الرئيسيةتقارير

6 سنوات محبوساً في قريته.. عمار استعاد حقوقه المدنية فجر 8 كانون الأول

عمار، أحد "سجناء الاستدعاء"، استعاد طريقه بعد 6 سنوات من الحصار الصامت في ريف اللاذقية

كان يسكن بيته كمن يسكن سجنه، 6 سنوات لم يخرج من قريته، لا خوفاً من الحرب، بل خوفاً من استدعاء للاحتياط لا عودة بعده، “عمار” واحد من سوريين كثر تحولت جدران منازلهم إلى زنزانات لئلا يلتحقوا بالجيش السوري المنحل، تغيّر حالهم مرّة واحدة إلى الأبد مع بزوغ فجر 8 كانون الأول 2024.

سناك سوري-رحاب تامر

كان “عمار” مواليد 1986 سائقاً على خط قريته في محافظة اللاذقية، اعتاد الطرق الممتدة والوجوه بمختلف تعابيرها، لم يكن يتقن عملاً آخر، فجأة أتت ورقة إعدامه كما يصفها، مطلوب منه الالتحاق بالجيش لخدمة الاحتياط، “مابروح موت كرمال حدا ولا بدي اقتل حدا”.

لم يتمكن عمار من زيارة ابنته في المشفى سوى مرة واحدة مستخدماً هوية شقيقه، وسلك طرقاً فرعية لئلا يصادف الحاجز على مدخل المدينة

كان قراره في تلك اللحظة “لن ألتحق“، دفع الرجل ثمن موقفه 6 سنوات كاملة، اثنان منها أمضاهما بحثاً عن عمل وجده أخيراً في مغسلة القرية براتب لا يكفي مصاريف طفلته الصغيرة، بالنسبة إليه ولزوجته كان كافياً.

إدلب: معلمة فصلها النظام السابق تُواجه “لا تعيينات لكم” رغم قرارات الإعادة

أقسى ما واجهه حين بقيت طفلته عام 2022، لمدة نحو شهر في المشفى بعد إصابتها بالسحايا، ولم يتمكن من زيارتها سوى مرة واحدة مستخدماً هوية شقيقه، وسلك طرقاً فرعية لئلا يصادف الحاجز على مدخل المدينة قبل الجامعة.

كانت زيارة خاطفة مليئة بالخوف والذعر، وزوجته تتوسل إليه العودة فوراً، وعدم المغامرة مرة أخرى، لم يكن هناك مجال للبطولة، فقط قلق ورغبة بالنجاة.

في فجر الثامن من كانون الأول 2024، وبعد ليلة كاملة لم ينم فيها بانتظار ما سيحدث، وصل الخبر “سقط النظام”، غالبته مشاعر غريبة لم يعتدها، بين الخوف في قريته وبين مشاعره كشخص امتلك الحرية أخيراً، لم يعلم ماذا يحدث.

سوريون يطلقون العنان لأحلامهم في سوريا الحرة بعد سقوط النظام

في صباح ذلك اليوم، خرج من المنزل لا إلى مكان محدد، قرر أن يجرب السير خارج حدود القرية، دون هوية مستعارة ولا خوف، تنفس للمرة الأولى أخيراً..

وفي أول زيارة له للمدينة وضع زوجته وطفلته ذات التسع سنوات خلفه على الدراجة النارية، وانطلق إلى الكورنيش أمضى يوماً عائلياً على مقعد حجري، يشاهد البحر، يأكل الفول، كان الطقس بارداً، لكن دفء نجاته وحريته كان أوضح..

مثل عمار الكثير من الشباب السوري الذين رفضوا الدفاع عن كرسي السلطة السابقة، فكان عقابهم خسارة وظائفهم والسجن في منازلهم، حرموا من كل حقوقهم المدنية واستعادوا حقهم في الحياة فجر الثامن من كانون الأول، فبسقوط النظام ألغي التجنيد الإجباري ومعه الاحتياط، وخرج الشباب من سجونهم إلى الحياة..

زر الذهاب إلى الأعلى