شادية حبال..عالمة سورية أحدثت ثورة في “الفلك”
“شادية حبال” قائدة “النساء المغامرات” ومكتشفة “رياح الشمس”
سناك سوري _ محمد العمر
لم يكن من المتوقّع أن امرأة قادمة من “سوريا” ستثير كل هذا الصخب في الأوساط العلمية الغربية إثر أبحاثها حول “الرياح الشمسية”، ولم يكن سهلاً على امرأة وحيدة الخوض في عالم الفيزياء والفلك وسط مجتمع علمي لا تحظى فيه النساء بتواجد وافر، إلا أن الفتاة التي جذبتها سيرة حياة العالمة “ماري كوري” وهي في الثانية عشر من عمرها نجحت في تكوين سيرة مدهشة كعالمة فيزياء سورية أذهلت العالم.
إنها الدكتور “شادية حبال” أستاذة الفيزياء في جامعة “ويلز” البريطانية، والمولودة في “دمشق” عام 1948، حيث درست العلوم والفيزياء في جامعة “دمشق” قبل أن تلتحق بالجامعة الأمريكية في “بيروت” لتقديم رسالة الماجستير.
تذكر “حبال” في لقاء مع قناة “الجزيرة” أنها كانت حاملاً بطفلتها أثناء تحضيرها رسالة الماجستير في “بيروت” لكنها أصرّت رغم ذلك على مواصلة الدراسة، فيما منعتها الأوضاع الأمنية التي بدأت بالتدهور في “بيروت” منتصف السبعينيات من مواصلة الطريق نحو الدكتوراه.
حينها نصحها أحد أساتذتها بالتقدم إلى جامعة “سنساتي” في ولاية “أوهايو” الأمريكية نهاية العام 1977، حيث نالت قبولاً من الجامعة وسافرت إلى “الولايات المتحدة” مع زوجها “فواز حبال”، وخاضت هناك في عالم البحث عن الفضاء والفلك لاسيما “الرياح الشمسية”.
اقرأ أيضاً:“غادة مراد” أول قاضية في “سوريا” و أول عربية تصبح نائباً عاماً للدولة !
أنجزت “حبال” عشرات الأوراق البحثية في مجال تخصصها، وأحدثت اكتشافاتها عن ماهية “الرياح الشمسية” ثورة في المجتمع العلمي الغربي، حيث وصفتها مجلة “ساينس” الأمريكية أنها بمثابة “قنابل متفجرة” في عالم الفيزياء.
نجحت “حبال” خلال مسيرتها في الكشف عن طبيعة الرياح الشمسية ومخالفة الاعتقادات السائدة قبلها عن رياح الشمس، حيث أثبتت عبر تجارب عديدة استمرت لسنوات مع رصد حالات كسوف الشمس، أن الرياح تأتي من كل مكان في الشمس وتتوقف سرعتها على الطبيعة المغناطيسية للمناطق القادمة منها، وأن الرياح الشمسية تحمي الأرض من الأشعة الكونية المهلكة.
ومقابل هذه الاكتشافات واجهت “حبال” انتقادات من بعض العلماء الذين اعتبروا نظرياتها “هرطقة علمية” يصعب دحضها، فيما اعتبر آخرون أن ما فعلته يرقى إلى مستوى “ثورة علمية”، كما أن العالمة السورية ساهمت مع وكالة “ناسا” عام 2007 في الإعداد لرحلة أول مركبة فضائية تدور داخل الهالة الشمسية.
كما أن “حبال” قادت حركة لأكاديميات وباحثات تعرف باسم “النساء المغامرات”، إضافة إلى عضويتها في عدد من الجمعيات العلمية مثل “الجمعية الفلكية الأمريكية” و”الجمعية الأوروبية للفيزياء الأرضية” وحصولها على درجة الزمالة في “الجمعية الملكية للفلكيين”.
وخلال مسيرة امتدت لعقود من الدراسة والأبحاث والاكتشافات في مجال الفلك، نالت “حبال” عدة جوائز وشهادات تقدير منها شهادة تقدير من مركز “هارفارد سميثونيان للفيزياء الفلكية” وجائزة الريادة من مؤسسة الفكر العربي وشهادة تقدير من المركز الدولي لأبحاث الغلاف الجوي والمناخ.
كما حافظت “حبال” على دورها كأم لطفلين رغم مشاغلها الأكاديمية والبحثية حيث ذكرت في لقاء لها مع صحيفة “العرب” أن الكثير من الصعوبات تواجه الأم الاكاديمية إلا أنها تعتقد أن المساندة الأسرية تساهم في دعم الأبناء المتعلمين لاجتياز هذه الصعوبات، إضافة إلى أنها لم تتخلَّ رغم مشاغلها عن هوايتها الموسيقية بالعزف على “التشيللو”.
تعتبر “حبال” حالة فريدة لامرأة عربية نجحت في إثبات نفسها على مستوى العالم في مجال قليلاً ماتخوض فيه النساء، لكن إصرارها على تحقيق حلمها وإثبات تميّزها مكّنها من تسجيل اسمها كواحدة من أهم علماء الفيزياء والفلك عالمياً، كما أنها لم تنسَ بلدها الذي ولدت فيه وزارت “سوريا” أكثر من مرة محاولة أن تنقل خبراتها إلى أبناء بلدها إلا أن ظروف الحرب التي حلّت بـ”سوريا” منعتها من العودة الأخيرة.
اقرأ أيضاً:“ماري عجمي” الرائدة النسوية صاحبة “العروس” التي رحلت وحيدة