يوم في حضرة سرافيس اللاذقية.. يا بترضخ وبتطلع أو بتشتكي وبتنطر
نحن والسرافيس يلي "مو واصلة لنهاية الخط وبدها أجارين".. هو يشتكي وأني أشتكي
“ماواصل لنهاية الخط من هلا ها”، “بعد الكراج الأجرة بتصير أجارين”. وما شابهها من الجمل التي بات دماغي يحفظها عن ظهر قلب. لدرجة أن دماغي بات مبرمجاً مباشرة ليطلب إلى السائق التوقف، عند اقرب نقطة من وجهتي. التي يمرّ بها الباص لكن كي أوفر الآجار الثاني. كلن 300 متر بمشيهم وبلا ما أدفع زيادة متلي متل كتير ركاب.
سناك سوري-جولي زوان
في مدينتي اللاذقية يعتاد طالب الجامعة أن يستقل عدة سرافيس محددة ومتوفرة ليذهب إلى هارفرد سوريا. ومع ذلك فإنه غالباً ما سيرى أمماً طلابية عند الموقف. لأن عدد سرافيس الدائري الشمالي لا تكفي. يزداد الأمر سوءاً لأن امتحان البكالوريا سيبدأ بعد قليل.
تهافتنا جميعاً على باب السيرفيس “ليكو عمي ما واصل إلا لدوار الزراعة”. يقولها السائق بكل ثقة وما على الركاب سوى الرضوخ، السائق لن يصل لنهاية خطّه مثل العادة.
لا وقت لمناقشة الفكرة في رأسي، مثل الجميع ركضت لأحجز لي مقعداً ونجحت. لكن حشريتي أبت إلا أن تتدخل، وأسأله عن سبب عدم وصول معظم سرافيس الدائري الشمالي إلى نهاية الخط. على الرغم من أن اليوم امتحان تكميلي والناس بحاجة ماسة للسرافيس.
الوضع لن يكون أخف وطأة إن قصدت الباصات الخضر لتخضع مع ملابسك لحرب مع الحر والإزدحام تخوضها واقفا مع العشرات لأن الباص برأي السائق “لساتو فاضي الباص فاضي ارجعوا لورا”
لم يتوقع سؤالي الحشري فبدا تلعثمه في الإجابة “والله ياعمي مابعرف يعني بدنا نعبي مازوت لهيك”. ندمت على إخباري له بأني صحفية فبعبع الصحافة يخيف الجميع أناساً ومسؤولين. عند أقل سؤال لن يسمح له بالإجابة على سؤالي التالي “ليش مو كل يوم في مازوت ليش بس اليوم ما عم توصلوا؟”. ولكن فضّلت الصمت وعدم طرح السؤال على أن أقف تحت أشعة الشمس.
الوضع لن يكون أخف وطأة إن قصدت الباصات الخضر لتخضع مع ملابسك لحرب مع الحر والإزدحام تخوضها واقفاً مع العشرات لأن الباص برأي السائق “لساتو فاضي الباص فاضي ارجعوا لورا”. هي فعلاً ليست أخف وطأة وإنما أكثر علواً فهي تجعلك تشعر أنك أشبه بغيمة. فقطرات المطر تنهمر من جباه الجميع في جو الباص السديمي وأنت تتمسك بإحدى عوارض الحديد كي لا تسقط وتصبح تحت الأرجل.
كان كل شيء ليكون عادياً رغم الركض والانتظار، لو أنك لا تسمع تذمر سلاطين سرافيس اللاذقية الممتعضين الذين إن قرروا أو انزعجوا منك. ستنتظر ما يفوق الساعة تحت أشعة الشمس لتشتم نفسك وحظك. وترى غيرك يشتم مكان سكنه، وعمله، وكل وضع النقل ويسأل هنا وهناك كل سائق يمر “بتطلع بإجرة دبل نحنا 8″، وإن وافق سيعم السرور والانتصار.
لا أحد يسمع صوت تكسر عظامنا تحت ثقل حشر 5 ركاب في مقعد لا يتسع سوى لـ3. من يسأل عن صيانة عظامنا وتكاليفها، إن كان السرفيس يدرّ دخلاً فإن عظامنا لا تفعل
“يعني أنا شو بدي لحق للحق 26 لتر شو بدن يكفوا كم نقلة، الساعة 3 بخلص وبتقولوا مافي سرافيس أنا كيف بدي اشتغل للـ6 مثلا”. هذه السيمفونية المعتادة لسائقي السرافيس تجعلك تشعر أنك جلاد تظلمه بتذمرك. إن قلت أنه لا سرافيس في الكراج والساعة لم تتجاوز الـ4 ظهراً.
كما ستعتاد على سماع موشح الـgbs، وعدم كفاية المازوت، وقلة الأجرة. ومقطوعة تكاليف الإصلاح فقلّما تصعد سيرفيس إلا وسيسمعك المقطوعة التي تبدأ بأن تغيير الزيت يكلفه كذا، و الإطارات سعرها كذا، والمقاعد كل شهر يضطر لصيانتها. لأنها تتحمل الضغط وتستقبل 20 راكباً بدل 14 بحجة مقنعة أن الناس تحتاح الوصول لمنازلها.
لكن لا أحد يسمع صوت تكسر عظامنا تحت ثقل حشر 5 ركاب في مقعد لا يتسع سوى لـ3. من يسأل عن صيانة عظامنا وتكاليفها، إن كان السرفيس يدر دخلاً فإن عظامنا لا تفعل، لكن لا أحد يكترث فالإنسان السوري يستطيع التحمل وليس سريع العطب مثل الآلة.