أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

6 سنوات على تحرير دير الزور .. كيف أصبح واقع المدينة اليوم؟

المدينة الشرقية تغيب عن وسائل الإعلام .. ووفود الحكومة تفرغ حمولتها من الوعود

لا يرقى وضع مدينة “ديرالزور” الحالي إلى الآمال التي تمناها الديريون بعيد تحرير المدينة من “داعش” وفك الحصار عنها قبل 6 سنوات. فالمدينة منسية بالكامل وبقي حديث الحكومة “ع الوعد يا كمون” مليئاً بالتسويف.

سناك سوري – صفاء صلال

ستُ سنوات مرّت على خروج “داعش” من المدينة بعد حصار دام 3 سنوات كان الأصعب والأقسى على أهلها الذين وجدوا أنفسهم بين أنياب التنظيم الذي سيطر على الطرق البرية المؤدية للمدينة. وأغلق المعابر النهرية ولم يكن هناك من سبيل سوى السماء لإلقاء المساعدات إلى أهالي “دير الزور”.

أين التغيير ؟

عادت الحياة إلى الدير لكنها ليست الحياة المعتادة للديريين فما يزال المئات منهم يقطنون بيوتاً غير بيوتهم التي دُمرت خلال المعارك .ومن أصل أربعة عشر حياً في “ديرالزور” هناك خمسة منها فقط متاح للسكن. أما البقية فمازالت خارج الخدمة ولم تؤهل بعد حتى أن أنقاضها لم ترحل.

احياء دير الزور مؤهلة وأخرى تنتظر الإعمار

يتوزع أهالي الدير بين أحياء “الجورة والقصور” اللذين لم يخرجا عن سيطرة الدولة السورية وكانا يشكلان المربع الآمن. ومع تحرير المدينة بدأ السكان تدريجياً بالعودة إلى أحياء “الموظفين – الجبيلة- الحميدية”. لتظهر بين البيوت المسكونة بيوتاً أخرى مهجورة وأخرى مدمّرة لم تطلها يد الإعمار.

من أصل أربعة عشر حياً في “ديرالزور” هناك خمسة منها فقط متاح للسكن. أما البقية فمازالت خارج الخدمة ولم تؤهل بعد حتى أن أنقاضها لم ترحل

يقول “حسان ” (50) عاماً لـ سناك سوري «الخدمات ليست بالمستوى المطلوب رغم وجودها. ينقص الدير الكثير من الخدمات فمثلاً خلال الهطول المطري لا تزال شوارع الدير تغرق بالوحول والمياه لعدم صيانتها أو تزفيتها. وحتى الكهرباء لا نراها مقارنة مع المحافظات الأخرى رغم مطالبات شعبية عند قدوم أي وفد وزاري ».

تحصل ديرالزور على ساعة تغذية كهربائية مقابل خمس ساعات قطع. وخلال ساعة التغذية تُقطع الكهرباء حوالي ربع ساعة على مرحلتين. ويشير “حسان” إلى أن الأهالي اعتادوا الأمر.

ليست الكهرباء مشكلة لدى أهالي الدير شأنهم كباقي السوريين الذين تأقلموا مع حالها. لكن المشكلة الأساسية لديهم هي تأخر إعادة إعمار المدينة. حيث مايزال المئات خارج بيوتهم ويستأجرون بأسعار مرتفعة. إذ تبدأ الإجارات في ديرالزور من 200 ألف ليرة سورية إلى 700 ألف ليرة سورية تبعاً لمواصفات المنزل ومكانه. فيما ينقص المدينة تجهيز البنى التحتية التي تضررت بفعل المعارك. ويتخوف سكان الدير بعد كارثة الزلزال من سقوط منازلهم بسبب الأنفاق التي حفرت أسفل المدينة .

بالنسبة للواقع الصحي ينقصه الكثير من المتطلبات رغم افتتاح العديد من المراكز الصحية في المدن والبلدات في المحافظة. إلا أن الديريين يضطرون للسفر إلى دمشق للمعاينة الطبية وحتى شراء الدواء.

من مشاهد الدمار في دير الزور-سناك سوري

ويحتاج مشفى “الفرات” في “ديرالزور” لبعض الاختصاصات الطبية غير المتوافرة بشكل دائم حتى الآن. وتزويده بالأجهزة الطبية مثل أجهزة غسيل الكلى أو أجهزة الطبقي المحوري وغيرها .

تطلب “سميرة ” (62) عاماً من معارفها في “دمشق” إرسال أدويتها الشهرية للقلب والضغط والسكري كل ثلاثة أشهر.فالأدوية والمستلزمات الطبية توردها وزارة الصحة إلى “دير الزور” بكميات محدودة لا تكفي حاجة المدينة.

تقول “سميرة” لـ سناك سوري «عندما أعرف أي مسافر إلى دمشق من الجيران أو المعارف والأقارب. أطلب منهم شراء أدوية لي تكفيني طيلة الشهر ومايليه كي لا أنقطع. وهكذا في كل مرة لأن عدداً من الأدوية غير متوافر في الصيدليات وإن توافر فأسعاره غالية جداً».

رحلة السفر إلى “ديرالزور” المدينة أو ريفها مكلفة وتعادل نصف راتب الموظف الحكومي بالبولمان. فالأسعار ترتفع مع ارتفاع أسعار المحروقات حيث وصل سعر تذكرة السفر من دمشق إلى ديرالزور حوالي 50 ألف ويختلف تبعاً لشركة النقل.

أما سيارات “التاكسي” التي تنقل الركاب من “دير الزور” إلى العاصمة بحوالي 6 ساعات بدلاً من 11 ساعة بالبولمان. فتصل تكاليفها إلى نحو 250 ألف ليرة.

عادت بعض أسواق الدير للعمل مثل سوق سينما فؤاد. كما تم تأهيل شارع ستة إلا ربع الشهير في الدير وافتتحت العديد من الفعاليات الاقتصادية محلاتها. وتم إصلاح «مركز الانطلاق» كما يسميه أهالي الدير أو البولمانات وهي مساحة وصول ومغادرة النقليات من وإلى الدير.

رحلة السفر إلى “ديرالزور” المدينة أو ريفها مكلفة وتعادل نصف راتب الموظف الحكومي بالبولمان. ووصل سعر تذكرة السفر من دمشق إلى ديرالزور حوالي 50 ألف ويختلف تبعاً لشركة النقل

في القطاع التعليمي. عاد طلاب جامعة الفرات إلى مقاعدهم فعدد من التخصصات الجامعية مثل التخصصات الهندسية توقفت لفترة جزئية خلال حصار المدينة .ما فرض على الطلبة تقديم طلب استضافة في الجامعات الحكومية الأخرى .

أهلت الحكومة السورية عدداً من جسور المدينة مثل “جسر البعث” في حي “الحويقة” والذي يربط حي “الحويقة” بمركز المدينة. أما باقي الجسور التي دمرتها المعارك فما تزال بحاجة لإعادة تشييدها لربط ضفاف المدينة الممزقة عوضاً عن العبارات المائية غير الآمنة.

فيما يبقى الحلم الديري المنسي بإعادة تشييد وإعمار “الجسر المعلق” والذي فجرته “جبهة النصرة” عام 2013 لإعاقة تقدم قوات الجيش السوري. فضلاً عن تضرر جسورٍ أخرى في “مدينة الجسور” كما كانت تسمّى.

دمار الجسر المعلق في دير الزور-سناك سوري

خلال سنوات الحرب وإبان العملية العسكرية لتحرير “دير الزور”. حصلت المدينة على اهتمام إعلامي لم تشهده من قبل. حيث تسابقت كاميرات القنوات التلفزيونية للوصول إلى مدخل “البانوراما” في أول المدينة. وكانت مجريات الأحداث تنقل ببث مباشر عبر القنوات بينما يتنافس الصحفيون للحصول على معلومة جديدة حول العملية العسكرية في “دير الزور”.

هذا الزخم في الاهتمام بالدير اختفى بعد أقل من شهر على نهاية الأعمال العسكرية. وعادت بعده المدينة الشرقية ضحية للنسيان الإعلامي والحكومي. حيث تكتفي الحكومة السورية بوفود رسمية تحط طائراتها في مطار المدينة ثم تقلع منه بعد أن أفرغت حمولتها من الوعود والآمال دون جدوى. فماذا لو تنافست وسائل الإعلام على تسليط الضوء على واقع المدينة بعد انتهاء المعارك كما فعلت حين كانت العمليات العسكرية في أوجها؟.

زر الذهاب إلى الأعلى