هزيمة المعارضة السورية .. محمد سيد رصاص

“موسكو” هي المنتصرة الوحيد في “سوريا”، والإسلاميون أفشلوا المعارضة
سناك سوري – متابعات
توقع الكاتب السوري المعارض “محمد سيد رصاص” أن تكون التفاهمات أو المعارك في “إدلب” و”شرقي الفرات” قريبة، وبفواصل زمنية ليست ببعيدة كما جرى في “الغوطة”، و”الجنوب السوري”، معلناً هزيمة المعارضة السورية التي تحكّم بها الجناح الإسلامي والتدخلات الخارجية التي أبعدتها عن خطها المعارض السلمي.
وكان حال المعارضة المتمثلة بـ”هيئة التنسيق” حسب “رصاص” جيداً «لولا أنها وازنت بين الخط المعارض السلمي الديمقراطي في مواجهة “المجلس الوطني”، و”الائتلاف” والتنظيمات المسلحة بين عامَي 2011 و2015. خاصة بعد انخراطها في “مؤتمر الرياض 1” في كانون الأول 2015، وما أعقبه من تشكيل “الهيئة العليا للمفاوضات”، حيث ضعف تمايزها رغم أن تلك “الهيئة” ليست تحالفاً سياسياً، بل هي كيان تفاوضيّ وظيفي تم استحداثه وفق مقررات لقاء “فيينا” في تشرين الثاني 2015، ثم صادق عليه في الشهر التالي القرار الدولي 2254. كان من الممكن ألا تكون هناك سوى هزيمة للإسلاميين ولخط السلاح المعارض، ومن والاهما فقط، وليس هزيمة لـ”المعارضة السورية” كلها كما هي الحال الآن».
وفنّد الكاتب بداية الحراك في “سوريا” في آذار 2011، والخطوات التي جعلت “المعارضة السورية” تصل إلى الهزيمة، حيث قال حسبما جاء في جريدة “الأخبار” اللبنانية: «كان هناك خطان معارضان: خط إسقاط النظام عبر استجلاب “التدخل العسكري الخارجي” و”السلاح المعارض”، وكان الثاني عود ثقاب لاستجلاب الأول بعد إشعال الحريق.
انخرط في هذا الخط الإسلاميون و”إعلان دمشق” الذين أسسوا “المجلس الوطني” في 2 تشرين الأول 2011، ثم وريثه “الائتلاف” عام 2012، وقد لاقى هذا الخط تأييداً من كثير من التنسيقيات ومن “الفصائل المسلحة”. والخط الثاني هو خط يرفض التدخل العسكري الخارجي وخط السلاح المعارض، ويقول بأن الحراك المعارض والأزمة السورية العامة يمكن أن يتيحا مجالاً للضغط على السلطة السورية من أجل عقد تسوية بين المعارضة والسلطة تتيح المجال لتعبيد طريق انتقالي نحو تغيير جذري في الأوضاع السورية القائمة باتجاه نظام سياسي جديد».
اقرأ أيضاً في أيلول تنتظرنا “أم المعارك”
وبحسب “رصاص” كان “المجلس الوطني” مدعوماً من “تركيا”، و”قطر”، وإلى حد ما “واشنطن”، و”باريس”، وكان الإسلاميون الذين يقودونه يظنون بأن وصولهم إلى السلطة في “تونس”، و”القاهرة” سوف يصبح ثالوثاً مع “دمشق”. وكان دخول “طهران” في دعم “السلطة السورية”، ثم “موسكو” منذ “فيتو” 4 تشرين الأول 2011، مع الحذر السعودي المتوجس من صعود “الإخوان المسلمين” إلى السلطة في “تونس”، و”مصر”، يقول بأن هذا التثليث مستحيل التحقق سورياً، خاصة مع القاعدة الاجتماعية القوية للسلطة السورية التي شملت الفئات الغنية والوسطى من سُنّة المدن وكل الأقليات، ما عدا “الأكراد”، إضافة إلى تماسك بنية أجهزة السلطة في “دمشق”. وعلى الأرجح، كانت “واشنطن” تدرك ذلك، ولا تريد أن يتكرر ما حصل بـ”مصر” في “سوريا”، وكانت لا تريد من انخراطها في الصراع سوى “تغيير سلوك النظام السوري وليس تغييره”، وهو ما لم تقرأه المعارضة بشكل صحيح.بحسب الكاتب أيضاً.
وقال “رصاص”: «اتفقت “واشنطن”، و”موسكو” على تسليم الأخيرة الملف السوري في 7 أيار 2013، ونزع يدي “تركيا” من أن تكون وكيلة “واشنطن” في الملف السوري، واتفاق الجانبين على “الكيماوي السوري” الذي تجسد في القرار 2118 والذي قاد إلى “جنيف 2″، ثم في الدخول “العسكري الروسي” في 30 أيلول 2015 الذي قاد إلى القرار 2254 الذي انبنى عليه “جنيف 3″. حيث تم تبليغ دولي لـ”الائتلاف”، و”هيئة التنسيق” بأن “واشنطن” قد تخلت عن مطلب تغيير الرئيس السوري. ولكن فشل “جنيف 2” بسبب التشاحن الروسي ــــ الأميركي مع اندلاع الأزمة الأوكرانية في شباط 2014، وفشل “جنيف 3” بسبب “الرباعي “رياض حجاب ــــ فاروق طيفور ــــ جورج صبرة ــــ سهير الأتاسي” الذين قادوا عملية متعمدة، مع سكوت متعدد الأسباب من باقي أعضاء “الهيئة العليا للمفاوضات” وأعضاء الوفد المفاوض المعارض، لتفشيل المفاوضات بدعم “تركي ــــ قطري”، وإيقافها من طرف واحد في نيسان 2016، في وقت كان قد اتفق فيه بين “واشنطن” و”موسكو” على أنه في حال استنفاذ فترة ستة أشهر من المفاوضات من دون التوصل الى حل بين طرفَي المفاوضات السورية، أي في نهاية تموز 2016، أن يقوم الأميركيون والروس بتقديم حل مفروض على طراز حل “دايتون” في “يوغوسلافيا” عام 1995.
وتوحي التفاهمات الأمريكية – الروسية بحسب الكاتب أيضاً «أن هناك تفويضاً أميركياً لـ”موسكو” في الملف السوري، وما الوجود الأميركي في “شرق الفرات” سوى لمقايضة إنهائه، مقابل موافقة “موسكو” على مواجهة “طهران” في “سوريا”.
وهذه التفاهمات الأميركية ــــ الروسية لن تقفز فوق بند الانتقال السياسي نحو نظام حكم جديد الذي جاء به القرار 2254، حسب ما توحي الكثير من المؤشرات، باتجاه “حكومة وحدة وطنية” تقود إلى تغييرات في الحكومة، وليس في نظام الحكم».
ويختم الكاتب المعارض مقالته المطولة في “الأخبار” اللبنانية بالقول: «هناك “انتصار روسي” في “سوريا”، وهزيمة للمعارضة التي فشلت في تحقيق كل ما أعلنته عبر رأسها الذي كان هو “المجلس الوطني”، ثم “الائتلاف”. كان بإمكان هذه الهزيمة أن لا تكون لكل المعارضة السورية لو كانت “هيئة التنسيق” قادرة الآن على أن تزيح “الائتلاف” عن مقود مركب المعارضة السورية، وهو ما لا توحي به المؤشرات القائمة.
ليس هناك منتصر سوري في “سوريا” إن استطاعت المعارضة أن تلمّ شتاتها بعيداً عن “الإسلاميين”، فمن الممكن أن تجعل الرياح الدولية تلك الهزيمة ليست مترجمة ميكانيكياً في التسوية السورية النهائية للأزمة».
يذكر أن الكاتب والمفكر السوري المعارض “محمد سيد رصاص” قد قضى سنوات طوال في السجون السورية، وله كتب ودراسات عديدة، وملم بتاريخ الاتحاد السوفييتي وروسيا بشكل كبير، وله دراسات عن الحركات الاسلامية وخاصة “الأخوان المسلمين”.
اقرأ أيضاً الليبراليون الجدد في سوريا – محمد سيد رصاص