هلسنكي.. قمة الضجيج – مازن بلال

قمة “ترامب بوتين” أظهرت أربع أمور رئيسية تعرف عليها:
سناك سوري – مازن بلال
بدت قمة الرئيسين الأمريكي “دونالد ترامب” والروسي “فلاديمير بوتين” محاولة لكسر روتين العلاقة الدولية، فهي جاءت بعد الخلافات التي انفجرت ما بين “واشنطن” وحلفائها الغربيين خلال قمة دول حلف شمال الأطلسي، ولكن في نفس الوقت فإنها لم تقدم سوى “المبادرة” بحد ذاتها، وقدرة كل من “واشنطن وموسكو” على التعامل بكثير من الواقعية مع الخلافات القائمة بينهما، فاللقاء لم يفسح المجال لتفاهمات جديدة وكل ما قدمه هو جدولة الخلافات، ومن منظور أمريكي كان تحد حقيقي لإدارة الرئيس “ترامب” في تجاوز كل الانتقادات والعودة مجددا للقاء المباشر.
عملياً فإن الخلافات بين “الكرملين والبيت الأبيض” تعبر عن آلية لكسب الحلفاء، فالطرفين يعتبران أنهما ضمن محاور تحتاج لبناء علاقات دولية تحقق أعلى درجة من المصالح، والتعبير الديبلوماسي عن هذا الأمر غالبا ما يظهر في نوعية التمثيل القائم بين البلدين، فالاتهامات التي يتم تبادلها غالبا ما تعكس عدم القدرة على تظهير خلافات استراتيجية بين الطرفين، والحديث عن نشاط استخباراتي “روسي” داخل “الولايات المتحدة” يقدم مؤشرا على أزمة في تحديد محاور الخلاف بين البلدين.
في قمة “هلسنكي” انصبت الأسئلة حول الموقف الأمريكي الجديد تجاه “روسيا” ، فخلال المؤتمر الصحفي اتضح أن تحديد الخلافات رسم أولويات بالنسبة للجانبين، وخلال المؤتمر الصحفي أوضح كلا الرئيسين الفجوة التي تحكم مواقف موسكو وواشنطن، حيث ظهرت أربع أمور أساسية:
الأولى أن التباين في المواقف سيبقى حالة طبيعية طالما أن هناك أقطاب دولية، ولكن الحالة الفارقة هي عدم جعل الخلافات مبررا لتصعيد النزاعات في العالم وعلى الأخص في “أوكرانيا وسوريا” على وجه التحديد.
الثاني وضع التفاوت في المسألة الاقتصادية وعلى الأخص الطاقة ضمن موقعها الصحيح في التناقض بين البلدين، فالرئيس “بوتين” أسهب في شرح هذه النقطة التي تبدو حساسة بالنسبة لروسيا، وتنعكس على علاقاتها مع “إيران” بالدرجة الأولى، “فموسكو” لا يجمعها مع “طهران” حلف ضد توجهات الرئيس “ترامب” ، إنما تقاطع مصالح اقتصادية متعلقة بأسواق الطاقة.
الثالث هو أن “الولايات المتحدة” لا تفتح صفحة جديدة مع “روسيا”، إنما تمارس السياسة الواقعية التي كانت سائدة حتى في ذروة الحرب الباردة، فالعداء من الديمقراطيين وحتى الجمهوريين للرئيس “ترامب” تم رسمه على أساس الصراع مع “روسيا”، وهذا الأمر يبدو خارج مألوف السياسة الدولية، وفي قمة” هلسنكي” ظهرت مواجهة تخص الرئيس الأمريكي من أجل وضع العلاقات بين البلدين في موقعها الصحيح.
الأمر الأخير هو أن رهانات الرئيسين لم تكن منصبة على إيجاد تحول عميق في العلاقة الروسية الأمريكية، بل بفتح قنوات من أجل ضمان عدم انجراف الأمور باتجاهات كارثية، فالخلافات بقيت كما هي ولكن تم تحديد مصالح البلدين داخلها.
في المقابل ظهرت “سورية” في هذه القمة بشكل عابر خلال المؤتمر الصحفي، وتم التركيز على البعد الإنساني في الأزمة، مما يوحي بأن التفاصيل السياسية ستبقى ضمن الجدل الدائر والتجاذب الإقليمي والدولي، ولكن الواضح أن إنهاء التصعيد العسكري هو مسألة محسومة حتى ولو لم يصرح عنها، وعلى الأخص مع الحديث عن أن التواجد الأمريكي في سورية سينتهي في تشرين الثاني القادم.
في “هلسنكي” تجددت مصاعب الرئيس الأمريكي مع خصومه في الداخل الأمريكي، لكنها في المقابل أتاحت فرصة لتبريد الجبهات الدولية ومنحت أيضا مجالا لوضع الخلافات ضمن سياق طبيعي بعيدا عن الحملات الإعلامية على الأخص داخل الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً : كاتب سوري: قمة ترامب – بوتين هزيمة الأول وعدم انتصار الثاني