عادت موسكو مجدداً لتلعب دور الوساطة بين دمشق والرياض العاصمتين العربيتين اللتين شهدتا قطيعةً وخلافاً عميقاً خلال السنوات العشر الماضية وظهرت نتائج ذلك في مواجهات الأمم المتحدة الدبلوماسية وعلى أرض المعركة في سوريا.
سناك سوري – دمشق
الوساطة الروسية هي الثانية من نوعها فقد سبق لوزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” العمل على وساطة قبل ثلاث أعوام إلا أنها باءت بالفشل في نهاية الأمر، ما يجعل التفاؤل بهذه المبادرة محدوداً جداً، وكما يقول المثل السوري “لا تقول فول غير بالمكيول”.
مصدر دبلوماسي روسي في الأمم المتحدة وقريب جداً من العملية السياسية في سوريا، قال لـ سناك سوري إن بلاده لم تتوقف عن محاولة إعادة العلاقة بين دمشق والرياض وأنها مؤخراً زادت من وتيرة جهدها في هذا الإطار.
الدبلوماسي أكد أن دبلوماسية بلاده نقلت رسائل مشتركة بين “الرياض ودمشق” وسماها بالمبادرة الإجرائية، حيث هناك تضمنت الرسائل ماوصفه بالإجراءات المتبادلة بين البلدين، والتي لا تختلف كثيراً عن مبادرة الخطوة بخطوة من حيث الشكل والتي سبق أن أُعلن عن رَفضها في دمشق، لكنها بالمضمون مختلفة.
وعن فحوى المبادرة بدقة إذا كانت تركز على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية قال المصدر إنها تركز أكثر على العلاقة المباشرة بين “الرياض ودمشق” أما موضوع عودة سوريا للجامعة العربية فحجر الأساس في تعثره هي “قطر” التي ترفضه كلياً.
هل تنجح موسكو فيما عجزت عنه أبو ظبي
ما تسعى موسكو لجر الرياض نحوه يشبه تماماً ما قامت به “أبوظبي” من إحياء للعلاقة مع دمشق وفتح السفارة وعودة القنوات الدبلوماسية والذي حدث عام 2019 بحماس عربي شديد ولحقت بالإمارات سريعاً البحرين، وحينها قال مراقبون أن المبادرة هذه ماكانت لتحدث لولا موافقة الرياض أو على الأقل عدم رفضها لها.
مصادر دبلوماسية كانت قد قالت لـ سناك سوري آنذاك أن الإمارات تسعى لإقناع السعوديين بمرافقتهم إلى دمشق، وفي مرحلة ثانية إقناع السلطات في السعودية باللحاق بهم إلى دمشق إلا أن السعوديين كانوا دائماً يتطلبون التريث لمعرفة كيف ستسير الأمور، وهو ما يجعل المبادرة الروسية على المحك بعد فشل سابقتها الإماراتية وإن كان هناك تغير نسبي بالمناخ الدولي بين توقيت المبادرتين إضافة للتغيير في الإدارة الأميركية.
تشير مصادر خليجية لـ سناك سوري إلى أن هناك رأيين حول العلاقة مع سوريا، الأول يريد استعادة دمشق للحضن العرب وتعزيز العلاقات معها لتخفيف النفوذ الإيراني، والآخر يريد تخفيف النفوذ الإيراني بشكل مسبق لتعزيز العلاقة مع دمشق.
المبادرة الخليجية نحو لبنان نموذجاً
المبادرة الروسية تأتي بالتزامن مع المبادرة الخليجية نحو لبنان والتي تحدث عنها وزير الخارجية الكويتي “أحمد الناصر الصباح” الذي يعد أول مسؤولي خليجي يزور لبنان منذ اندلاع أزمته مع الخليج على خلفية تصريحات جورج قرداحي وزير الإعلام اللبناني المستقيل.
الوزير الكويتي تحدث علناً عن أنه حمل رسائل للحكومة اللبنانية وبالتالي هذا الفارق الجوهري بين السياسة في سوريا ولبنان التي تتسم بالأولى بالسرية والتكتم بينما في الثانية تخرج إلى العلن بسرعة.
وبغض النظر عن محتوى التسريبات حول الرسالة التي حملها “الصباح” إلا أن مصير هذه المبادرة بلا أدنى شك سينعكس على الوساطة الروسية، فهناك ما يشبه تلازم المسارين بين سوريا ولبنان وما ينجح في المرور في لبنان عبر حلفاء سوريا يعني أنه مقبول في دمشق.
يرى مراقبون أن مصير الوساطة الروسية بين دمشق وبغداد يمكن النظر له من خلال مصير المبادرة الخليجية نحو لبنان فعودة العلاقة بين لبنان والخليج طبيعية يعني إمكانية نجاح الوساطة الروسية ومن يدري ربما نرى دبلوماسيين سعوديين في دمشق التي لم يكن لديها أي تعليق على هذه الوساطة الروسية ولا على سابقتها، فهل تقبل دمشق بالإجراءات المتبادلة بدل مبادرة خطوة بخطوة التي كانت مقترحة سابقاً.
بقي أن نشير إلى أن وزير الخارجية المصري “سامح شكري” كان قد قال علانية أمس أنه يتمنى من دمشق اتخاذ مجموعة إجراءات تسهل عودتها للجامعة العربية، إلا أن أحداً لم يكشف ماهية هذه الإجراءات.
برأيكم هل سنشهد عودة للعلاقة السعودية السورية ؟
اقرأ أيضاً روسيا اليوم: هل ستساهم إسرائيل في إعادة تأهيل سوريا اقتصاديا؟