تتقاطع خيوط التفاوض بين الدول في “سوريا” كمركز لأحداث المنطقة وملف تظهِر تجلياته نتائج 10 سنوات من المواجهة بين معسكرين.
سناك سوري – زياد محسن
وبينما اعتبر البعض أن عودة العلاقات بين “سوريا” وبعض الدول العربية مؤشر انتصار معسكر “دمشق” وحلفائها، رأى آخرون أنه من المبكر الحديث عن انتصار على مستوى العلاقة مع العرب قبل عودة “سوريا” فعلياً إلى الجامعة العربية واستعادة علاقاتها الطبيعية بكافة محيطها العربي.
وفي هذا الشأن نقل موقع “العربي الجديد” الاثنين الماضي عن مصدر لم يسمّه من “الأمانة العامة للجامعة العربية” قوله أن “سوريا” ستحضر القمة العربية المقبلة في “الجزائر” في آذار 2022 وذلك بعد تواصل “الجزائر” مع دول عربية وتوصلها لاتفاق مبدئي حول ذلك.
ونقل الموقع عن مصادر دبلوماسية مصرية أن دبلوماسيين مصريين وإماراتيين يواصلون بحث ملف عودة “سوريا” مع عدة دول عربية.
أما اليوم الخميس، فنقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر فرنسية لم تكشف عن اسمها، أن “باريس” تعتبر إعادة العلاقات مع “دمشق” خطاً أحمراً، مشيرةً إلى أن “فرنسا” لا تفرض على الدول إعادة العلاقات أو الامتناع عنها لكنها تدعو لاشتراط تلبية الحكومة السورية شروطاً معينة قبل إعادة خطوط التواصل معها.
باريس تعتبر إعادة العلاقات مع دمشق خطاً أحمراً مصادر فرنسية
وبحسب المصادر ذاتها فإن “الاتحاد الأوروبي” أبلغ مسؤولي الجامعة العربية أن عودة “سوريا” إلى مقعدها يعني توقف الحوار القائم بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، في حين ومقابل الضغط الأوروبي، بدا إعلان وزارة الخزانة الأمريكية أمس لافتاً لناحية تعديل “عقوبات قيصر” على “سوريا” بما في ذلك السماح للمنظمات غير الحكومية التي تقدّم أنشطة لا تبغي الربح في “سوريا” بأن تتعامل مع أفراد من الحكومة السورية.
إضافة إلى ذلك، فلا يبدو أن الخطوات الإماراتية والأردنية لناحية التقارب مع “سوريا” جاءت دون موافقة ضمنية غير معلنة من “واشنطن” حيث لن تخاطر الحكومتان وشركات بلديهما بتعريض أنفسها للعقوبات الأمريكية بسبب التعامل مع “دمشق”.
اقرأ أيضاً:مصدر يؤكد: سوريا ستحضر القمة العربية المقبلة
استعادة “سوريا” لموقعها العربي لن تقتصر ثماره على الموقع السياسي للبلاد التي مرّت بعشر سنوات من الحرب فحسب، بل يمثّل ذلك حاجة للحكومة السورية من أجل تنشيط عجلة إعادة الإعمار التي أعلنت الدول الغربية امتناعها عن المشاركة بها دون تنفيذ شروط لا يبدو أن السلطات السورية بوارد الامتثال إليها.
أما البوابة الثانية التي يشير إليها المراقبون لإمكانية إنعاش الاقتصاد السوري المنهك لا سيما خلال العامين الأخيرين منذ بدء تنفيذ قانون “قيصر”، فتكمن في حل ملف الخلاف مع “الإدارة الذاتية” والتوصل لصيغة توافقية حول حقول النفط والغاز التي تتركز أكبرها في الجزيرة السورية، خاصة وأن كل السوريين يعيشون اليوم أزمة المشتقات النفطية الحادة وأثر ذلك على الإنتاج وحركة السوق والاقتصاد، لكن يغفل أصحاب هذا الرأي الوجود الأميركي في الشرق السوري ودوره في تعطيل أي اتفاق سوري سوري بهذا الإطار.
كل ما سبق يؤكّد أن المفاتيح لا تزال في “دمشق”، وفيها كلمة السر لصياغة شكلٍ جديد للعلاقات مع أطراف اللعبة، وإذا كانت كل دولة من الدول الفاعلة أو المؤثرة في الملف السوري تبحث عن مصالحها كما تقتضي قواعد السياسة ففي أي خيار ستجد “دمشق” المصلحة السورية في القادم من الأيام وإلى أين ستتجه.
اقرأ أيضاً:السباق إلى دمشق بين تركيا ومسد