفكر القومي العربي.
بدأ “زريق” بالتفكير والتأليف حول القومية العربية، وتم تعيينه عام 1946 .وزيراً مفوضاً لـ”سوريا” في “الولايات المتحدة” ثم رئيساً لـ”جامعة دمشق” ولاحقاً رئيساً . للجامعة الأمريكية في “بيروت” بالوكالة.
وحين وقعت نكبة “فلسطين” عام 1948 أصدر “زريق” كتابه المرجعي . “معنى النكبة” ودخل المصطلح بسببه إلى قاموس الحياة السياسية، لكنه سيعود ويصدر “معنى النكبة … مجدداً” بعد نكسة حزيران 1967.
رغم تعاقب النكبات فقد أصرّ “زريق” على متابعة الطريق في التنظير للفكر .القومي العربي، فكان واضع حجر الأساس لنظرية القومية العربية، والدعوة لتحقيق مشروع حضاري . عربي مبني على تاريخهم ولكن بعقلانية حديثة.
الرجل العربي الصميم أصبح ممثل “سوريا” في “اليونيسكو” .عام 1950 وعضواً في اللجنة العالمية للتاريخ التابعة لـ”اليونيسكو” حتى عام 1969، فضلاً عن عضويته في جامعة الدول العربية.
كان “شيخ المؤرخين العرب” داعية لنهضة قومية عربية مبنية على . أسس حضارية، تسعى لمستقبل عربي يحقق للمواطن العربي الحرية والسعادة، . ورغم أن “زريق” كان يدعو إلى .وجود دولة عربية مركزية، إلا أنه دافع عن ديمقراطية هذه الدولة، التي يجب أن تكون . موحّدة لتتمكن من مواجهة التحديات.
وفي عام 1952 حين كان رئيساً لجامعة “دمشق” . اقتحم رجال الأمن الحرم الجامعي لقمع مظاهرة طلابية، فما كان من “زريق” إلا أن استقال احتجاجاً على ذلك وغادر البلاد نحو “بيروت”.
ومن العاصمة اللبنانية أصدر “زريق” مؤلفاته واحداً تلو . الآخر خلال السنوات المتلاحقة، فكتب “هذا العصر المتفجر”، “نحن والمستقبل . العربي”، “مطالب المستقبل العربي”، “الأعمال الفكرية العامة” . وغيرها من الكتب، إضافة لعشرات المقالات العلمية والفكرية.