لم تكتف الحرب بتدمير البنى التحتية والتهجير والقتل. بل طالت حتى المواقع الأثرية وفي درعا دفعت الحرب بما خلفته من حصار وجوع وقسوة في المعيشة الكثير من شبابها في البحث عن مصدر دخل بالتتقيب عن الآثار. وفي ظل الظروف الأمنية الراهنة وغياب دوائر الآثار في مناطق سيطرة المعارضة. يضاف إلى ذلك غياب الرقابة نشطت عمليات التنقيب بلا رقيب أو حسيب وبطرق غير شرعية تفتقر إلى أدنى المهارات الحرفية والتنظيم التي تعنى بعدم تخريب الآثار المطمورة تحت التراب.
سناك سوري – شاهر جوهر
الناشط المدني ”علي أبازيد“ أكد لـ “سناك سوري” أن «الحفر والتنقيب في درعا ظهر بعد الحرب بقوة كرد فعل طبيعي على غياب الرقابة وسوء الوضع المعيشي».
وأضاف: «وجد الجميع أنفسهم فجأة بلا مأوى وبلا عمل. ومن كان لديه فرصة عمل قبل الحرب قد خسرها. لذا حملوا فؤوسهم ومعداتهم البدائية وباشروا في حفر خنادق في الأرض بحثاً عن كنز دفين. يغريهم في ذلك غنى المنطقة وعراقتها عبر التاريخ».
ويلجأ كثير من العاطلين عن العمل للتوجه إلى الخراب القديمة والمواقع الأثرية المعروفة ويبدأون الحفر العشوائي بأدوات بدائية من فؤوس وأزاميل ورفوش. وأحياناً يتم استخدام آلات الحفر الضخمة من بلدوزرات والتي تتم بحماية من بعض الفصائل العسكرية في المنطقة. ويتم التنقيب بحفر سراديب وحفر تصل إلى ثلاثة وأربعة أمتار. وفي بعض الأحيان يتم الاستعانة بخبير شعبي يعتمد على التكهن في تحديد الهدف أكثر من اعتماده على التخصص والدراسة العلمية في هذا المجال .
اقرأ أيضاً:هل تعثر الفصائل الإسلامية على أسلحة “سرجون الثاني”؟
وقد تم اتباع هذه الطرق والوسائل في كثير من المناطق التاريخية في درعا مثل مدينة “نوى وتل أم حوران والأشعري وبصرى الشام وغيرها”.
حيث تضم محافظة درعا وفق مصادر رسمية سورية نحو 378 موقعاً أثرياً. تعود لفترات تمتد إلى حقبة ما قبل التاريخ المكتوب. وصولاً إلى فترة الحضارة الإسلامية. وتشير المصادر إلى أن من بين هذه المواقع 128 موقعاً مسجلاً على لائحة التراث الوطني السورية. فيما لا يزال 250 موقعا أثرياً غير مسجل.
وأكدت المصادر أن تهريب هذه القطع يتم عبر الحدود مع الأردن المنفذ البري الوحيد لتجار الآثار. وقد كشف مدير عام دائرة الآثار العامة الأردنية ”منذر الجمحاوي“ في آذار الماضي أن الدائرة لديها عدد لا بأس به من القطع الأثرية التي ضبطتها خلال السنوات الماضية أثناء محاولة تهريبها من سوريا إلى الأردن.
اقرأ أيضاً: بعد تخريبها.. الآثار السورية إلى”تشيكيا”
وأكد أن دائرة الآثار الأردنية عملت على «إنشاء مستودع خاص للآثار السورية المضبوطة على الأراضي الأردنية». مشيراً إلى أنه تم حفظ الآثار بطرق علمية للحفاظ عليها من العوامل الطبيعية أو غير الطبيعية.
هذا ويشار إلى أن 80% من المواقع الأثرية في محافظة درعا تعرضت للنهب والتخريب والتنقيب السري. الأمر الذي دفع مجلس محافظة درعا (معارضة) للوقوف عاجزاً أمام هذه الظاهرة. والإقتصار على كيل الاتهامات للحكومة السورية بقصفها هذه المواقع وتدميرها. بدورها ترد الحكومة بالمثل على المعارضة متهمة إياها بسرقتها وتهريبها في حالة انقسام سياسي وطني لا يتنهي.