سناك سوري – خاص
يصادف اليوم السابع عشر من شهر تشرين الأول ذكرى وفاة الفنان السوري الكبير “نهاد قلعي” أو “نهاد قلعي الخربوطلي” الذي عرف بشخصية “حسني البورظان”، الذي قدم أدواراً فنية أمتعت الجمهور ورحل وهو مستحق للقب أحد أهم أعمدة الدراما السورية وعراب الكوميديا السورية.
ولد “نهاد قلعي” في حي “ساروجة ” في العام 1928 بمدينة “دمشق”، وكان سابقاً يعمل بالتجارة إلا أنه تركها ليلتحق بالفن الذي أحبه منذ مراحل طفولته وجسد مسرحيات غناها على مسرح مدرسته، كما شارك في عدد من المجالات الفنية كالسينما والمسرح والكتابة والإخراج والإنتاج والبرامج التلفزيونية.
بداية حياته الفنية كانت من المسرح ثم التلفزيون والسينما، وتوفي في العام 1993 تاركاً إرثاً فنياً عظيماً والذي أسر بموجبه قلوب السوريين والجماهير التي أحبته في العالم العربي.
في لقاء أجري معه في العام 1978 ضمن برنامج “سهرة مع فنان” أكد الفنان “قلعي”، أن شخصية “حسني البورظان” التي ظهر فيها بمظهر الإنسان الطيب الذي يفضل الآخرين على نفسه هي ذاتها شخصيته الحقيقية أو نسخة طبيعية عنه باستثناء أنه في الحقيقة “أقل جدبة” حسب تعبيره، لافتاً إلى أن هذه الشخصية تسببت له أحياناً بالإحراج مستذكراً موقفاً حصل معه في “بيروت” حيث اقتربت منه سيدة في الشارع وسألته أنت لست برجل، فرد عليها يبدو أنك مخطئة فقالت له :لا، أنت لست رجل وليس لديك إحساس، موعيب عليك هاد النص دكة (أي غوار الطوشة)، يضحك عليك مانك رجل دافع عن نفسك، فأجابها :«ياأختي الدور بيتطلب هكذا لكن في المرات القادمة سأحاول».
اقرأ أيضاً: حسن دكاك..عمل فراناً في بداية حياته وأصبح صاحباً لفرن باب الحارة
شارك “قلعي” في كتابة الكثير من الأدوار التي مثلها، مؤكداً أن شخصيته ككاتب لاتختلف كثيراً عن شخصيته كفنان
ويمكن اعتبارهما متممين لبعض، لافتاً إلى أنه مع مجموعة من الرفاق شكلوا فرقة مسرح صغيرة تمكنت من تمثيل “سوريا” في “مصر” وهو ما أدى لاحقاً لتأسيس المسرح القومي في “سوريا”
تمكن “قلعي” مع “دريد لحام” من إمتاع الجمهور المولع بالكوميديا، وأوصلوا من خلال أعمالهم كلمة هادفة، فالفن الكوميدي حسب وصفه له غايتان إضحاك الجمهور وإيصال كلمة.
لم يكن “قلعي” معجباً بنفسه بنسبة مئة بالمئة وكان ينقد ذاته بشكل دائم، منوهاً بأن شخصية “البورظان” لم تؤثر عليه عائلياً بل كان حازماً في المنزل لكن بلطفه وإنسانيته المعروفين عنه، لافتاً إلى أنه أحس بالندم في لحظات لتركه التجارة والتوجه للفن وقد وصف هذه اللحظات بلحظات الضعف لأن عمله الفني أفقده الكثير من حريته الشخصية.
يذكر أن الفنان “قلعي” كتب مسرحيات وشارك في فرق التمثيل المدرسية أسس مع عدد من زملائه النادي الشرقي وكان من أول أعماله المسرحية الأستاذ كلينوف، اكتشف من خلاله الحس الكوميدي للفنان “قلعي”، شارك في تأسيس المسرح القومي السوري في العام 1960، بداية شراكته مع “دريد لحام” كانت من عمل باسم “سهرة دمشق” ، ثم بدأ ظهور شخصيتي”حسني البورظان” و”غوار الطوشة” في أعمال درامية كتبها وشارك فيها فخلدت في الذاكرة السورية والعربية أبرزها “مقالب غوار” و “صح النوم” و “حمام الهنا” أما سينمائياً فشارك في 24 فيلماً من كبار النجوم المصريين والعرب، كما لعب عبر فرقة تشرين دور البطولة في المسرحيتين الأكثر شهرة وهما “ضيعة تشرين” و “غربة”.
تعرض نهاد قلعي لحادث ضرب على رأسه في شجار جعله جليس الفراش في حالة شلل أوقفته عن إكمال مسيرته الحافلة، وحوله إلى كاتب قصص للأطفال نشرها في مجلة “سامر”.
و رغم حياته الصاخبة و نجاحاته الواسعة و الشهرة التي نالها رحل نهاد قلعي بصمت عام1993.
و في العام 2008 بعد رحيله بـ 15 عاماً تم منحه وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى و عام 2016 أطلقت محافظة دمشق اسم نهاد قلعي على أحد الشوارع في منطقة المهاجرين.
لم يكن نهاد قلعي وحيداً في قائمة المبدعين الذين يرحلون ضحايا النسيان و التهميش ثم يتم تكريمهم و هم في القبور، ولايبدو أنه سيكون الأخير.
اقرأ أيضاً: أنور البابا.. الذي تنّقّل بين وظيفته بمجلس الوزراء وشخصية أم كامل