«الله موجود في سوريا» جملة قالها أستاذي الجامعي عندما كنت طالبة في كلية الإعلام. أستعيرها اليوم استعارة دون تعفيش. لأنني وكل من في سوريا نعي وجوده فعلياً بكل شاردة وواردة ببلدنا (قصدي الله مو التعفيش). فأمورنا تسير بقدرة قادر؟!.
سناك سوري- مؤمنة وواعظة
في سوريا قُلبت الأشياء على نواميسها فالبلاد التي كانت مكتفية ذاتياً بالزراعة لم تعد كذلك. تخيلوا يرعاكم الله! كيلو الثوم بـ 15 ألف ليرة سورية. قبل ثلاثة عشر عاماً كان مبلغ 15 ألف ليرة سورية يعادل 300 دولار أمريكي بينما اليوم المبلغ ذاته يساوي دولار ونصف. وراتب الموظف السوري الحكومي يساوي “ست خمسطعشات” الراتب يعني عشر دولارات. دولار ينطح دولار.
حقاً الله موجود في سوريا فبلادنا فيها التعليم والطبابة بالمجان ليس بالمعنى الحرفي للكلام وإنما مجازياً وخطابياً. فتخيلوا يرعاكم الله يا جماعة أن الذهاب إلى أي طبيب يكلف أكثر بكثير من 15 ألف ليرة أصلاً ما بيقبل الدكتور بهل معاينة ولو مسموح يقبض دولار ما كان قصر.
يعني بالورقة والقلم أقل روحة على أي دكتور مو أقل من مية ألف ليرة سورية. يرحم أيام الخمسمية ورقة القديمة (أم الطربوش) شو كان فيها بركة وشو كانت تعمل.
بالمناسبة صحن السلطة بيكلف أكتر من دولار حتى لو اشتريت بالحبة مو بالكيلو. وحتى سندويشة الفلافل بنصف دولار هي إذا ما جنت ونطت اليوم حاكم كل ساعة الأسعار شكل. وفي اثنين بلا ما منذكر أسماؤهم عم يلعبوا فينا متل توم وجيري لعبة القط والفار.
حياتنا صارت دولاراتية وقابلة للارتفاع دون انخفاض والعرف التجاري بالسوق ماشي على مبدأ البضاعة التي يرتفع سعرها لا يمكن لها أن تنخفض. يعني حتى ولو انخفض السيد دولار. ومع هيك عايشين بس كيف؟ (عايشين لأن الله موجود بسوريا).
الله موجود بسوريا
حقاً الله موجود بسوريا لأن عشر دولارات عم تحمي المواطن السوري من الموت جوعاً وقهراً. وإذا لسه في حدا عم يشك بوجود الله فليأتي إلى سوريا ويشوف بعينه. ويلي مو مصدق يتفضل يقلنا كيف ممكن 10 دولارات تدفعلك كموظف حكومي أجار بيت ومواصلات ومصروف الأولاد وتكاليف دراستهم وفاتحتلك بيت بمفتاحه من الباب للطاقة. (الطاقة هون بمعنى فتحة في الجدار وليس الكهربا لأن هي من المفقودات).
حقاً الله موجود في سوريا لأن عشر دولارات عم تدفع فيها فاتورة كهرباء يلي ما عم تجي والمي يلي عم نحلم نتحمم فيها. والموبايل يلي عم نحكي فيه ألو ونتفسبك منو .موقع سناك سوري.
يا جماعة بكل ثانية وأنا في سوريا كصحفية سورية حصنتُ نفسي حتى اللحظة من الإصابة بجرثومة الغربة التي أُصيب بها أبناء جيلي. و بالرغم من أنف التقنين الكهربائي وخدمة الإنترنت البغيضة وهموم المعيشة والراتب الذي يطير أسرع من الصقر وبخفة العصفور. أعمل وأكتب وأستشهد أن الله موجود في سوريا.
كيف الراتب عم يكفي؟ وكيف عايشين السوريين؟ هي الأسئلة يجب أن يُخصص لها جائزة بالدولار لمن يستطيع الإجابة عليها بالشكل الصحيح. وبالنسبة لي أنا كاتبة هذه السطور الإجابة «الله موجود في سوريا».