“ممدوح عدوان”.. الذي قال “لا” ومضى يدافع عن الجنون
كتب كثيراً عن حياتنا اليوم وهو القائل: نحن لا نتعود يا أبي إلا إذا مات شيء فينا، وتصور حجم ما مات فينا حتى تعودنا على كل ما حولنا
سناك سوري-محمد ك ابراهيم
«نحن لا نتعود يا أبي إلا إذا مات شيء فينا، وتصور حجم ما مات فينا حتي تعودنا على كل ما حولنا»، هي كلمات للكاتب السوري “ممدوح عدوان”، ماتزال حاضرة بقوة في حياتنا، لقد تعودنا على كل شيء خلال سنوات هذه الحرب، فكم مات فينا من أشياء بهذه الثماني سنوات!.
يحكى أن له اسمان الأول “مدحت” وقد سجل فعلاً في دوائر النفوس بهذا الاسم واسم ثانٍ ينادى به وهو “ممدوح”، بعد أن أشار أحد أعيان قريته لوالده بأن مدحت اسم تركي و يجب تغييره استنكاراً على ما قام به الأتراك من ممارسات همجية في بلاد الشام.
هو الذي دافع عن الـ “لا” وظل يشهرها بوجه كل تفصيل في الحياة السياسية والاجتماعية حتى آخر يوم في حياته ووقف “دفاعاً عن الجنون” باعتباره السلاح الأقوى للمواجهة، و عرّى من ينتهج “حيونة الإنسان” قائلاً: «إن الذي حول الوحوش الضارية إلى مخلوقات مسلية في السيرك، وجعل الفيلة تقف على رؤوسها، والأسود تقفز كالبهلوانات، قد اكتشف أنه يستطيع أن يجري التحويل نفسه على الإنسان، حوّله إلى مخلوق مسلوب الإرادة».
وهو الذي وقف أمام الجبهة الوطنية التقدمية عندما دعت مثقفي سوريا للحوار عام 1979 وقال بأن الشعب «لا يصدق الأنظمة السياسية ولا بيانات المعركة بعدد الشهداء؛ ولا درجات الحرارة القصوى و الصغرى».. وقف بكل جرأة و اعترف بأنه يشتغل بإعلام “يكذب حتى بدرجة الحرارة” و أنه “يكذب بإخفاء الكوليرا”، متسائلاً “في حدا بيخفي الكوليرا!! ” منتقداً المسؤولين في سوريا و غياب سياسة الاعتراف بالأخطاء و عدم مخاطبة الشارع والتستير على اللصوص و غياب المحاسبة و تفشي الفساد “بأسماء منعرفها كلنا”.
وهو أيضاً الذي غادر حياتنا في مثل هذا اليوم (19/12/2004) بعد معاناة مع مرض السرطان الذي بدأ في آذار 2003، تاركاً لمصياف قصيدة قال فيها:
يا ضيفنا قد جئتنا سرَّاً
لتسكن في ربى مصياف
وأنَخْتَ رحلك بيننا كي تبدأ التَّطواف
يا ضيفنا لو زرتنا في هدأة
لوجدتنا نحن الضيوفَ الطارئين
وأنت ربُّ المنزل المضياف.
ممدوح صبري عدوان (1941 – 2004)، كاتب وشاعر ومسرحي ومترجم. ولد عدوان في (23\11\1941) في قرية قيرون بالقرب من مصياف في محافظة حماة، وتخرّج من جامعة دمشق /قسم اللغة الإنجليزية في عام 1966، وعمل صحفيّاً في جريدة الثورة السورية منذ عام 1964، وكتب في العديد من الصحف المحلية والمجلات العربية حتى وفاته، وله عدد من المسلسلات التي بُثت على التلفزيون كان أشهرها (الزير سالم و أبو الطيب المتنبي).
اقرأ أيضاً ممدوح عدوان كتب عن حيونة الإنسان ودافع عن الجنون … 13 عاماً على الرحيل