الرئيسيةرأي وتحليل

6 دقائق مع وزير الاتصالات.. خطوة بالاتجاه الصحيح لكن الطريق مايزال طويلاً

وزير الاتصالات يتجاوب مع شكوى مواطن لكن أين الحلول الشاملة التي تشمل الجميع؟

تجوب قصة المواطن “فراس عمر باشا” مع وزير الاتصالات “عبد السلام هيكل”، صفحات الفيسبوك مع الكثير من القلوب الحمراء، ومما لا شك فيه أنه فعل بالتأكيد يستوجب الحب والتقدير، لكن هل يستطيع الوزير حل مشاكل الاتصالات بالتواصل مع كل مواطن سوري لمدة 6 دقائق كما فعل مع زميله بالمواطنه “فراس عمر باشا”؟!

سناك سوري-وفاء محمد

تبدأ قصة “باشا” مع الوزير الذي نشرها الأول عبر صفحته بالفيسبوك، بعد إرسال شكوى للوزير عبر منصة إكس، تحدّث فيها عن غياب خدمات الاتصالات في إحدى مناطق ريف دمشق، وأرفق أدلة وشكاوى سابقة قال “باشا” إنه تم تجاهلها مراراً من قبل شركات الاتصال، وتحدث في شكواه عن الفساد والمحسوبيات وغياب التخطيط.

في اليوم التالي، تلقى “باشا” مكالمة مباشرة من الوزير، المكالمة لم تكن بروتوكولية، ولم يكن فحوى الحديث من مبدأ “سنتابع ونشكرك” كما قال، وأضاف أنها كانت حقيقية، فيها اعتراف بالتقصير، والتزام بالعمل، وتأكيد على المتابعة، والأهم وُضع وعد واضح بأن “ما يهمّ هو النتيجة لا المبرّرات”.

لكن.. هل يعقل أن يتحدث الوزير مع كل مواطن سوري؟ بالتأكيد ليس مطلوب منه ذلك، بل المطلوب النهوض بالاتصالات بحيث تقل الشكاوى للحد الأدنى.

ما قام به الوزير لا شك يُعبر عن رمزية ضرورية وموقف يشكر عليه، لكنه أيضاً يبرز حاجة ملحة لبناء أدوات مؤسسية منظمة لتلقي الشكاوى ومتابعتها، أدوات تتجاوز الأشخاص إلى أنظمة عمل، لأنه لا يمكن بناء دولة على النوايا الحسنة فقط، بل على قنوات تواصل رسمية واضحة، وفرق عمل فعالة.

مثلاً من الممكن اعتماد منصة خاصة للشكاوى، أو إعادة تفعيل دور الإعلام بما فيه الإعلام الرسمي الغائب حتى الآن منذ 8 كانون الأول 2024، فمن جهة تصل الشكاوى ومن جهة ثانية يُعاد للإعلام دوره في إيصال صوت الشكاوى والظلم.

أنا اليوم واحدة ممن يعانون من مشاكل الإنترنت، سواء بثمن الباقات المبالغ به أو من خلال سوء ورداءة الخدمة، لأحل مشكلتي هل يجب أن أقدم شكوى عبر إكس للوزير؟ حسناً، لا أمتلك حساباً هناك، فما الحل؟

تجربتي مع سوء خدمة الإنترنت، تشبه آلاف التجارب الأخرى في كل أنحاء سوريا، في زمن بات فيه الإنترنت مورد رزق للعديد من الشبان والشابات، وبخلاف ما يعتقد البعض المشكلة ليست “كمالية” بل أساسية، ومصيرية أحياناً، لمن يعتمد على الإنترنت في العمل أو التعليم أو التواصل مع الخارج.

إذاً، هل المطلوب من كل مواطن أن يحصل على مكالمة مباشرة مع الوزير حتى تحل مشكلته؟ بالطبع لا، ولا الوزير نفسه ادعى ذلك، ما نحتاجه فعلياً كسوريين أن تتحول تلك اللفتة الرمزية بكل ما تحمله من احترام وإنسانية إلى إجراء مؤسسي عام، يبنى عليه ويعمم.

والأمر هنا لا يتعلق فقط بالاتصالات، بل بكل قطاع خدمي يعاني من مشاكل مزمنة، من الكهرباء إلى المياه، إلى المواصلات وصولاً للتعليم.

نحتاج إلى إعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات دولته، عبر قنوات شفافة، فعالة، ومتابعة بشكل حقيقي، كذلك نريد ونأمل أن تؤسس الوزارات فرق عمل تكون مهمتها الوحيدة استقبال الشكاوى ومعالجتها والرد عليها ضمن سقف زمني واضح.

كرأي شخصي أعتقد أن تجربة المواطن “فراس عمر باشا” يجب أن يُنظر إليها ليس كحدث استثنائي، بل كرمزية جيدة مع التأكيد على فتح باب الشكاوى عبر قنوات واضحة متاحة للجميع حتى أولئك الذين لا يمتلكون قدرة الوصول إلى الإنترنت سواء بسبب ارتفاع ثمن الباقات أو حتى جهلهم باستخدامه مثل بعض كبار السن على سبيل المثال، وفي النهاية نعم نحن بأمس الحاجة إلى مسؤولين يسمعون، يتجاوبون ويحاسبون.

زر الذهاب إلى الأعلى