الرئيسيةسناك ساخر

أنا المواطن بيتزا ورأيت الجريمة بأم عيني

التقنين ‏هو التوزيع المراقَب للموارد النادرة … هل صار الخيال واقعاً في سوريا؟

سناك سوري _ زياد محسن

يدخل عابساً، قبل أن يكشّر عن أنيابه، يلتفت يمنة ويسرى قبل أن ينفّذ، يحرك يده باحترافية قاتل وتلمع عيناه كمن رأى فريسة ثم يفعل فعلته فيزفر أنفاسه ويضحك ضحكته الشريرة تلك.

بتُّ أتخيّله تماماً، الوحش الذي لا يعرف الرحمة ولا يأبه لضحاياه حين ينفذ تلك الجريمة المكتملة الأركان، ودون أن أعرف دوافعه وراء ذلك إلا أني متأكد من أنه يتعمّد ما يفعل بل وصار مدمناً على ذلك كالقاتل المتسلسل، إنه الشخص الذي يحرّك قاطع الكهرباء فيطفئها عن حارتنا، ليلاً، صباحاً، ظهراً، وفي كل وقت!.

مقالات ذات صلة

بعد ثوانٍ معدودات تتوقف المروحة عن تحركها، يصبح الهواء ثقيلاً والأنفاس تزداد صعوبة، الظلام يزيد من ثقل الدقائق، انتهى الأمر لقد انقطعت الكهرباء، هكذا يتردد الصوت في دماغي، لكني أتذكر أن المخ البشري يحتوي شحنات كهربائية، فأفكر ماذا لو كان بإمكاني أن أشغّل المروحة عبر مخي، لكنني سرعان ما أدرك سذاجة الفكرة بينما تزداد حرارتي وأكاد أشتعل بالمعنى الحرفي لا المجازي.

اقرأ أيضاً:بعد زيادة تقنين الكهرباء ..سوريون يشكرون الحكومة على تنويع المواعيد

أنا المواطن “بيتزا” أجلس الآن في الفرن حيث أنضج بشكل جيد، الحرارة هنا أعلى من معدلاتها كما تقول مذيعة نشرة الطقس -الطقس في الفرن- أو في الجحيم الذي أشعله الوحش الكاسر ذاك غير آبه بي ودون أدنى شفقة، ما ذنب البيتزا يا أخي؟، (بالنهاية أكلة مقدرة هالبيتزا، وأنا طايل صير متلها).

من داخل الجحيم أراه جيداً، بمكتب واسع مستمتعاً ببرودة النسمات القادمة من المكيف وبالكرسي الضخم الذي يتحمل وجوده الغليظ، خاصة في هذه اللحظة التي يفتح فيها ذلك الملف المشؤوم، يخرج منه ورقة بيضاء تضم خطوطاً سوداء، يزداد تعرّقي وتتسارع نبضات قلبي، أعرف ما الذي سيفعله جيداً، وأعرف تلك الورقة التي تحكم علينا، نعم إنه جدول التقنين.

التقنين ‏هو التوزيع المراقَب للموارد النادرة، أو السلع، أو الخدمات، أو القيود الاصطناعية على الطلب، هكذا تعرّف “ويكيبيديا” التقنين، ما يعني أن الكهرباء تحوّلت إلى مادة نادرة، فلا داعي بعد الآن لتقول لنا وزارة الكهرباء جملتها الشهيرة “تخيل حياتك بدون كهرباء”، فالخيال أصبح واقعاً.

اقرأ أيضاً:مغترب يشعر بالحنين للطوابير والبطاقة الذكية والتقنين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى