يوم الصداقة العالمي.. السوريون وأصدقاؤهم قِطَعُ قلب منثورة في بلدان العالم
سهرة افتراضية مع الأصدقاء في أوروبا.. لديهم الباربكيو ولدى حسام كأس الشاي
“صالح” صار بهولندا، “وسيم” في ألمانيا، “كنان بسلطنة عمان، “مصطفى” في تركيا، “غاندي” أخذته الحرب عام 2013. تلك ليست مجرد كلمات اعتباطية، بل هي كلمات تروي قصة أصدقاء شتّت الحرب شملهم. تحتضنها صورة جماعية لهم حين كانوا جميعاً على قيد الأمل بمستقبل واعد داخل بلدهم.
سناك سوري-ديالا البحري
“رضا زيتي”، يروي من خلال كلماته تلك عبر منشور له بالفيسبوك، كيف تشتت شملهم، وهم الذين اجتمعوا في صورة واحدة قبل أعوام كثيرة. يحتضنون كُرتهم وأحلامهم. أما اليوم كل واحد فيهم بات بمكان. بينما مايزال “رضا” في بلده سانداً رأسه على يده منتظراً ساعة الكهرباء، كما كان يسندها منتظراً التقاط الصورة التي تلخص قصص سوريين كثر أحباب وأصدقاء جمعتهم صورة ذات يوم وفرّقتهم بلاد.
ليس “رضا زيتي” ابن “اللاذقية” السوري الوحيد الذي يواجه ألم فقدان الأصدقاء وتشتت شملهم. فها هي “ماري أحمد” شابة سورية من دمشق، تعاني من وقوف حدود الجغرافيا بينها وبين صديقاتها الثلاث اللواتي ربطتهنّ علاقة صداقة لأكثر من خمس سنوات في البلاد. قبل أن تختار كل منهن وجهتها وتنتقل لتكمل حياتها في بلد آخر.
تفتقد ابنة الـ24 عاماً لذكرياتها مع أصدقائها واجتماعاتهنّ التي كانت تتكرر كل يومين والثالث عندما كنّ يقصدن أماكن مختلفة. لتناول الطعام أو قضاء وقت ممتع من خلال نزهة بالسيارة في شوارع البلاد أو الرحلات التي كان يملأ جوها الضحك والفرح.
لازلت وصديقاتي نتشارك أهم اللحظات والمناسبات من خلال إجراء مكالمات الفيديو خلال مناسبات التخرج أو أعياد الميلاد وكذلك أيام العيد- ماري أحمد
تقول “ماري” لسناك سوري: «كان لوجود أصدقائي في البلاد تأثيراً خاصاً على حياتي إذ كنت أجد في لقاءاتنا ترويحاً عن النفس وتخفيفاً من ضغوط العمل وصعوبات الحياة وهذا ما افتقدته كثيراً بعد سفرهن».
ترى “ماري” أن السفر ومشاغل الحياة في الغربة يمكن أن تضعف علاقات الصداقة وتخفف من التواصل لدى البعض بينما يمكن أن تزيد من قوة العلاقة وتعزز روابط الصداقة لدى البعض الآخر.
وتضيف: «لازلت وصديقاتي نتشارك أهم اللحظات والمناسبات من خلال إجراء مكالمات الفيديو خلال مناسبات التخرج أو أعياد الميلاد وكذلك أيام العيد».
حال ماري كحال كثير من الشباب السوري ممن باتت وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الوحيدة والملتقى الذي يجمعهم عبر شاشة صغيرة متجاوزين بها حدود الجغرافيا التي حالت بينهم وبين تلاقيهم.
سهرة افتراضية بدون مناسبة اليوم العالمي للصداقة
قبل حوالي الشهر ولأول مرة منذ أكثر من 5 سنوات، سهر “حسام” 41 عاماً حتى ساعات الفجر الأولى مع أصدقائه الذين سافروا إلى أوروبا. للأسف كانت سهرة افتراضية جرت بطلب من الأصدقاء الذين اختاروا اللقاء ولو عن بعد.
من خلف شاشة الموبايل جلس أصدقاءه في السويد أمام الباربكيو والمشروبات المتنوعة. بينما جلس “حسام” في منزله يرتشف من كأس الشاي أمامه ويسخر معهم على الأحوال وكأس الشاي.
يقول الشاب الذي يعمل في مجال العمل التلفزيوني لـ”سناك سوري”، إنه لم يشعر بمثل تلك السعادة منذ مدة طويلة. ولا يخفي ألمه بمجرد انتهاء السهرة الافتراضية على أمل لقاء يدرك أنه لن يحدث، على الأقل في السنوات القليلة القادمة.
من خلف شاشة الموبايل جلس أصدقاءه في السويد أمام الباربكيو والمشروبات المتنوعة. بينما جلس “حسام” في منزله يرتشف من كأس الشاي أمامه ويسخر معهم على الأحوال وكأس الشاي
مشهد غوار يتكرر
في مشهد ملازم لذاكرة السوريين، يجتمع “غوّار” و”تحسين”و”أبو عنتر” في إحدى حدائق الشام. يحمل كل منهم وردة يهديها للآخر ويرفقها بعبارة التهنئة بمناسبة عيد الصداقة، قبل أن تفرقهم الأيام، الأيام ذاتها التي فرّقت السوريين عن أصدقائهم وعوائلهم اليوم. ويتكرر المشهد اليوم باختلاف الظروف والأحوال.
ربما لم يكن هنا داعٍ لإثارة الشجون، لولا أن اليوم 30 تموز هو اليوم العالمي للصداقة الذي يحتفل فيه الأصدقاء من حول العالم. لكن السوريين مختلفون كعادتهم لا ينطبق عليهم ما ينطبق على أبناء العوالم الأخرى. ففي الوقت الذي يحتفل به العالم بعيد للصداقة تعجز الأماكن كلها سواء الحديقة أو الشارع أو حتى زاوية الحارة على جمع أبناء الهوية السورية ويصبح مجرّد إيجاد بقعة تحتضن صداقتهم على هذه الأرض ضرباً من ضروب الخيال.
فهل سيلتم شمل الأصدقاء بعد غياب وتجمعهم حدود بلدهم بعد أن وقفت حدود الجغرافيا والسياسات أمامهم؟!