أخر الأخبارالرئيسيةيوميات مواطن

يوميات طالبة جامعية.. كل واحد فينا همو على قدو

ولسه بيقلولنا "نحن الجيل يلي ما اندعك".. جربتوا رحلة الجامعة اليومية؟

أنظر إلى مخدتي بنصف عين “نيالك ما عندك شنططة ودوام ومو طالبة متلي”، أُنهي سرديتي الصباحية عند الخامسة فجراً. موعد الاستيقاظ لبدء عملية الركض للحاق بالميكروباص، بوصفي طالبة جامعية تعيش الأزمات السوريّة. (كلو بيهون بكرة بتخرج وبصير موظفة قد الدني، تركض ورا الباص).

سناك سوري-هدى الحراكي

تشترك أمي معي بعملية الركض الصباحي، “هويتك لا تنسيها، تأكدي من جزدانك، دفترك، محاضراتك”. وكل هذا وأنا نصف نائمة بالكاد أتذكر من أنا، لكني لا أنسى سائق الميكروباص “المعصب دائماً من على بكرة الصبح، ويلي مستحيل ينطرنا إذا تأخرنا”.

كشابة جامعية تحلم بالمستقبل، دائماً أسأل نفسي، “إنو ليش بكل دول العالم، الناس بتفيق تحضر فنجان قهوة وبترّوق قبل ما تطلع من البيت. إلا عنا لازم نبلش ركض من جهجهة الضو؟”، بتجاهل السؤال وبتذكر أنه في كل دول العالم تقريباً، مشوار الألف ميل بيبدأ بخطوة، إلا مشوار الجامعة عنا بيبدأ بوجوه عابسة من الصبح.

محاولة إصلاح الباص – سناك سوري

لأن هذا يا سادة يا كرام، داخل الميكروباص من درعا إلى دمشق “الصحصحة إجبارية”. ذاك الذي يذهب لمتابعة علاجه بالمشفى. والآخر كرمى لبعض الأوراق الرسمية. وأم لزيارة ابنها في السكن الجامعي مع ما أمكن أخذه من المونة. وطلاب مثلي بعيون مغمضة في طريقهم إلى المحاضرات الجامعية. “وكل فينا واحد همو على قدو”.

أخيراً ها هي منقذتي، حافلة تصادف أنها تأخرت بالعودة لأنها كانت في ورشة تصليح. أبتسم وأركض نحوها شأن شأن كثر ينتظرون مثلي.

مرحلة اصطياد التاكسي

ومع الوصول إلى العاصمة تنتهي المرحلة الأولى من مراحل الوصول إلى الجامعة. وتبدأ مرحلة اصطياد التاكسي. وكأننا أمام مزاد، كل سائق يطلب أجرة على مزاجه، واحد 25 الف وآخر 35 ألف، للوصول من كراج درعا إلى كلية الآداب. (يا فتاح ياعليم لسا اليوم ما بلش وحطينا هالمبلغ).

كل تلك الدويخة التي أعيشها يومياً، تستنزف طاقتي وطاقة زملائي وزميلاتي قبل بدء المحاضرات التي يفترض أنها تتطلب طاقة عالية. وهنا أحاول أن أتفاءل وأتذكر القول المأثور “أن تضيء شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام”. ثم أعود للتشاؤم إنو والله عم نضوي لدات وطاقات وشمعات وفلاشات موبايل ولسا ماشفنا شي من النور.

على طريق دمشق درعا كانت محاولات الإصلاح مستمرة – سناك سوري

رحلة العودة.. وصلتونا لنص الشام وقطعتو الحبلة فينا

انتهى يوم دراسي كارثي جديد، أو هكذا أعتقد حتى أصل إلى الكراج عند الرابعة عصراً. لتبدأ عملية البحث هنا وهناك، قبل أن أنتبه أنه يصادف يوم الخميس، وما أدراكم ما الخميس.

أكثر من ساعتين ولا يوجد مواصلات، الحافلات تغادر الكراج باكراً أخر يوم بالاسبوع، ازدحام شديد، صعوبة مواصلات. أصحاب المكاري لا يلزمون أنفسهم بانتظارنا رغم أننا أهل وجيران أبناء بلدة واحدة، “وصلتونا لنص الشام وقطعتو الحبلة فينا” أقول وأصدح في داخلي “ويلي ويلي ويلي”.

أخيراً ها هي منقذتي، حافلة تصادف أنها تأخرت بالعودة لأنها كانت في ورشة تصليح. أبتسم وأركض نحوها شأني شأن كثر ينتظرون مثلي.

باغتني سؤال سيدة مسنة:  “مابعرف شو رح تفيدكم الدراسة البنت للبيت وللأولاد عاجبتك هالبهدلة يلي إنت فيها”.

“من وين إنتي ليش جاية ع الشام يسألني أحد الركاب”، أنظر إليه وأجيب أنا طالبة جامعية. وتبدأ رحلتنا ما إن وصلنا إلى جسر صحنايا توقف المكرو باص لعطل طارئ. بينما لفظ شحن موبايلي أنفاسه الأخيرة، وأحتاج أن أطمئن أمي التي “ممكن ساعتها تصير تفكر من وين بدها تجيب حق الفدية إذا تأخرنا شوي”.

نجحت بالتواصل مع شقيقتي باستعارة موبايل سيدة في الميكروباص، بقيت فوق رأسي حتى أنهيت المكالمة. الناس باتوا يخشون تقديم المساعدة ومع ذلك لا يترددون، من حقهم الخوف من السرقة وسط الحوادث الكثيرة التي نسمع بها.

جلسنا على حافة الطريق بمشاعر غريبة أنظر إلى نفسي، تارة أضحك وتارة تداهمني ذكريات بلدي اللطيف الذي كنا فيه يوماً ما أبناء عز. قبل أن تباغتني سيدة مسنة بقولها: “مابعرف شو رح تفيدكم الدراسة البنت للبيت وللأولاد عاجبتك هالبهدلة يلي إنت فيها”. لكن للحظة كدت أقتنع معها قبل أن تداهمني أفكار الجندر والنسوية وتحقيق النجاح.

الساعة السادسة والنصف بدأت الشمس تغيب، محاولات الإصلاح مستمرة. وأنا أحاول توثيق ما أمكن من الصور والفيديوهات. ثم تذكرت أيامي المملة في السعودية التي تخلو من أي مفاجأت. وقبل أن أستفيض أكثر وأصل لنقطة التعبير عن الشوق إلى الملل، سمعت السائق وهو ينادي “يلا يا اختي الكم ساعة بتنقو خلينا نمشي”.

زمالة سناك سوري 2024

زر الذهاب إلى الأعلى