“مصطفى عسكر ” نصف قرن مع النول… القطعة التي ينسجها لا تُنتَقَد
عسكر يخاف على مهنته... الخطأ يعني العودة من البداية
يجلس “مصطفى عسكر” أمام آلة النول منذ عام 1955، أي أنه أمضى أكثر من نصف قرن في محله بخان “رستم باشا” في مدينة “حماة”، والذي تحول منذ سنوات إلى سوق للمهن اليدوية.
سناك سوري-غادة حورية
يتابع “عسكر” عمله بصبر كبير، ودقة عالية دون كلل أو ملل، ويرى أن القطعة التي ينسجها لا يمكن أن تتعرض للنقد، كما يقول، ويضيف لـ”سناك سوري”: «أحب عملي، واستطعت أن أحافظ على التقنية إلى جانب الناحية الجمالية، أبحث دائما” عما هو جديد، استطعت أن أتفوق على نفسي عندما اتجهت إلى حياكة المناشف، والشراشف انطلاقا” من الحاجة الاجتماعبة، وأحاول اليوم أن أعلمها للراغبين».
تتكون آلة النول، من مسند خلفي، ومسند للصدر، بالإضافة لبكرتين يلف عليهما العم “عسكر”، حبل لتأمين الحركة المتعاكسة لهما، وهناك الدواسات التي تشكل مع البكرات آلية فتح النفس البسيطة باﻹضافة للتير والمشابك لفصل خيوط السدى، ولدينا أيضا المشط والمكوك.
العمل على النول لا يتطلب فقط دقة عالية وصبر كبير، إنما يتطلب وفق العم “عسكر”، قوة عضلية لأن كل ضربة نول، تتطلب مشاركة الأطراف الأربعة في العملية، مع بقاء التركيز حاضراً، لأن أي خطأ يعني العودة إلى البداية، كما يقول.
اقرأ أيضاً: محمد بكار نزح مع مهنته.. شعيبيات إدلبية في حماة
تعد الخيوط المكون الأساسي للعمل، حيث تسمى الطولية “السدى” والعرضية “اللحمة” وهما يلعبان دوراً كبيراً في جودة المنتج، وأول خطوة يقوم بها “عسكر”، بها إرسال الخيط إلى “اللقى” الذي يقوم بإدخال الخيط إلى المشط الذي يخرج القماش بالشكل الذي نريد، ولا ننسى أن الخيط إذا لم يكن منسوجا بمتانة يتعرض للقطع جراء الاحتكاك.
أما عن الخيوط فتعد خيوط النباتات الطبيعية هي المصدر الرئيسي للنسيج، واعتمدها الإنسان كأول وسيلة لصناعة النسيج، ويعد القطن الأكثر استخداما” في هذه الصناعة كما يستخدم الكتان.
يصنع “عسكر” في ورشته الصغيرة تحت الأرض، برانس الحمام والبشاكير، بالإضافة إلى المناشف الكبيرة وقطع السجاد، ويقول إن بضاعته تلقى رواجاً كبيراً بين تجار “حلب” و”دمشق”، الذين يشترون كميات كبيرة، وذلك لأن الأهالي هناك مازالوا يتمسكون بحبهم للقطع المشغولة يدوياً، كما يقول “عسكر”، ويضيف: «أصبحت مقصد للسياح الذين يأتون إلى حماة، ويحملون معهم الهدايا التي تعد من التراث، بالإضافة إلى تجار من “العراق” حيث يقومون بشراء كميات كبيرة من المناشف والبشاكير والسجاد المصنوع على النول لأن أغلب المنازل لديهم يجب أن تحوي قطعا” من التراث».
يحتاج “عسكر” إلى 4 ساعات وسطياً لإنجاز إحدى القطع، وتلك مدة قصيرة قياسا بجودة القطعة، وعمره والجهد العضلي الذي تتطلبه تلك الصناعة، ولا يخفي خوفه من انقراض تلك الكهنة مع الوقت، خصوصا أن جيل اليوم، يعتمد على الآلات والمكنات، على حد تعبيره.
خلال زيارة سناك سوري، لورشة العم “عسكر” تصادف وجود “حبيب كروم”، أحد أهالي “حماة” الذين يقصدون المكان دائماً، حبا بالتراث، يقول “كروم”: «أقصد هذا المحل ليس للشراء فحسب، لكن للتمتع برؤية “النول” والأقمشة التي تشعرني بعراقة هذه المدينة، وكما أنه في المدة الأخيرة أصبحت أفضل اقتناء المناشف من هنا، وتقديمها كهدية للمغتربين في المناسبات».
اقرأ أيضاً: أريج الحلاق.. المختصة بالعلاج الفيزيائي طورت موهبة الأعمال اليدوية