لم يكن تحرير سوريا من نظام البعث التحرير الوحيد الذي جاء على يد إدارة العمليات العسكرية، التي قرر جناحها الاقتصادي تحرير سعر المحروقات أيضاً.
سناك سوري-خاص
السوريون الذين احتفلوا ابتهاجاً وملؤوا ساحات مناطقهم بالهتافات والفرح عقب سقوط النظام بآخر شهر في 2024، هم أنفسهم الذين بدأوا العام على وقع هموم معيشية، وانتظار الغائبين والمغيبين والمعتقلين، للأسف لم تكتمل فرحة أهالي معتقلين كُثر، بعد إدراكهم لهول ما تعرّض له أبنائهم وبناتهنّ في سجون النظام المخلوع.
سنة بشهر
شهدّت سوريا 2024 تحولاً كبيراً بمجرد سقوط النظام المفاجئ وهروب رئيسه إلى موسكو، تاركاً خلفه جراحاً ثقيلة يصعب شفاؤها، وشعباً نال منه الفقر والعوّز، واقتصاداً مدمراً مترافقاً مع عقوبات رفعها مرهون بمدى قدرة إدارة العمليات العسكرية على ضبط الواقع وحماية الأقلّيات ومنع العمليات الانتقامية، وهذا ما يبدو غير مضبوط مع كثرة الانتهاكات الفردية وانشغال المسؤولين الجدد بالخارج على حساب الداخل.
تبع سقوط النظام، تحرير أسعار المشتقات النفطية التي باتت مع الذهب تسعر بالدولار، الذي لم يعد تداوله من المحرمات، لكن هذا التحرير لم يجلّب الفرحة للسوريين الذين باتوا مضطرين لدفع أجور نقل مضاعفة عدة مرات، مع بقاء الراتب ثابتاً على حاله، إذ يبدو أن “متلازمة رفع أسعار المحروقات وتجاهل رفع الرواتب” السمة الوحيدة المشتركة بين كل الحكومات السورية.
وارتفع سعر المازوت من 2000 ليرة بداية 2024 إلى 18 ألف ليرة بنهايته، والبنزين ارتفع من 9000 إلى 22 ألف ليرة، وأسطوانة الغاز من 20 إلى 215 ألف ليرة، بينما بقيّ الراتب ثابتاً عند 286 ألف ليرة بحده الأدنى، على الرغم من وعود متداولة برفعها 400%.
وبالتالي فإن المواظف والطالب اللذان كانا يدفعان 2000 ليرة أجرة مواصلات بداية العام الجاري، باتا في نهايته يدفعان 10000 ليرة بالمتوسط.
مع ذلك ورغم الظروف الحالية، إلا أن سوريين كثر يبدون تفاؤلاً حذراً، خصوصاً بعد انخفاض أسعار معظم السلع الغذائية متأثرة بانخفاض سعر الصرف، الذي بدأ عامه 12700 ليرة للدولار الواحد، ووصل خلال العام إلى 15 ألف ليرة مستقراً عند ذلك الحد، لينخفض آخر العام إلى ما بين 11500 وحتى 13200 ليرة، ولأول مرة يصبح سعر الدولار بالمصرف المركزي أعلى منه في السوق الذي شهد زخم محلات صرافة لدرجة بروز “بسطات صرافة”.
الذهب بدأ عامه بسعر 828 ألف ليرة للغرام واستمر بالارتفاع ليصل إلى مليون و150 ألف ليرة منتصف كانون الثاني الجاري، ثم يعاود الانخفاض متأثراً بتحسن سعر صرف الليرة ليصل بنهاية العام إلى 900 ألف ليرة للغرام الواحد.
أسعار الملابس.. قلة الطلب دفعت للعروض
لم تشهد أسعار الألبسة أي انخفاض رسمي، لكن قلّة الطلب نتيجة تراجع القدرة الشرائية، أجبر أصحاب المحال التجارية على الإعلان عن عروض وتنزيلات، فالجاكيت الشتوي مثلاً كان بداية العام 450 ألف ليرة ارتفع إلى نحو مليون ليرة مع بداية الشتاء الحالي قبل أن يتم الإعلان عن عروض ليصل سعره إلى نحو 600 ألف ليرة بالعرض.
ولا يختلف الحال بالنسبة لملابس البالة، حيث كان سعر الجاكيت الشتوي بداية 2024 يصل إلى 150 ألف ليرة، ارتفع مع بداية الشتاء الحالي إلى 600 ألف ليرة، واليوم تبيعه معظم البالات بين 200 إلى 400 ألف ليرة.
انخفاض الأسعار
بدورها تأثرت أسعار المواد الغذائية بتحسن الليرة، كذلك بدخول البضائع التركية إلى الأسواق السورية، فسعر كيلو الأرز الذي كان 15 ألف ليرة بداية العام ارتفع إلى 18 ألف ليرة لاحقاً، ومؤخراً انخفض إلى 12 ألف ليرة بالمتوسط. والسكر بدأ بـ15 ألف وانتهى بـ10 آلاف.
كيلو السمنة كان 35 ألف وانخفض إلى 30 ألفاً، وليتر الزيت النباتي بدأ عامه بسعر 25 ألف وانتهى بسعر 21 ألف، والحليب ارتفع من 6500 بداية العام إلى 7500 في نهايته، واللبن من 7500 إلى 9000 ليرة، ليكون البيض أبرز المتأثرين بالانخفاض، فالبيضة كانت بداية العام 2300 ارتفعت لاحقاً إلى 2600 واليوم وصلت إلى 1000 ليرة.
في بداية معظم السنوات الماضية، كان السوريون يقولون في بداية كل عام، “المكتوب مبين من عنوانه”، لكن العنوان هذا ربما يكون “الأمل والترقب”.