الرئيسيةتقارير

129 مليار ليرة قيمة الفساد بوزارة التربية.. ماذا لو أن مليارات الفساد ذهبت لأماكنها؟

لو أن تلك المليارات ذهبت لغرضها الصحيح ربما كان "غدير" مايزال حيا يرزق

بعد الأحاديث الكثيرة عن قضايا فساد في وزارة التربية، خلال الأعوام السابقة وبعد الشائعة الكبيرة التي ضجت بمحاسبة مسؤولين كبار على رأسهم أحد الوزراء السابقين، قال المفتش في الهية المركزية للرقابة والتفتيش، “محمد عتمة” في تصريحات إذاعية للمدينة إف إم، أنهم استردوا مبلغ 105 مليار ليرة سورية من قضية فساد العقود بوزارة التربية العائدة للأعوام 2017، 2018، 2019، من أصل المبلغ الكلي المراد تحصيله والبالغ 129 مليار ليرة.

سناك سوري-دمشق

لعلّ أول التساؤلات التي ستخطر ببال القارئ اليوم بعد قراءة ذلك التصريح، تُختصر في سؤال: “إن كانت وزارة التربية غير الإنتاجية، قد تحملت قضية فساد قيمتها 129 مليار ليرة سورية، فماذا عن كلفة الفساد في وزارات أخرى إنتاجية كوزارة الصناعة مثلا، والتي ضجت بقضايا فساد ومخالفات مؤخراً”.

ورغم أنه تساؤل مشروع جدا، خصوصا بالنسبة لمجتمع لا يعرف عن مكافحة الفساد شيئا، فيما خلا الفساد الصغير إن جاز التعبير، والمحصور بفساد صاحب تاكسي أو ممرضة وسواهما من الحالات التي يسلط عليها الإعلام الرسمي، دون الغوص في تفاصيل قضايا الفساد الكبيرة أو ملاحقتها، إذا ورغم ذلك فإن محور مادتنا مختلف قليلاً.

ماذا لو وظفت أموال الفساد بصيانة المدارس

في العام 2019، وهو أحد الأعوام التي كانت تجري فيها صفقة الفساد في وزارة التربية، استنادا إلى حديث “عتمة” أعلاه، نقلت صحيفة الوحدة المحلية، معاناة تلاميذ مدرسة قرية “ترمي” مع بناء المدرسة المتهالك، المؤلف من 4 غرف صغيرة جداً، بأبواب مخلوعة ونوافذ مكسورة، تسمح للأمطار بالدخول إلى داخل الغرف ليصل لارتفاع 10 سم في العواصف، مع انتشار الحشرات والجرذان بسبب الشقوق في الجدران، واضطرار الأطفال للجوء للأراضي الزراعية المجاورة خلال الاستراحة بسبب عدم وجود ساحة!.

الصحيفة استطلعت حينها، واقع 9 مدارس من أصل 26 مدرسة مستأجرة في المنطقة، تعاني جميعها من واقع سيء بعيد كل البعد عما يجب أن يكون عليه واقع الأبنية التعليمية، بينما برر مدير المجمع الإداري والتربوي في “القرداحة” حينها، “عدي حبيب” الأمر، بأن «الحصار الاقتصادي وما يسببه من نقص السيولة المالية سبباً رئيسياً في عدم بناء المدارس والتخلص من ظاهرة المدارس المستأجرة».

لكن وعلى ما يبدو أن السيولة كانت متوفرة، إلا أنها كانت تذهب لصالح الفساد وليس لصالح الشأن العام، علما أن أحدا حينها لربما لم يكن لطرح مثل هذه الفرضية التي أثبتت صدقها اليوم بالتجربة، خوفا من ملاحقة قانون الجريمة الإلكترونية، وبناء على هذا المثال، كم من القضايا المشابهة التي تحدث اليوم أيضاً؟!.

اقرأ أيضاً: “اللاذقية”.. هل تعرف وزارة التربية عن واقع المدارس المستأجرة؟

في العام التالي، تحديدا شهر شباط من عام 2020، توفي الطفل “غدير حيدر” من الصف الثاني الإعدادي، بعد نحو شهر على تعرضه لإصابة بالغة، نتيجة سقوط عارضة مرمى كرة القدم المهترئة على رأسه مباشرة، خلال درس الرياضة في مدرسته “محمد زهرة” بمنطقة “الهنادي” بريف اللاذقية.

لو أن المليارات التي ذهبت لجيوب الفساد قبل أن يتم اكتشافها، قد ذهبت إلى صيانة المدارس، لربما كان “غدير” حيا يرزق اليوم يتابع أمور مستقبله وحياته، ويعد نفسه وعائلته بأحلام كبيرة!.

لو أن مليارات الفساد في ذلك الوقت، وجهت لدعم العملية التعليمية ورواتب المعلمين والمعلمات، لكان السوريون قطفوا ثمارها اليوم، عوضا من معاناتهم مع قلة الكوادر التدريسية، الذين يقول كثيرون منهم إنهم فقدوا الحافز بالنظر إلى أجورهم القليلة والصعوبات المعيشية الحالية.

ولو أن تلك المليارات صرفت على شراء الأثاث الجديد للمدارس، كما في مدارس “سلمية” عام 2018، أحد أعوام قضية الفساد، وكذلك غالبية المدارس الأخرى، لكان الواقع اليوم أفضل بكثير حتى لناحية عملية بناء الثقة بين المواطن والحكومة، فالمواطن الذي يشعر بوجود الفساد إلا أنه لا يتجرأ الحديث عنه إلا بعد الكشف عنه وغالبا يحدث بعد سنوات، سيفقد الكثير من الثقة بمسؤولي بلاده.

فإن كانت أموال الفساد قد استردت، وفق ما يقول المفتش الرقابي، فمن يسترد تلك السنوات وعملها الضائع هدرا على خزينة الدولة ومواطنيها أيضاً.

إقرأ أيضاً التعليم في حماة على “الواقف”!

زر الذهاب إلى الأعلى