أثارت تصريحات المفتش في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، محمد عتمة”، سجالا واسعاً، وأعادت طرح التساؤل القديم الجديد، “لماذا لا يتم الكشف عن أسماء الفاسدين من كبار الشخصيات، أسوة بكشف صغار الفاسدين”.
سناك سوري-خاص
“عتمة” قال في تصريحات إذاعية لبرنامج المختار عبر المدينة إف إم، إنه تمت محاسبة العديد من كبار الشخصيات، وأكد أن القوانين والأنظمة و”التعليمات” لو كانت تسمح له لكان قد ذكر تلك الأسماء، وطرح مثالا عن قضية فساد في وزارة التربية بين عامي 2017 و2019 وتحصيل 105 مليار ليرة منها، دون أن يذكر اسماً واحدا فيها.
قاضي التحقيق المالي الأول في “دمشق”، “فؤاد سكر”، والذي شارك “عتمة” الحلقة ذاتها، قال إنه لا يمكن ذكر أسماء حالياً، انطلاقا من مقولة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وإن كانت مقولة “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، منطقية ولا يجب التشهير بالناس قبل التأكد، ماذا عن قضايا الفساد التي ثبتت بالدليل القاطع كما في قضية وزارة التربية، ما الذي يمنع مشاركة المعلومات وأسماء الفاسدين فيها مع الرأي العام.
اقرأ أيضاً: بعد كل فضيحة.. المسؤول لا يستقيل “هلا مو وقتها”
وزارة الداخلية
تغص صفحة وزارة الداخلية، بالعديد من القضايا والجرائم الإلكترونية والسرقات والقتل وغيرها، كذلك بالكثير من الصور التي تظهر خلفيات المجرمين، وحتى الأحرف الأولى من أسمائهم، فما الذي يمنع أن تنشر كذلك نتائج تحقيقات مع المسؤولين الفاسدين الذين تثبت إدانتهم، مع وضع صور خلفياتهم والأحرف الأولى من اسمهم، هل القانون الذي يسري على مواطن عادي من غير المسموح أن يسري على مواطن مسؤول؟!.
فساد الـ50 ليرة
في العام 2018، ضجت السوشل ميديا بمقطع فيديو متداول، لوزير الداخلية حينها “محمد الشعار”، وهو يمسك بأحد الفاسدين من فئة 50 ليرة في مديرية الشؤون المدنية في “حلب”، ونادى على أحدهم لينظم ضبطا بالحادثة، وأكد أن “الفاسد أبو 50 ليرة” سيودع في السجن على “جريمة” فساده تلك.
وللمفارقة الغريبة فإن حكاية “الفاسد أبو 50 ليرة”، كانت تحدث بالتزامن مع عملية فساد أخرى بمليارات الليرات السورية في وزارة التربية، إلا أن أحدا لم يمسك كاميرا جوال او كاميرا تلفزيون ليصور حادثة اكتشاف الفساد بالوزارة، ولا حتى ظهر اسم أو شكل الفاسدين في الفيديو، فهل القوانين التي سرت على ذلك المواطن من غير المسموح أن تسري على كبار الموظفين الحكوميين كالوزراء والمدراء العامين وسواهم؟.
اقرأ أيضاً: وزير الداخلية يوعز بإدخال “الفاسد أبو 50 ليرة” السجن والكاميرا تُسجل الواقعة!
الفساد والإعلام
مؤخرا بدأت الإخبارية السورية بكشف قضايا فساد، من بينها تصوير قضيتي فساد، الأولى لسائقي التكاسي الذين لا يلتزمون بالتسعيرة، والثانية عن فساد ممرضة تتعامل بازدراء مع المراجعين، وفي كلتا الحالتين كانت وجوه الشخصيات المستهدفة تظهر بشكل واضح أمام الكاميرا.
لماذا لا يبحث الإعلام الرسمي عن قضايا الفساد الكبيرة، لماذا لا نرى أو نسمع تقارير وبرامج مشابهة عن فساد كبار الشخصيات التي تحدث عنها كل من المفتش “عتمة”، والقاضي “سكرية”، (عفوا كنا قد نسينا ما قالاه، من أن القوانين والتعليمات لا تسمح).
اقرأ أيضاً: 129 مليار ليرة قيمة الفساد بوزارة التربية.. ماذا لو أن مليارات الفساد ذهبت لأماكنها؟