شهبا عائلة واحدة.. حالة انتقال المجتمع للمواجهة اللاعنفية
مشاركة المجتمع المحلي مع الجهات المعنية للتصدي للفلتان الأمني
سناك سوري – رهان حبيب
تسجل مدينة “شهبا” حالة استثنائية لوضع حدود للعنف والأحداث الدامية التي عاشتها خلال المرحلة الماضية، والانتشار الواسع للسلاح وإعادة المدينة لوضعها المستقر وجمع العائلات بعائلة واحدة سميت “شهبا عائلة واحدة”.
المدينة التي عاشت منذ ثلاثة أشهر أخطر الأحداث الأمنية، التي أفضت لمقتل شبان من آل “الطويل” و”الخطيب” قرر أهلها وضع حدود لخسارة الشبان وإيقاف العنف، حيث وضع “بهيج الطويل” كبير عائلته يده بيد آل “الخطيب” وهما العائلتان المعنيتان بالأحداث كما أخبر سناك سوري، لأنهم لا يرضون أن يكون أولادهم وعائلاتهم وقوداً للعنف والسلاح، وقرروا كعائلة واحدة نبذ العنف وعدم حماية الخارجين عن القانون ومن يستخدم السلاح ويخلق الفوضى.
يضيف: «رغم قسوة الحدث اعتبرناه شعلة أضاءت المستقبل باتفاق العائلات على كلمة واحدة لتطهير المجتمع بإخراج كل الخارجين عن القانون من المدينة وعدم حمل السلاح والسعي لوضع نظام مشترك، وأن الفاعل بما فعل».
الاتفاق وضع خطوطاً عريضة لمشاركة المجتمع بتسيير أمور المدينة حسب “الطويل” الذي اختارته العائلتان للتحدث عن المبادرة، موضحاً أنه تم الاتفاق على نزع السلاح وعدم إطلاق النار لأي سبب كان، لتقوم لجنة من العائلات بزيارة أصحاب الفرح والطلب منهم الالتزام بعدم إطلاق النار، والتعاون وإلغاء ظاهرة السيارات المفيمة حتى وإن كانت مرخصة، وأضاف: «طلبنا من الجميع إلغاء “الفيميه” وأضعف الإيمان عدم رفع الزجاج بين البوابة الشمالية والجنوبية أي داخل المدينة، وهناك عدد من الشبان التزموا بشكل فوري ونزعوا الفيميه فيما تم إلزام البعض الذي لم يستجيب بعدم رفع بللور السيارات المفيمة داخل المدينة».
الجهات المعنية سواء الأمنية مثل إدارة المنطقة أو الخدمية مثل مجلس المدينة أبدت دعماً وتعاوناً لافتاً بهذا المجال لتكون الرقابة مشتركة وفقاً لـ”الطويل”، موضحاً أن الخطوة القادمة هي تشكيل لجنة تمثل عائلة “شهبا” الواحدة، وذلك في اجتماع للعائلات وفعاليات المدينة التي أظهرت الدعم والتعاون لتشكيل لجنة تمثل “عائلة شهبا”، تساعد في إحكام المراقبة الأمنية والمحلية إلى جانب مجموعات أهلية مثل “بيتي بيتك” و”مغتربين شهبا” و”شهبا الجميلة”، لوضع يدعم التحرك الحالي ويؤسس لحالة مستمرة ومنظمة.
يقول “سليمان الحرفوش” من الأهالي المشاركين فيها أن المبادرة «أعادت الشباب لمشورة كبار السن وأصحاب الرأي من المثقفين وقد مضت ثلاثة أشهر غاب فيها صوت الرصاص وأمنت الشوارع وهناك من تبرع لحماية مداخل المدارس، وضمان عودة آمنة للطلاب»، ويضيف: «يساعدنا أولادنا في الاغتراب ونتشارك لرسم حياة جميلة للمدينة التي عاشت أيام عصيبة حاولنا تجاوزها بشكل سلمي رفضاً للعصابات بعد الإنذار لهم أنهم إذا عادوا ستتم محاسبتهم بجدية كبيرة».
اقرأ أيضاً: سوريا.. السلاح العشوائي يودي بحياة يافعة بالسويداء
رئيس مجلس مدينة “شبها ” المحامي “جلال دانون” قال إن «لقاء العائلات دعمه المجلس الذي كان مع العائلات من اللحظة الأولى ليكون نبذ العنف والفوضى بداية لتحقيق خطوات على مستوى إزالة الكولبات وإلغاء مظاهر الفوضى لنخصص مكان في السوق الشعبي للكولبات التي يتجاوب أصحابها مع القرار، وأزيل نسبة جيدة منها ونقل الباقي بمساعي مجموعات محلية تشارك العائلات لضمان هدوء المدينة واستقرارها وطبعاً كل ما تم كان بفضل رؤية عائلات “شهبا” وتعقل مهد للتسامح والحوار والانطلاق لعمل يخدم المدينة والأهالي».
وفقا لـ “نجوى الطويل” ناشطة مدنية وعضوة في مجلس مدينة “شهبا”، فإن صوت الرصاص ابتعد عن المدينة وشعر الأهالي بالأمان بدرجة جيدة لا تقارن مع ما سبق، مشيرة إلى أن التواصل الدائم بين الفعاليات خرج عن مستوى الإجراءات ليتحول إلى قرارات نفذت بحزم لتكون “شهبا” أسرة واحدة تنعم بالهدوء والأمان الذي غاب عنها لسنوات طويلة.
يذكر أن المدينة الواقعة 20 كم شمال مدينة “السويداء”، كانت مسرحاً حقيقياً للعصابات التي تطورت وتوسع حضورها بفعل الفلتان الأمني لتسجل يومياً حالات قتل وخطف وسرقة سيارات واعتداءات، ونجاح مبادرة الأهالي يعني الانتقال لفضاء جديد يرسمه المجتمع الأهلي.
اقرأ أيضاً: السويداء.. أهالي يزورون مخبز شهبا ويعتذرون للعمال