
تتناقض تصريحات خبراء زراعيين مع قرار وزير الزراعة السابق “محمد طه الأحمد” القاضي بإلغاء الوحدات الإرشادية، ويعتبرون أن تلك الوحدات تشكّل صلة الوصل الأساسية بين الفلاح والبحث العلمي، وأن غيابها ينعكس سلباً على تطوير الإنتاج الزراعي ونقل التقانات الحديثة إلى الحقول، ما يجعل القرار واحداً من الأخطاء التي يفترض تصويبها بالاستناد إلى دراسات واقعية واحتياجات المزارعين الفعلية.
سناك سوري-دمشق
مطلع العام الجاري، كشف وزير الزراعة السابق، عن هيكلية جديدة للوزارة تقوم على فصل الصلاحيات وتحديد عمل المديريات المركزية والفرعية، وكشف حينها عن إلغاء الوحدات الإرشادية والوحدات الدائمة وفق ما نقلت عنه صحيفة الثورة حينها.
اليوم وبعد مضي نحو 9 أشهر من القرار، لا يبدو أنه كان صائباً تماماً، إذ نقلت صحيفة الحرية عن الخبيرة الزراعية “انصار الجباوي”، قولها مؤخراً إن الإرشاد الزراعي والبحوث صمام الأمان للزراعة، منتقدة غيابهما منذ زمن بعيد عن مشكلات الفلاح.
وبناء على تصريح “الجباوي”، فإنه كان من المفترض أن تلحظ عملية الهيكلة الجديدة للوزارة بعد سقوط النظام، إعادة تفعيل الإرشاد الزراعي وليس إلغائه، حيث تقول “الجباوي”، إن «أهمية الدور التكاملي بين الإرشاد الزراعي وهيئة البحوث الزراعية تكمن في تطوير ونقل التقنيات الزراعية الحديثة بكفاءة إلى المزارعين، وتشخيص مشكلات القطاع الزراعي لتوجيه البحوث نحو حلول عملية، وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة وزيادة الإنتاجية».
وأضافت أن «البحوث العلمية الزراعية والخدمات الإرشادية والاستشارية هما جهتان أساسيتان في زيادة الإنتاجية وتطوير سلسلة القيمة الزراعية وتعزيز النمو الزراعي المستدام».
ولا يختلف رأي رئيس دائرة الإرشاد والتعليم الزراعي في زراعة اللاذقية، “أكرم روجيه” عن رأي “الجباوي”، إذ قال مؤخراً في تصريحات نقلتها صحيفة الوحدة أن «العلاقة بين المرشد الزراعي والمزارع يجب أن تكون كالعلاقة بين المغناطيس وبرادة الحديد، تقوى بقوة المرشد وتضعف بضعه، وهذا ما يفرض وجود مرشدين متخصصين وذوي خبرة عالية في مجالات الخدمة والإنتاج والوقاية والتسويق».
استناداً إلى التباين بين قرار وزير الزراعة السابق، وبين رأي الخبراء، لا يبدو أن قرار إلغاء الوحدات الإرشادية كان مبنياً على تقدير سليم، بل عاكساً لغياب الدراسات الميدانية التي تستند إلى واقع الفلاح واحتياجاته، الأمر الذي يطرح مجدداً أهمية إعادة النظر بالقرار، وتصويبه بما يضمن عودة هذه الوحدات إلى أداء دورها الأساسي كحلقة وصل بين البحث العلمي والحقول الزراعية، وبما يعزز الثقة بالسياسات الزراعية ويعيد للقطاع قدرته على النهوض بدوره الاقتصادي المنشود.
يذكر أن عملية إعادة الهيكلة التي أعلنت عنها حكومة “محمد البشير” تضمنت أيضاً، منح موظفين كثر في القطاع العام إجازة مأجورة، استمرت 6 أشهر قبل أن تعيد الحكومة الجديدة الموظفين وتلغي إجازاتهم، ما يطرح تساؤلات جدية عن صوابية عملية إعادة الهيكلة وفيما إن تمت بطريقة مدروسة.