مواقع معارضة تحوّل فيديو لمعاناة مذيعة سورية لمادة سياسية!
معاناة السوريين ليست مادة للانتقام السياسي.... خطاب الكراهية لا يتوقف
سناك سوري-رحاب تامر
استثمرت مواقع إعلامية سورية معارضة، مأساة مواطنة سورية، محولة معاناتها التي يتشارك معها بها السواد الأعظم من السوريين في مختلف مناطق سوريا، إلى مادة سياسية، وتجاهلت تلك المواقع العمق الإنساني ربما فقط لأن تلك المواطنة “موالية”.
المواطنة هي مذيعة سورية في إذاعة “دمشق”، اسمها “رنا علي”، وكانت قد نشرت عبر صفحتها الشخصية قبل عدة أيام فيديو، تشرح فيه معاناتها مع “جرة الغاز”، التي اضطرت لقطع مسافة طويلة مشياً من “مزة 86” إلى “الشيخ سعد” كي تحصل عليها، لتستطيع توفير ثمن أجرة التاكسي البالغ 5000 ليرة سورية، خصوصاً أنها ستشتري جرة الغاز بـ70 ألف ليرة، كون لم تصلها رسالة الجرة منذ 90 يوماً، بحسب تعبيرها.
تقول المذيعة السورية إنها تدرك بأنها “رح تنعفط” بعد هذا الفيديو ربما، وتضيف: «انو طبيعية هالحياة انو ليش مانا قادرين نستثمر خيرات بلدنا، لانو عنا بعض الفاسدين عميسرقونا ويسرقوا خبزنا وميتنا وكهربتنا».
اقرأ أيضاً: سوريا.. تقاسم الوجع – أيهم محمود
المذيعة السورية، تحدّثت بالكثير، عن راتبها الذي لا تقبض منه سوى 44 ألف ليرة، وعن الهجرة ولماذا يرغب السوريون بالهجرة، والأهم لماذا ينجحون في بلدانهم الجديدة، وتوجه رسالة أخيرة: «عندي كتير حكي بس يملّ خلص يا جماعة ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء والله العظيم حرام».
معاناة “علي” تلك يتشارك معها بها ملايين السوريين الآخرين، وهي معاناة إنسانية عميقة تسببت بها الحرب وتبعاتها من حصار وعقوبات، دون تجاهل الفساد ودوره في زيادة حجم المعاناة، وبدلّ تحويل الفيديو لمادة إنسانية، حرصت مواقع إعلامية معارضة على استثمارها سياسياً، بالنسبة لهم أن تخرّج مواطنة “موالية” لتتحدث بهذه الطريقة لهو مكسب عظيم لا يمكن تجاهله، إنما حجم المعاناة الإنسانية في الفيديو لم يرّ ولن يرّى أبداً لصالح تسييس الوجع واستغلال الحدث.
معاناة “علي” ليست سياسية، ولا تعتبر مياه عكرة للتصيّد بها، إنما هي أوجاعنا وأحاسيسنا كسوريين رازخين تحت الحرب، ليست ثروة سياسية، ولا “تعلّيم” لطرف على حساب طرف آخر، نحن بشر تلك قضية تحتاج من صحفيي بعض المواقع الإعلامية إلى “دم” فقط ليدركوها.
وللأسف فإن تسييس الوجع السوري مستمر بعدد كبير من الوسائل الإعلامية، كما فعلت الإخبارية السورية مؤخراً بوصف السوريين في “تركيا” بـ”المرتزقة” عوضاً من التركيز على معاناتهم من العنصرية هناك، وهو ما دفع عدد كبير من الإعلاميين السوريين داخل مناطق سيطرة الحكومة لإدانة ذلك الخطاب الذي وصف بخطاب كراهية، في وقت يحتاج فيه السورين إلى خطاب إعلامي يحترمهم ويحترم إنسانيتهم، سواء من قبل الحكومة أو المعارضة، وسواء كانوا معارضين أم موالين.
اقرأ أيضاً: الإخبارية السورية تصف سوريين في تركيا بمرتزقة أردوغان