الرئيسيةحكي شارع

21 آذار يوم دسم هذا العام على “الفيسبوك” عيدين بيوم واحد!

نهفات السوريين بعيدي “الأم والمعلم”

سناك سوري – سناء علي

عيدين في يوم واحد، تبدو الفرصة ذهبية أمام مواهب السوريين هذا العام لملء فضاء “الفيسبوك” بمختلف أنواع القصائد النثرية والعمودية، المشاعر الإنسانية، المعايدات، والكثير الكثير من روح النكتة.

عيد الأم نال حصة “الأسد” من “بوستات” السوريين متغلباً على عيد المعلم.

21 آذار هو اليوم الذي يحاول فيه الجميع إظهار أفضل ما لديه لأمه، (بغض النظر عن الأيام الـ364 الأخرى)، وقد انتقلت هذه العدوى إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي بدأت باستقبال المنشورات الخاصة بالمناسبة منذ أيام حيث كتب “روجيه” قبل عدة أيام ممهداً للأمر: «ملاحظين أنه الأم متغيرة هالفترة الهدوء يعم البيت وصايرة مثل مضيفة طيران الامارات درجة أولى تمشي وتبتسم لا بتعصب ولا تتخانق مع حدا ولا تقول تنكسر ايده يلي كسر الصحن، علينا هالحركات يا نبع الحنان تنتظري 21/3 حركاتك مكشوفة»، قبل أن تدق ساعة الصفر منذ مساء  أمس ويبدأ “برنامج بر الوالدين” بحسب “روجيه” نفسه، والذي يبدو أنه يأتي لمرة واحدة خلال السنة، فيما يمكن إطلاق المصطلح الشعبي “الكولكة” عليه.

بالتأكيد  تستحق الأم أضعاف ما يكتب لها في عيدها، ولكنها بالمقابل تستحق أفعالاً تضاف للأقوال، واهتماماً دائماً لا ظرفياً مرهونا بيوم واحد ومناسبة محددة، وهو ما قد يغفل عنه الأبناء في زحمة الظروف الصعبة التي نعيشها ليأتي هذا اليوم بالنسبة لهم كهدية من السماء (بكتب كلمتين عالفيسبوك، وبجيب لأمي هدية ومنروح منتغدى عندها)، معتبرين أنهم يكفرون عن إهمالهم طوال العام.

المفارقة الكبرى عندما لا يكون للأمهات، وخاصة كبيرات السن منهن، حسابات “فيسبوكية” لتقرأن معايدات الأبناء لهن، فماذا تكون الفائدة هنا من إرسال المعايدات، إذا لم تصل لصاحبتها، هل هو حب الظهور، (شوفوني يا رفقاتي قديش بحبا لست الحبايب أنا )، أم أنه استعراض لمواهب البعض الشعرية والنثرية، أم أن حساسية العلاقة بين الأم وأبنائها، قد تربك البعض أمام أمه، فلا يبوح لها بمكنونات قلبه، فينشرها على صفحته، وخاصة أننا في مجتمع لم يعود أبناءه على البوح بمشاعره بل عمل كل جهده لكبتها وخنقها تحت ذرائع واهية وهنا لا تُعفى الأم من المسؤولية فهي التي ربت وأنشأت.

تقول “غراسيا” في منشور على صفحتها: «لم نكن نتفق كثيراً، هي كانت تريد أن تُلبسني عباءتها وأنا كنت قد اقتنيت شورتاً يتجاوز الركبة إلى الأعلى بسنتمترين.. لم أستطع أن” أطب الجرّة ع تما” ولا أن “اطلع لأمي”. كسرت الجرة ومضيت أصنع أحواض سمك زجاجية فارغة إلا من حلمي بأن أكون سمكة تكسر قهر الزجاج و تعود إلى مساحات البحار الشاسعة».

اقرأ أيضاً: سوريا: سيدة نالت شهادة قيادة بالسبعين وتدور الأقمشة بالثمانين

تضيف: «أثناء زيارتها لي منذ أعوام، استغلت لحظة خروجي من البيت و وضعت نسخة من ديواني في حقيبتها و توجهتْ إلى إحدى صديقاتي ممن يجدن الاسبانية و العربية معاً و قالت لها: خذي، ترجمي لي قصائد كراسيا، قصيدة واحدة على الأقل أرجوك، صديقتي الماكرة اختارت القصيدة التي بدأتُ فيها بـ: “أُمي قصت ضفائر شعري بوصاياها” و ترجمتها….ذلك المساء حين عادت أمي إلى البيت مدت يديها إلى رأسي بكل حنان الامهات و هي تجدل لي ضفيرة قبل الأُخرى و قالت: شَعرك الآن أصبح طويلاً بما يكفي ليرقص مع الريح و شِعرك صار جميلاً ليمتليء ببحور شاسعة تقفزين إليها كسمكة حزينة لا تعنيها العباءات الطويلة.. أمي ليس لديها فيسبوك لتقرأ ما كتبته، لا تنقلوه لها، لا أريد لعيونها الجميلة أن تبكي».

أما محمد فقد رأى أن عادة النشر عن المناسبات، قديمة ومتأصلة لدى المجتمع السوري حتى قبل وجود وسائل التواصل الاجتماعي: «الي حابب يفهم عقلية بعض السوريين بالنشر على الفيسبوك، لازم يرجع لأيام النشر على التكاسي والبولمانات (لا تلحقني مخطوبة. رضاكي يا أومي. الله يحرسك من العين. ميلي ميالك أبو عبدو خيالك) .التاريخ يعيد نفسه».

روح النكتة التي باتت سمة مرافقة للسوريين في أي قضية يتناولونها (مكره أخاك لا بطل، ليش عندهم حل تاني بظل الواقع المبكي)، ظهرت أيضاً في عيد “نبع الحنان” حيث اختار “عمار” صورة فتاة جميلة قال إنه سيخبر أطفاله في المستقبل أنه حاول جعل أمهم تشبهها، ولكن: «الحظ المعثر والـ”خاص ممنوع” حال دون ذلك»، بدوره نبه “فراس”  الأمهات من “كولكة” الأبناء: «حبيباتي الأمهات.. غالبية الصور التي تُلتقط لَكنّ بدءاً من اليوم وحتى نهاية يوم غد، وخاصة صور (ماما قربي مشان تطلعي بالسيلفي) يلتقطها فلذات أكبادكن “الحناين” مشان الفيس.. يعني مو محبة الله وكيلك يا خالتي، ابنك وبنتك اللي دبحوا حالهن من الصبح معايدات وست الحبايب، جربي تطالبيهن بباقي المصاري تبع تبضيعة الضهر.. وشوفي الحب الحقيقي».

لا مجال لاختصار كل الأفكار والمشاعر التي تربطنا بهذا اليوم، في الأيام العادية، فكيف هو الحال في حربنا ذات الأعوام الثمانية والتي تجرعت فيها الأمهات مرارة الفقد والخسران، عائلات كثيرة سيمر هذا اليوم ثقيلاً عليها بثقل السنوات الماضية، الأم التي فقدت أولادها، حرباً أو هجرة، موتاً أو خطفاً، الأبناء الذين تجرعوا مرارة اليتم، والكثير والكثير من الحزن المخيم على الصدور مادفع “رامي ” إلى الدعوة للاحتفال بصمت: «منيح نحتفل بصمت..نحنا، اللي عنّا أمهات نعايدهن، يمكن لازم نعايدهن بينّا وبينهن. أو ضمن نطاق العيلة، يمكن لازم نفكّر بيتيم(ة) الأم يلي رح يشوف معايداتنا وأغانينا وأفراحنا عالفيسبوك وكلّ معايدة تجرلّو دمعة…إذا كل حدا فينا عايد أمّو بينو وبينها، واحتفل فيها بينو وبينها، بدون ما يصدّر الاحتفال للسوشل ميديا كلها، غلط؟ هيك بكون أشبع عاطفتو وواجبو (للي بيعتبر المعايدة واجب) وما زاد الوجع بقلب حدا (برجع وبقول هي وجهة نظر، ماني عم حاكم حدا)» .

“أحمد” اعتذر من والدته لتأخره بمعايدتها، لا لشيء بل حتى لايرى عيناها الباحثتين عن أخويه محمد وحسن اللذين أخرتهما الحرب أيضا عن المجيء، أحدهما غائب في الصحراء والأخر مدفون تحت التراب، بدورها “داليا” لا تفارق صورة ابنتها مخيلتها،  وهي ترى صباح اليوم «نساء اتشحت ملابسهن بالسواد يحملن باقات الريحان وجزادين صغيرة، يسرن في مجموعات منتظمة على الرصيف، خُيل إلي أني أرى قلوباً بالكاد تجمع شتاتها وتمشي على قدمين باتجاه ذلك القبر الذي يحوي أرواحهن.. يا لله في بلادي لم تعد الروح حرة خالفت الخالق ودُفنت في التراب».

اقرأ أيضاً: عيد الأم لن يمر من هنا.. هنا سوريا!

عيد المعلم والحظ السيء!

عيد المعلم حل ثانياً على الساحة الفيسبوكية لهذا العام (الحظ السيء لا حق المعلم لهون، ليجي عيده مع عيد الأم) حيث علق “عماد”: «اللي عمل عيد الأم مع عيد المعلم متآمر على الأمهات لأنه الجميع سيتذكر المعلم وينسى الامهات».

في حين نشر  “أيمن” وهو أستاذ جامعي ما سماه الدعاء المستحب في عيد المعلم بشكل: «اللهم هون على طلابنا فهم ما نقوله، وأعنهم على امتحاناتنا وعلى معرفة ما نقصد بأسئلتنا، فإننا أنفسنا يارب لا نعرف أحيانا ماذا نريد، قولوا آمين».

«قم للمعلم وفه التبجيلا …. ولك يا عمي هوي يقدر يوفي القروض اللي عليه وما ضروري توفه التبجيلا»، بهذه الكلمات وصف “صميم” واقع المعلمين السيء.

إذاً لا يزال أمام السوريين “الفيسبوكيين” ساعات طويلة حتى نهاية هذا اليوم لتفريغ مشاعرهم، وتفنيد آرائهم، على أمل أن تكون الصيانة الماضية لسيرفرات الفيسبوك والتي ساهم السوريون بشكل كبير في نجاحها في تلك الليلة القاسية، جيدة بما يكفي لكي تتحمل السيرفرات ضغط البوستات القادمة.

اقرأ أيضاً: “مارك زوكربيرج” يشكر سوريين: كانت ليلة قاسية على شركتنا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى